صرخة استغاثة من تحت جبل الديون: كيف تحوّلت أزمة مديحة إلى فرصة للخلاص – الجزء الثاني من سلسلة “قصة مديحة”

مراسل حيفا نت | 07/09/2024

بقلم إلياس شوفاني
كان قد مرّ ثلاثة أيام على لقائي بمديحة ولم أسمع منها بعد. هذا ما راودني وأنا أهيّئ نفسي لتناول القهوة في ساعة الأصيل قبيل غروب الشمس يوم الاثنين. وقفت أمام نافذتي المطلّة على بحر حيفا، رفعت الفنجان وحدقت في السفينة البعيدة وهي تنغمس في الأفق، وما أن مسَّ الفنجان شفتي لأخذ أول رشفة حتى بدأ هاتفي بالطنين والرنين السريع كغريق يستغيثني لإنقاذه، وتوقف.
وضعت الفنجان جانبًا وأمسكت الهاتف لأجد ثماني رسائل واتس أب من مديحة. ثلاث ملفات PDF وخمس رسائل بصوتها تقول:
للوس يا غالي مسا الخير
متأسفة كثير غلبتك
أقصد لقد أحضرت كل الأوراق اللازمة
مستند قرض السيارة وتقرير بطاقة الاعتماد وأخيرًا تقرير “ألمينوس في ألبنك”.
أتحتاج شيئا أخر لكي نبدأ برسم الخطة للقضاء على الديون؟
ألقيت نظرة سريعة على محتوى المستندات وكتبت رسالة: يلا تعالي اسا نزّلت الركوة عن النار.
لم تمرّ دقيقة حتى سمعت قرعًا على بابي ثم يفتح ويدخل شخص دون استئذان، وإذ مديحة أمامي تقول: كنت بالجوار حين أرسلت لك كل الرسائل، أعني أني أتيت خصيصا، وتمنيت ان تكون في البيت.
تفضلي عزيزتي البيت بيتك مية أهلا وسهلا.
الياس أنا لم أنم آخر ليلتين قلقًا وأرقًا وهدسًا. ألديك حلّ لديوني المتراكمة حقًا كما وعدتني يوم الجمعة؟
ماذا بك يا مديحة؟ طبعا كما وعدتك، فقد أعددت الخطة. هيا بنا نبتدئ أولا بقرض بطاقة الاعتماد. لتقاطعني على الفور: لا لا يوجد عندي قرض من بطاقة اعتماد، أنا متفقة معهم أن ادفع فقط 1500 شيكل في الدفعة الشهرية والباقي “يبقى على بطاقة الاعتماد”. حينها قلت عزيزتي هذا يسمى “قرض خفي”، انت مدينة بخمسين ألف شيكل لبطاقة الاعتماد وتدفعين ثمن النقود مبلغًا باهظا، أي أن هذا قرض بقيمة 18% رِباء في السنة.
ماذا تقصد بثمن النقود يا الياس؟
الرباء يا مديحة هي ثمن النقود الذي ندفعه مقابل الاستلاف، وعادة ما تحسب بالنسبة المئوية سنويًا. أما ثمن القرض الذي تدفعينه لشركة بطاقة الاعتماد فهو مرتفع جدًا، ثلاثة أضعاف الثمن الذي قد أحصل لك عليه في واحد من البنوك التي أتعامل معها. يا مديحة انت ستدفعين ال 50 ألفا 67 ألفا بعد ثلاثة سنين ونصف عند انتهاء القرض. أي ستردّين فوق الخمسين، سبعة عشر ألفا زيادة. لكن من حسن حظك لقد أعلمتني زميلتي ريما عن عرض مميّز للنساء العربيات، اللواتي يملكن اللقب الأول في فرع بنك جديد.
ويقضي العرض على نقل معاشك الشهري إليهم وفي المقابل تحصلين على قرض حتى 30 ألف شيكل من دون رباء لمدة ثلاث سنين، وسيعطونك قرضا آخر بقيمة 20 ألفا برباء 6% لكننا سنجعله قرضا ب 30 ألفا لنسدّ أيضا ال 10 آلاف شيكل مينوس الذي يكلفك 11.5% رباء في السنة. وفي هذه العملية البسيطة سوف ترجعين للبنك 1750 شيكل في الشهر وتتخلصين من هذه الديون خلال 3 سنين فقط وسوف توفرين في هذه العملية ما يقارب ال 15 ألف شيكل.
مديحة، أني أرى أنك تعبت من كل هذه الأرقام خاصة بعد نهار طويل، ما رأيك باستراحة نتناول فيها كعكة كريم شنيت من أيدي أم الأمير مع فنجان قهوة مضبوط قبل أن نكمل الخطة.
ألياس انت تقرا أفكاري.

هذه المقالة هي الجزء الثاني من سلسلة مقالات مترابطة نتناول فيها قضية الديون وإدارة الأموال عبر سرد قصة مديحة. في هذه السلسلة سنتناول موضوع الخروج من الديون، سيكولوجيا التصرف المادي وعلاقته بإدارة الأموال، أهمية التخطيط، ومصطلحات أساسية في الاقتصاد مثل سعر الفائدة والتضخم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التعليقات

  1. قرأتها وبانتظار الحلقة التالية كثير رائعة