زاوية اقتصادية “التملق والمحسوبية في المؤسسات: كيف تؤثر على الأداء وكيفية التحول إلى ثقافة التشبيك”, ” الحلقة الرابعة عشر “

مراسل حيفا نت | 01/07/2024

“التملق والمحسوبية في المؤسسات:

كيف تؤثر على الأداء وكيفية التحول إلى ثقافة التشبيك”

في ليلة خميس صيفية، اجتمعنا في بيتي كما اعتدنا منذ زمن. كان الجو مفعمًا بالدفء والألفة، وتوزعنا في الصالون، نتبادل الأحاديث والضحكات. كان ربيع يجلس على الأريكة بجوار النافذة المفتوحة، بينما كانت وداد تحتسي كأس الشاي المثلج الخاص بها وهي جالسة بهدوئها المعهود إلى جانبه، كما جلست أميرة على المقعد المريح بجوار المروحة، التي تكاد تلطف الجو.

بعد برهة وجيزة قطعت أميرة الجو الهادئ بقولها: “يا جماعة، أحتاج إلى مشورتكم في موضوع جدي.”

التفت الجميع نحوها باهتمام، وتابعت قائلة: “في الشركة التي أعمل بها، وهي شركة تابعة للدولة، تم ترقية موظف عرف بتملقه للمدير العام، حتى أصبح صديقًا لكل المحيطين بالمدير العام، الذي عرفنا فيه قلة خبرته وكفاءته وضعفه الشديد في الإدارة. أثار هذا الأمر استياء العديد من الموظفين المؤهلين، الذين عقدوا الآمال على تقديم مشاريعهم المهنية ومقترحاتهم بأعلى درجة من الحرفية والإتقان، وظنوا أنها ستتحقق فورًا، لكنها الآن ستتأخر إلى أجل غير مسمى، مما أحبط آمالهم بالمؤسسة.”

رفعت وداد حاجبيها بدهشة، “هذا محزن جدًا. المحسوبية تقتل الروح المعنوية وتؤدي إلى تدهور الأداء.” بينما كان ربيع يتابع الحديث بعينين متمعنتين، قال، “هذا هو النابوتيزم بعينه. الشخص الذي يحصل على منصب بسبب تملّقه وعلاقاته الشخصية يضر بالبيئة العملية. لكن يمكننا التحدث عن بديل إيجابي، وهو التشبيك.”

أميرة سألت بفضول: “ما الفرق بين المحسوبية والتشبيك؟” أجاب ربيع، “المحسوبية هي منح الفرص للأصدقاء والمتملقين وأصدقاء الأصدقاء دون اعتبار للكفاءة. أما التشبيك، فهو بناء علاقات مهنية قائمة على الاحترام المتبادل والفائدة المشتركة. فعندما نعتمد على التشبيك، نحن نسعى للتعاون مع أشخاص نقدر مواهبهم وكفاءاتهم”.

أومأت وداد برأسها وأضافت: “أعتقد أن التشبيك يمكن أن يكون حلاً جيدًا. بناء علاقات مهنية قوية، مما يؤدي إلى تحسين بيئة العمل وتعزيز التعاون. لكن كيف يمكننا تشجيع التشبيك في مكان يعاني من المحسوبية؟”

أجابت أميرة بحماس: “يمكننا تنظيم فعاليات تشجع على التواصل المهني وتبادل الخبرات. تقديم دورات تدريبية تركز على مهارات بناء العلاقات والعمل الجماعي. الأهم هو خلق ثقافة تعتمد على الكفاءة والإنجاز.”

أضاف ربيع: “يجب أن نكون قدوة في هذا. لا سيما عندما يرون أننا نشجع التميز والكفاءة، سيعملون على تبني نفس السلوكيات. علينا أن نثبت أن النجاح يأتي من العمل الجاد والتعاون، وليس من التملق والعلاقات الشخصية فقط.”

تدخلت قائلاً: “التغيير يبدأ منا. إذا عملنا على بناء بيئة عمل تشجع التشبيك وتعتمد على الكفاءة، يمكننا إحداث فرق. المحسوبية قد تعطي فوائد مؤقتة، لكنها تؤدي إلى تدهور المؤسسة. أما التشبيك، فيبني أساسًا قويًا للنجاح المستدام.”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *