الثبات في وقت الأزمات بقلم إمام مسجد الجرينة -حيفا الشيخ رشاد أبو الهيجاء

مراسل حيفا نت | 18/07/2024

الثبات في وقت الأزمات

بقلم إمام مسجد الجرينة -حيفا
ومأذون حيفا الشرعي

مما لا يخفى على عاقل بأننا نشهد أزمة شديدة بل كارثة إنسانية عظيمة تتقطع لها القلوب من شدة الحزن والحسرة ولكن المتمعن في عجلة التاريخ يجد أنه يعيد نفسة ( وتلك الأيام نداولها بين الناس ) وبقاء الحال من المحال  وتلك سنة الله في خلقه للتمحيص وانتقاء البشر قال تعالى ( قد خلت قبلكم سنن فسيرا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين ) وهذه الآية خاطب بها ربنا عباده المؤمنين الذين أصيبوا يوم احد وقتل منهم عددا لا بأس به من صحابة رسول الله فأوحى ربنا الى رسوله ليبلغ ان ما جرى معهم انما جرى مع الأمم السابقة وسيصيب الأمم اللاحقة ولكن عاقبة المؤمنين يشهدها التاريخ ومصير  المكذبين ظاهر فمن حارب الرسول يوم بدر غاب , اين هم ؟ ومن هذا المنطلق كان الرسول في وقت الأزمات مطمئن البال يستشرق المستقبل بثبات وكان على ذلك يربي أصحابه حتى يحسنوا الظن بالله ولا يتزعزع عندم الايمان بالله وقدرته وقد قيل : لو انكشف لك القدر لما اخترت إلا ما اختاره الله . وقد جاء في كتاب الله ( فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا ) ومما علمه الرسول لأصحابه ما جاء في الحديث الذي رواه عمر بن الخطاب  عن اركان الايمان ( وان تؤمن بالقدر خيره وشره ) وقد تعلمنا أن من أسباب الهجرة من مكة الى المدينة المنورة شدة البلاء الذي نزل بالصحابة وأن هذا البلاء لم يدخل اليأس في صدر رسول الله الذي جاءه أصحابه يشكون اليه ما نزل بهم من شدة العذاب فماذا قال لهم ؟ روى البخاري عن الخباب بن الأرث أنه قال ( شكونا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متوسد بردة الكعبة قلنا له ألا تستنصر لنا ؟ ألا تدعو لنا ؟ فقال (  كان الرجل فيمن قبلكم يحفر له في الأرض فيجعل فيه , فيجاء بالمنشار , فيوضع على رأسه فيشق باثنين , ما يصده ذلك عن دينه , ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه من عظم وعصب , وما يصده ذلك عن دينه , والله ليتمن هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء الى حضرموت لا يخاف إلا الله والذئب على غنه , ولكنكم تستعجلون ) ويستنتج من هذا الحديث أن النبي كان هادئ البال مطمئن واثق بقدر الله ثم انه اجتهد على مدار سنين حياته من بعد البعثة أن يرفع همم أصحابه والنماذج كثيرة ومنها لما هاجر الرسول من مكة الى المدينة حصل معه أمور أولها لاحقته قريش حتى وصل رجالها الى الغار الذي لجأ اليه الرسول فقال له أبو بكر يا رسول الله : لو نظر احدهما عند قدميه لرآنا , فقال له الرسول ( يا أبا بكر ما ظنك بإثنين الله ثالثهما ) فأنزل الله قوله ليخلد هذا الموقف حتى يستمد منه اهل الحق قوتهم ( إلا تنصروه فقد نصره الله إذ اخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم ) ليشعره بمعية الله التي لا تخيب , ثم لما تابع مشواره تبعه اشجع فرسان العرب ( سراقة بن مالك )  الذي خرج لينال الجائزة التي وعدت بها مكة وهي مائة من الإبل ولما عجز عن قتل رسول الله وعده الرسول بسواري كسرى وكان هذا الوعد بالنسبة لقصيري النظر من المستحيلات ولكن وعد الله حق فألبسه سواري كسرى عمر بن الخطاب في عهد خلافته ويوم الخندق لما حاصرت الأحزاب المدينة المنورة وقال ضعاف الإيمان : يعدنا فتح بلاد كسرى وفارس واحدنا لا يأمن على نفسه من الخروج لقضاء حاجته وهو ومن معه يعملون على حفر الخندق حول المدينة كما أشار عليه سلمان الفارسي واذا بصخرة تعترضه  ويصعب على الصحابة تفتيتها مما أعاق الاستمرار في حفر الخندق فنزل الرسول بنفسه واخذ المعول وضرب الصخرة ففتتها وكان يبشرهم بفتح فارس واليمن وارض الروم رغم ما بهم من هم وخوف قال تعالى ( اذ جاءوكم من فوقكم ومن اسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت  القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا * هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا ) اذا الأزمات لن تدوم والثقة بالله يجب ان تكون حليف المتقين فلا ينبغي ان يهزم المرء في ايمانه والله يقول وهو اصدق القائل ( ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين ) وكن على يقين بقول الله تعالى ( إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون ) وهذا المنهج  عليه من يثق بالله , وقد تكون الأزمة اقتصادية , وهذه الأزمة لا تدفع صابحها الى الحرام والتعدي بل يجب ان يكون لسان حاله كما قال أبو ذر الغفاري : الفقر والغنى مطيتان لست ابالي ايهما امتطين فإن كان الفقر فمعه الصبر وإن كان الغنى فمعه الشكر وقد تكون الأزمة اجتماعية كما هي حال مجتمعنا فاصبر وردد ما جاء على لسان عبد الله ابن مسعود  ( اغد عالما او متعلما ولا تغد امعة بين ذلك ) وقال ( لا يكن احدكم امعة قالوا : وما الإمعة يا أبا عبد الرحمن ؟ قال :يقول إنما أنا مع الناس : إن اهتدوا اهتديت , وإن ضلوا ضللت , ألا ليوطن أحدكم نفسه على إن كفر الناس ألا يكفر )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *