“استغاثة من تحت جبل الديون: كيف أصبحت أزمة مديحة فرصةللخلاص“
الحلقة الأولى من سلسلة قصة مديحة
إلياس، أريد أن أقول لك شيئًا، لكن رجاءً، أتمنى أن يظل هذا الموضوع سرًا بيننا. بالتأكيد، شدّدت قائلًا: ما الخطب يا مديحة؟
أنا بحاجة ماسّة لمخرج من مأزق لا أعرف كيفية الخروج منه.
هكذا ابتدأت مديحة محادثتها الهاتفية صباح يوم الجمعة قبل يومين بحالة من الهلع، مما سبب لي شعورًا بالقلق والمسؤولية تجاه صديقة أعرفها منذ سنين طويلة.
الساعة الثانية بعد الظهر في مقهى فتوش؟ سألت.
لا لا يا إلياس، رجاءً أريد مكانًا هادئًا إما في بيتك أو في بيت جدتي حفيظة في الواد، فهي،حتى لو سمعت كل المحادثة سوف تنساها بعد دقيقتين. إذاً عند جدتك الساعة الثانية قلت. لكن لماذا عند جدتي وليس في بيتك؟ لكي أكسب ثواب زيارة جدتك فيكون معروفي مزدوجًا. في تلك اللحظة أوشكت على رؤية ابتسامة مديحة عبر الهاتف وهي تقول: ملعون أنت يا إلياس، كل شيء لديك محسوب.
ما إن أغلقت الباب خلفنا، وقبل أن أسلّم على الجدة أو حتى ألقي بنظري على أنحاء الصالون والتحف الكثيرة في بيت تملؤه الأصالة العربية لعائلة حيفاوية عريقة، أمسكت بيدي بشدة وفي سحنتها شحوب واصفرار، وقالت بصوت مشحون بالرعب من أعماق قلبها، وليس من حنجرتها المتشنجة: إلياس أنا غرقانة بالديون! وشرعت بالبكاء.
أنا حمارة، ورطت حالي بشروة السيارة، قال شو الكل عنده سيارة جيب وأنا بدي جيب، وعدا عن ذلك فأنا أشتري طول النهار من علي إكسبريس وأمازون وشين ونكست، قال شو رخص. من يوم ما كارولين علمتني على الشراء عبر الإنترنت من قبل ثلاث سنين لليوم صرت مديونة على الفيزا 50 ألف شيكل غير دين السيارة 110 ألف شيكل وغير مينوس 10 آلاف بالبنك، أنا مديونة 170 ألف وكل معاشي 7000 بالشهر. مخنوقة كثير، ويلي زاد الطينة بلة أنه جارنا الميكانيكي سألني إذا بدي أبيع السيارة وقال لي أن سعر سيارتي فقط 150 ألف مع أني اشتريتها قبل سنتين بـ 200 ألف.
قبل سنتين يا إلياس فتحت تعويضات عملي بآخر 5 سنين وكان معي 115 ألف، لكن بعد الضريبة أخذت فقط 90 ألف وذهبت لشراء السيارة، والبائع بالشركة أعطاني قرض من الشركة.
أنا متورطة جدا وخائفة من أن تعرف أمي كل هذا. إلياس، عيد ميلادها الخمسين غدًا، وأشعر بالعار الشديد لأني وصلت لوضع لا يمكنني شراء هدية لها. يا ويلك من ألله شو عملتي؟! شو عملتي بحالك يا مديحة؟ وألقت برأسها على كتفي باكية كطفل فقد أمه.
لا تخافي يا مديحة، هناك مخرج، أنت محقّة، همست، لقد ارتكبتِ بعض الأخطاء المادّية الشائعة. سوف أخفّف عنك بالقول أولًا أنك لست الوحيدة ولا داعي للشعور بالعار “فمثلك مثايل”، وثانيًا سوف أساعدك على الخروج من كل هذا المأزق وسنضع خطة، وبعد خمس سنين من اليوم أعدك ألا يكون لديك أي ديون، بل العكس، سيكون معك ما يقارب الـ 200 ألف شيكل. وثالثًا، الأمور ستتحسن ليست هذه نهاية الطريق، بل البداية فقط لرحلة جديدة نحو الحرّية المالية. كل خطأ هو درس، وكل دين هو خطوة نحو التعلم. معًا، سنجعل هذه التجربة تحوّلاً إيجابيًا في حياتك.
أما بالنسبة لهدية أم مديحة، أخرجت من جيبي 500 شيكل وقلت هذا للعيد.
إلياس، سوف أعيد لك كامل النقود في بداية الشهر. لا داعي قلت، وتعلّمي أول درس لعمرك: لا تعطي سلفة دَين صديق أو صديقة.
أول درس يا إلياس؟ سألت بعدما بدأت تستعيد روحها.
نعم، فبعد أن تحضري كل المستندات والتقارير عن ديونك من شركة تمويل السيارات والفيزا ومن البنك، سوف نجلس لأرسم لك خطة الخروج.
إلياس كلامك يرعبني أكثر، أنت تريد أن تأتي بالحلّ من السوق السوداء؟ هذا ما اقترحته عليّ كارولين قبل أسبوع!
كارولين ها؟ حسنًا! ثاني درس: اقطعي علاقتك بكارولين نهائيًا، صديقة السوء هذه سوف تخرّب بيتك.
هذه المقالة هي الجزء الأول من سلسلة مقالات مترابطة نتناول فيها قضية الديون وإدارة الأموال عبر سرد قصة مديحة. في هذه السلسلة سنتناول موضوع الخروج من الديون، سيكولوجيا التصرف المادي وعلاقته بإدارة الأموال، أهمية التخطيط، ومصطلحات أساسية في الاقتصاد مثل سعر الفائدة والتضخم.
حقيقه صعبه وافه لعينه يعاني مجتمنا منها. مقال شيق
حقيقه صعبه وافه لعينه يعاني مجتمنا منها. مقال شيق