أحباب الله والرسول، بقلم الشيخ رشاد ابو الهيجاء إمام مسجد الجرينة ومأذون حيفا الشرعي

مراسل حيفا نت | 26/07/2024
أحباب الله والرسول،
بقلم الشيخ رشاد ابو الهيجاء إمام مسجد الجرينة ومأذون حيفا الشرعي
عند مطالعتنا لكتاب الله وسنة رسوله نجد أن الله تعالى يحب ويبغض، وكذلك الرسول يحب ويبغض. وهذا التوضيح يجيب على من يتساءل: هل يمكن لله تعالى أن يحبني أو يكرهني؟ فالله جلَّ وعلا يحب من زكى نفسه والتزم بأوامره، والرسول يحب من يحب الله ويبغض من دنَّس نفسه بالمعاصي وهو مصر عليها، ولم يلتزم بآداب الحديث وكثر كلامه فيما لا ينفعه في أمور دينه ودنياه. قال عمر بن الخطاب: “من كثر كلامه كثر سقطه، ومن كثر سقطه فالنار أولى به”. فقد جاء عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “إن أبغضكم إلي وأبعدكم مني مجلسا يوم القيامة الثرثارون، والمتشدقون، والمتفيهقون”. قالوا: “يا رسول الله، قد علمنا الثرثارين والمتشدقين، فما المتفيهقون؟” قال: “المتكبرون”. وحتى لا يقع المرء في هذه الخصال يأتيه الخطاب الذي يحبه الله قائلاً: “لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس”. لذا، الكلام الذي يُحاك به المؤامرات على الخلق يبغضه الله والرسول ويبغضون صاحبه إذا أصر عليه، قال تعالى: “يا أيها الذين آمنوا إذا تناجيتم فلا تتناجوا بالإثم والعدوان ومعصية الرسول وتناجوا بالبر والتقوى”.
أما الكبر والاستعلاء على الخلق فمنبعه الشرك الخفي، والشرك محبط لعمل صاحبه. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال حبة من كبر”. فقال رجل: “إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسناً ونعله حسناً”. قال: “إن الله جميل يحب الجمال، الكبر بطر الحق وغمط الناس”. هناك صفات ذكرها كتاب الله وسنة رسوله، إذا كانت في المرء يبغضه الله والرسول. فقد جاء في كتاب الله: “والله لا يحب الظالمين”، و”والله لا يحب كل كفار أثيم”، و”إن الله لا يحب المعتدين”، و”إن الله لا يحب الخائنين”، و”إن الله لا يحب كل مختال فخور”، و”والله لا يحب المفسدين”. وكل صفة تحتاج إلى وقفة، ولكن الذي يكون على خلاف هذه الصفات يكون ممن تحلى بصفات يحبها الله والرسول. لأن في الصفات الحسنة والخلق الطيب يكون المرء في عداد المحسنين الذين يحبهم الله. وهذا يأخذنا إلى صفة مركزية يحب الله والرسول صاحبها، وهي في قوله تعالى: “وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إن الله يحب المحسنين”. ويظهر إحسان المرء في عطائه وإدخاله السرور في قلوب المحرومين والمضطهدين وحسن معاشرته للخلق، قال تعالى: “والذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين”. ويكون الدافع إلى الإحسان هو عظمة الله في النفس. لما سئل الرسول عن الإحسان قال: “أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك”. والعبادة هي اسم شامل لكل ما يحبه الله ويرضاه. قال أحد العلماء: “فالمحسن من أخذ من كل شيء أحسنه أو بقي في دائرة الحسن ولم يتجاوزه إلى القبيح، لأنه شاعرا بأن الله يراه”. وممن يحبهم الله: “إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين”. والمتطهرون هم من يعمرون مساجد الله للعبادة وإقامة شرع الله، ولا يقبلون أن تكون بيوت العبادة لإثارة الفتن والصد عن سبيل الله، قال تعالى: “لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه. فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين”. ففي هذه الآية حث على الصلاة في المسجد النبوي ونهي عن الصلاة في مسجد ضرار الذي بناه المنافقون للصد عن طريق الحق. أما التوابون فليسوا بأنبياء ولا معصومين، ولكنهم الذين يراجعون حساباتهم ويرجعون عن ذنبهم بتوبة نصوح. لأن الإنسان قد يضعف، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “كل ابن آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون”. فعن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “قال الله تعالى في الحديث القدسي: يا ابن آدم، إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان فيك ولا أبالي. يا ابن آدم، إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة”. قال تعالى: “والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم، ومن يغفر الذنوب إلا الله، ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون. أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ونعم أجر العاملين”. ومما جاء على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم عمن يحبهم الله، قال: “إن الله طيب يحب الطيب، نظيف يحب النظافة، كريم يحب الكرم، جواد يحب الجود”. رواه الترمذي مرسلاً. والله يحب اتباع الرسل الكرام بما بلغوا به عن ربهم، لذا قال تعالى موجهاً خطابه للرسول: “قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم”. وقال مخاطباً أهل الإيمان: “لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *