الغاية من بعث الأنبياء بقلم الشيخ رشاد ابو الهيجاء إمام مسجد الجرينة ومأذون حيفا الشرعي

مراسل حيفا نت | 09/08/2024

الغاية من بعث الأنبياء

بقلم الشيخ رشاد ابو الهيجاء إمام مسجد الجرينة ومأذون حيفا الشرعي

يعيش الناس في حالة من الحيرة التخبط نتيجة لأفكار غريبة وعجيبة دخلت الى سجل الوعي البشري دون رادع أو ضابط لذا اختلط الحابل بالنابل والرث بالسمين حتى اصبحنا نرى معالم شخصية جديدة غريبة الأطوار لم يسبق لنا بأن رأينا مثلها من قبل وهنا أنا لا أعمم  لأن الخير باق  في امتنا ومجتمعنا ,وحتى نعزز هذا الخير في نفوس أبناء مجتمعنا علينا أن نرفع من تطلعاتهم ليعيشوا حياة الأصفياء الأتقياء ولا يكون ذلك الا بالسير على خطى الأنبياء والرسل الكرام وخاتمهم النبي محمد , فالله جل في علاه بعث الرسل ليبلغوا عن ربهم ما يحبه الله في خلقه من شمائل واخلاق وقيم لذا نستنتج ان الله بعث الرسل ليهذبوا اخلاق العباد لذا قال الرسول الكريم (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ) وهذا التهذيب يحرر نفوسهم من الرق الى الطغاة والظلمة ويعلنوها توبة صادقة وعبادة شاملة لرب الأرباب  الذي اوجدهم في هذه الحياة مكرمين قال تعالى ( ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات )  ليعيشوا شرفاء سعداء بعيدين عن مظاهر الفساد والتي اصبحنا نشهدها من قتل وتشريد وترويع الخلق وهذه الحرب الدائرة رحاها اكبر شاهد على الانحراف عن مراد الله ليوافق مراد الظلمة والمفسدين في الأرض حتى اصبح مجتمعنا الا من رحم الله مجتمع غاب القوي فيهم يأكل الضعيف والعزيز يذل على ايدي الظلمة لغفلتهم عن قوله تعالى ( أيحسب الأنسان أن يترك سدى ) وحتى لا يكون الفساد والافساد سيد الموقف على مدار التاريخ بعث الله الرسل الكرام ليقيموا الحجة على الخلق ويردوهم الى الحق ونحن في هذا الزمان باشد الحاجة الى تعاليم السماء لا لتعاليم الطغاة والظلمة لنعيش حياة طيبة على بينة من أمرنا قال تعالى ( أمن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها ) وحتى يتم نور الهدية بعث ربنا الرسل قال تعالى ( رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس حجة بعد الرسل وكان الله عزيزا حكيما )  فالله بعث الرسل ليقيم على الخلق الحجة الدامغة ليحيى من حي على بينة ويهلك من هلك على بينة وكان خاتم الرسل الكرام النبي محمد الذي قال فيه ربه ( هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين ) فبين ربنا وظيفة هذا الرسول يعلم ويهذب ويربي ويزكي أنفس لولا وجود الرسول لوجدناها تحتكم الى الطاغوت وترضى بالذل والهوان وتقبل بالدون من الفتات  ولكن الرسول برسالته رفع تطلعات المؤمنين ونمى مداركهم من خلال العلوم التي جاء بها وتزكية النفوس وهاذان العنصران عماد صقل الشخصية الراقية  ( العلوم , وحسن الخلق ) فمن زكت نفسه ونمى فكره هانت عليه الدنيا بما فيها واستصغر مصائبها ولم يطمع بما في أيدي الناس ولم يحزن لفقدان العزيز عليه لأن ما عند الله اعظم  ولا يبالي بما يفرح ليقينه أن كل شيء فان , فالرسل علموا الناس ما هي غاية وجودهم في هذه الدنيا والتي لخصها كتاب الله ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) وما هو المطلوب منهم حتى جعلوا على المحجة البيضاء , وعند مطالعتنا لأثر الرسالة التي بعث بها الرسول محمد نجد أنه حرر اتباعه من عبادة الأصنام والحجارة قال أبو رجاء العطاردي  كنا نعبد الحجر , فإذا وجدنا حجرا هو أخير منه القيناه وأخذنا الآخر , فإذا لم نجد حجرا نعبده جمعنا جثوة من تراب , ثم جئنا بالشاة فحلبناها عليه , ثم طفنا بها  . وللأسف قد تجد أناس في اعلى مراتب العلوم الدنيوية يسجدون لبقر او حجر او حتى للفأر لأنهم تركوا لعقولهم يحكمونها ولم يستمعوا الى نداء الحق من ربهم , وقد لخص اثر رسالة محمد الصحابي جعفر بن ابي طالب للنجاشي فقال : كنا اهل جاهلية نعبد الأصنام ونأكل الميتة ونأتي الفواحش ونقطع الأرحام ونسيء الجوار ويأكل القوي منا الضعيف فكنا على ذلك حتى بعث الله الينا رسولا منا نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه فدعانا الى الله وحده , لنوحده ونعبده ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان وأمرنا بصدق الحديث وأداء الأمانة وصلة الرحم وحسن الجوار والكف عن المحارم والدماء ونهانا عن الفواحش وقول الزور وأكل مال اليتيم وقذف المحصنات وأمرنا أن نعبد الله ولا نشرك به شيئا وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام ) فهل شبابنا يدركون الغاية من وجودهم  فيستجيبوا لخالقهم ويكفوا عن سفك الدماء ونشر الفساد ام أنهم يريدون العودة الى العهد الحجري الذي من معالمه الفوضى ففي الجاهلية دارت حرب أربعين سنة بسبب ناقة رميت بسهم فاختلط اللبن بالدم فقامت حرب في قبيلة تغلب قتل فيها الآلاف وما نشهده من سلوك البعض ليس ببعيد من سلوك تغلب لذا ندائنا الى شبابنا ارحمونا وارحموا أبناء مجتمعكم ونقول لهم ( الي فينا بكفينا ) (ولا ترشوا الملح على الجرح ) وتحرروا من قيود جاهلية ما أنزل الله من سلطان واعلنوها صريحة مدوية بأنكم أصحاب غاية عالية عبر عنها احد الصحابة :نحن قوم ابتعثنا الله لنخرج العباد من عبادة العباد الى عبادة رب العباد ومن ضيق الدنيا الى سعتها

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *