التقوى خلق الأصفياء بقلم الشيخ رشاد ابو الهيجاء إمام مسجد الجرينة ومأذون حيفا الشرعي

مراسل حيفا نت | 02/08/2024

التقوى خلق الأصفياء
بقلم الشيخ رشاد ابو الهيجاء إمام مسجد الجرينة ومأذون حيفا الشرعي

التقوى هي درجة من درجات الايمان التي حث عليها ربنا جميع الأمم والشعوب على مدار التاريخ لذا لها مكانة خاصة عند المؤمنين اقتداءا بالرسل والأنبياء الكرام , ولكن اصحاب هذه المنزلة لا يخلون من التحديات العظام , وهذه المنزلة وقد نقول الخلق وصى بها ربنا تعالى في مكانه كل خلقه منذ آدم عليه السلام الى يومنا هذا ’ فإذا رأيت من يخالف أمر الله بارتكابه المعاصي او بإنزال الظلم على الأبرياء فاعلم يقينا بأنه تخلى عن وصية الله القائل ( ولقد وصينا الذين آوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله ) ولو تتبعنا خطاب الأنبياء لأقوامهم كما ورد ذلك في القرآن الكريم لوجدنا أن كل نبي وصى قومه بالتقوى قال تعالى ( وإذ نادى ربك موسى أن ائت القوم الظالمين , قوم فرعون ألا يتقون ) مع أن فرعون كان طاغية زمانه حيث أمر باستحياء نساء اتباع قوم موسى وقتل اطفالهم ورجالهم . وقال تعالى ( كذبت قوم نوح المرسلين , إذ قال لهم أخوهم نوح ألا تتقون ) وقال ( كذبت قوم لوط المرسلين , إذ قال لهم أخوهم لوط ألا تتقون ) وقال ( كذب أصحاب الأيكة المرسلين * إذ قال لهم شعيب ألا تتقون ) بل وجه ربنا نداءا قرآنينا يدعو فيه الناس على مختلف انتمائاتهم الى التقوى قال تعالى ( يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون ) وفرض علينا العبادات لنرتقي الى هذه المنزلة العظيمة الشريفه فقال ( يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون ) وعلى هذا الطريق سار نبينا محمد الذي أمره ربه بأن يدعو قومه للتقوى والثبات عليها حتى يلقوه قال تعالى ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ) واعتبر ربنا التفاضل بين الناس على اساس التقوى قال تعالى ( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) وحتى يكونوا على بينة من امرهم انزل عليهم كتابه الذي يجعلهم على المحجة البيضاء لا يزيغ عنها الا هالك قال ( ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين )  وقال ( هذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين ) وبما أن التقوى خلق يتخلق به اهل الايمان ومنزلة رفيعة فهو زاد لهم بعد حياتهم قال تعالى ( وتزودوا فإن خير الزاد التقوى ) ومن تزود بالتقوى لا بد أن يكرمه ربه ويجعله من المتميزين في مصيره الدنيوي وفي مصيره الأخروي ولا بد أن يكون الله نصيرا له قال تعالى ( إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون ) ويكفي المؤمن عزة وكرامة بأنه يعلم أن الله معه ومن كان الله معه لن يضره شيء ولو خذله أهل الأرض جميعا ذلك لان المتقين أحباب الله قال تعالى ( إن الله يحب المتقين ) ولانه يحبهم سيجعل العاقبة لهم مهما عصفت بهم العواصف والمحن قال تعالى ( والعاقبة للمتقين )  وتكون العاقبة لهم إذا ثبتوا على ايمانهم ومبدئهم ولم يتنازلوا عن الثوابت مهما كانت العواصف شديدة فالله لا يقول إلا الحق فقال ( ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه ) والعاقل يدرك من خلال مشاهدته لأحداث التاريخ أن أهل التقوى لا ينامون على فرش ناعمة ولا لايتنعمون بنعيم الدنيا متجاهلين ما اعده الله لهم في اخراهم  ولكنهم يرضون بما قسم الله لهم وأعينهم تتطلع الى جنة عرضها السموات والأرض فتجدهم يتعرضون الى تحديات جسام قال تعالى ( ولنبلنكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلوا أخباركم ) وقال ( أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون , ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين ) وقال ( أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب ) وقد يسأل سائل : لما يبتلى هؤلاء ؟ والجواب قال تعالى ( ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم الوارثين , ونمكن لهم في الأرض ) وهذه القاعدة خالدة خلود هذا الكون لمن خشي ربه قال تعالى ( ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين , إنهم لهم المنصورون , وإن جندنا لهم الغالبون ) وفي نهاية المطاف هم الناجون ( ثم ننجي رسلنا والذين آمنوا كذلك حق علينا ننج المؤمنين )  بل سيكونون في آمن وأمان بعد التمكين قال تعالى ( وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ) فإذا رأيت المحن والعواصف تحيط بأهل التقوى فاعلم أن هذه سنة الله في التمحيص والإصطفاء قال تعالى ( سنة الله التي خلت من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا )  وتمكين اهل التقوى مشروط بقوله تعالى ( ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز , الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وأتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *