وما عند الله خير وأبقى
كما هو معلوم ان الإنسان فبتلى منذ ولادته حتى موته وهذه سنة الله ( ولن تجد لسنة الله تبديلا ) وهو القائل (تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير * الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا ) والفوز والفلاح لمن أحسن عملا لأن العمل الصالح منجاة في وقت المحن قال رسول الله ( بادروا بالأعمال فتنا كقطع الليل المظلم ( يعني بالأعمال الصالحة ) يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا يبيع دينه بعرض من الدنيا ) أي يبيع دينه من اجل قليل من حطام الدنيا الزائلة وهذا يؤكد أن الأعمال الصالحة منجاة للمرء في وقت الضيق عندما تنقطع به السبل لأن الله قال وقوله حق يناسب كل زمان ومكان وعلى كل حال ( أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أمن أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم والله لا يهدي القوم الظالمين ) وإن كانت هذه الآية تخص المنافقين الذين بنو مسجد ضرار من أجل ابعاد الناس عن مسجد رسول الله ولكن لها معنى عام ومن معانيها إن الإنسان الذي كرس حياته لطاعة الله والعمل الصالح وقام على أمور العباد بكل خير وخدم مصالحهم خير ممن افسد في الأرض وحرق الأخضر واليابس فالأول يكون في رعاية الله وكنفه وقد كتب ربنا على نفسه ( كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز ) أما الثاني : المفسد في الأرض .فقد وعده الله بالخسارة قال تعالى( والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار ) وقال ( الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك هم الخاسرون ) وعهد الله ميثاقه هو القيام بخلافته في الأرض بالعدل فمن خان عهد الله وأفسد في الأرض يبغضه الله قال تعالى ( إن الله يدافع عن الذين آمنوا إن الله لا يحب كل خوان كفور ) وهذا فهم تعارفت عليه الأمم السابقة وحتى العرب قبل الإسلام فلما نزل الوحي على رسول الله في غار حراء لأول مرة وقال له ( اقرأ *باسم ربك الذي خلق ) وعاد الى بيته يقول لهم ( زملوني , زملوني ) وظن أنه سيموت أو يحل به شيء لأنه لم يكن يعرف الوحي من قبل قالت له زوجته خديجة ( كلا والله , لا يخزيك الله أبدا , إنك لتصل الرحم , وتحمل الكل ,( أي تتحمل أثقال الفقراء والضعفاء والأيتام بالإنفاق عليهم واعانتهم بالمال ) وتكسب المعدوم , وتقري الضيف , وتعين على نوائب الحق ) وكلما زاد المرء بالعمل الصالح زاده الله قوة ومنعه وزاده من نعيمه وهو القائل ( لإن شكرتم لأزيدنكم ) وشكر الله يقوم بالعدل مع الله بعبادته والعدل مع العباد بمحبتهم والقيام على مصالحهم والله تعالى قال ( مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم ) ولا يمنع من المبادرة بالعمل الصالح أي حال من أحوال العبد فكل على قدر طاقته واستطاعته ( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها * لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ) فصحابة الرسول خرجوا مع رسول الله الى بدر فكيف كان حالهم ؟ وصفهم رسول الله وهو يدعو ربه قبل المعركة ( اللهم إنهم حفاة فاحملهم , اللهم إنهم عراة فاكسيهم , اللهم إنهم جياع فأطعمهم ) ولما وصلوا الى هذا الحال ؟ لأنهم هجروا من ديارهم في مكة وتركوا خلفهم الأموال والبيوت وكل شي فقد وصفهم ربنا ( للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوان وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون ) ولكن هؤلاء وجدوا لهم اخوة ينصرونهم ويرفعون عنهم همهم لا كما نرى في زماننا من أصحاب البطون التي لا يشبعها الا الكلأ قال تعالى ( والذين تبوءو الدار الإيمان من قبلهم يحبون من هاجر اليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون ) ومن الأعمال الصالح الملحة إغاثة المضطهدين طاعة لله
الخير أبقى وإن طال الزمان به والشر أخبث ما أوعيت من زاد
لذا المبادرة بالعمل الصالح منجاة وقد يؤلف القلوب وكلما انفق المرء من ماله فاطعم وكلما علم عالم ونفع بعلم كلما زاد الخير في هذه الأمه لذا ينادي مناد كل يوم كما جاء على لسان رسول الله ( ما من يوم يصبح العباد فيه ,. إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهم : اللهم اعط منفقا خلفا . ويقول الآخر : اللهم اعط ممسكا تلفا ) ومن وصايا الامام علي بن ابي طالب لكميل بن زياد , يا كميل : العلم خير من المال , العلم يحرسك , وأنت تحرس المال , المال تنقصه النفقة , والعلم يزكوا مع الإنفاق , وصنيع المال يزول بزواله ) وهل قادة الأمة يتمثلون بالرجل الجاهلي المكنى بابن جدعان فيبادون الى إغاثة إخوانهم فابن جدعان ما عرف الله ولم يسجد له ولكنه كان يضع صحاف الطعام ويطلب من المنادي من على جبل أبي قبيس في مكة : من أراد الإفطار فيأت . فتحاط صحافه بالمساكين . فإذا كان الظهر ملأ صحافه باللحم والخبز ونادى مناديه : من أراد الغذاء فليأت ) واليوم الجوعى من الأهل يستغيثون ولا من مجيب الا من رحم الله