الايام العشر من ذي الحجة بقلم الشيخ رشاد أبو الهيجاء

مراسل حيفا نت | 07/06/2024

الايام العشر من ذي الحجة

بقلم الشيخ رشاد أبو الهيجاء
كلما هل علينا هلال ذي الحجة حمل لنا معه موسم من مواسم الخير والطاعات لأن فيه الأيام العشر التي أقسم بها ربنا في سورة الفجر ولا يقسم ربنا الا بعظيم من خلقه فقال ( والفجر * وليال عشر ) فجعل لنا موسما من مواسم الخير يضاعف لنا فيه اجر الأعمال الصالحة ويعطي عطاء الكريم الذي لا تنفذ خزائنه لذا اعتبرت هذه الأيام افضل أيام الدنيا وموسم من مواسم التنافس في الوصول الى مرضاة الله وقد دل على فضل هذه الأيام حديث رسول الله الذي رواه ابن عباس فقال أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( ما من أيام العمل الصالح فيها أحب الى الله من هذه الأيام ) – يعني أيام العشر من ذي الحجة – فقالو ا يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله ؟ قال ( ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء ) ويكفها شرفا أن اقسم الله بها والمراد بقسم الله بالليالي العشر الأيام والليالي الكريمة ومن ضمنها يوم عرفة اليوم الذي أتم الله فيه رسالة محمد بنعة تمام الدين وقد جاء بيان تمام وكمال الدين بقوله تعالى ( اليوم أكملت لكم الدين وأتممت عليكم بنعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا ) وقد فهم احد احبار اليهود في المدينة المنورة عظم هذه النعمة فجاء الى عمر بن الخطاب فقال له : انكم تقرءون آية في كتابكم لو أنزلت فينا نحن معشر يهود لاتخذناها عيدا فقال عمر اي آية هذه قال ( اليوم أكملت عليكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا ) فقال عمر : إني لأعلم حين أنزلت , وأين أنزلت , وأين رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أنزلت , أنزلت يوم عرفة ورسول الله واقف بعرفة يوم جمعة وقد اخذناها عيدين – يعني بذلك يوم الجمعة ويوم عرفة )* وقد ارشدنا الرسول الكريم من خلال حديثه الى ضرورة استغلال هذه الأيام بالعمل الصالح وكل انواع البر والتقوى من اهمها الاكثار من ذكر الله واهم الذكر تلاوة القرآن لقول رسول الله ( ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه من العمل فيهن من هذه الأيام العشر , فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد ) وقال تعالى ( وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت أن لا تشرك بي شيئا وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود * وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق * ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقكم من بهيمة الأنعام فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير * ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق ) وقد فسر العلماء ( وليذكروا اسم الله في أيام معلومات ) قالوا : هذه الأيام العشر الأوائل من ذي الحجة . ولذا كان السلف الصالح يفتحون باب التنافس في الطاعات في هذه الأيام لأنهم اعتبروها اعظم من العشر الأواخر من رمضان فلم يتهاونوا بأي عمل من الأعمال الصالحة ولو كان بسيطا لعلمهم بقول رسول الله ( تبسمك في وجه أخيك لك صدقة , وأمرك بالمعروف , ونهيك عن المنكر صدقة , وإرشادك الرجل في أرض الضلال لك صدقة , وبصرك للرجل الرديء البصر لك صدقة , وإماطتك الحجر والشوكة والعظم عن الطريق لك صدقة , وإفراغك من دلوك في دلو أخيك لك صدقة ) وفي هذه الأيام المباركة يؤدى الركن الخامس من أركان الاسلام وهو ركن الحج والوقوف على جبل عرفات الذي يعتبر الركن الأساس في الحج لقول رسول الله ( الحج عرفة ) ويوم الوقوف على جبل عرفات يعتبر افضل الأيام فعن جابر بن عبد الله عن رسول الله انه قال ( ما من يوم أفضل عند الله من يوم عرفة , ينزل الله تعالى الى سماء الدنيا فيباهي بأهل الأرض أهل السماء فيقول : يا ملائكتي أنظروا الى عبادي قد أتوني شعثا غبرا ضاحين ) ولذا يسن لغير الحاج صيام هذا اليوم حتى يشارك الحجيج في الخير الذي هم فيه قال رسول الله ( صيام يوم عرفة إني أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده ) وهو يوم عتق رقاب المؤمنين من النار قال رسول الله ( ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة , وإنه ليدنوا ثم يباهي بهم الملائكة فيقول : ما اراد هؤلاء ) روى الترمذي ان النبي كان يكثر من هذا الدعاء يوم عرفة ( اللهم لك الحمد كالذي نقول وخير مما نقول , اللهم لك صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي , وإليك مآبي ولك رب تراثي , اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر ووسوسة الصدر وشتات الأمر , اللهم إني أعوذ بك من شر ما يجيء به الريح ) ومن الأيام العشر يوم العيد ( الأضحى ) الذي تسن فيه الأضحية تقربا الى الله تعالى القائل ( فصل لربك وانحر ) روى ابو داود عن رسول الله انه قال ( إن أعظم الأيام عند الله – تبارك وتعالى – يوم النحر ) أي يوم الأضحى ولا يخفى علينا بأننا نعيش غربة شديدة كثرت فيه الفتن ونزلت بإمتنا المحن الجسيمة والتي تكاد ان تفتن جمع كبير من الناس والثبات على الحق لا يكون الا بالأعمال الصالحة والعلم بقدرة الله وقوة سلطانه , فلا شك بأننا نعيش زمن الغربة القابض فيه على الدين قالقابض على الجمر او الماشي في لهيب النار وهذه الأيام كفيلة بأن تردنا ردا جميلا وأن تنزل الطمئنية في قلوب عباد الله المخلصين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *