الحج ( فضله ومعانيه ) بقلم الشيخ رشاد أبو الهيجاء

مراسل حيفا نت | 31/05/2024
الحج ( فضله ومعانيه )
الشيخ رشاد أبو الهيجاء
يتلعثم اللسان وتنقطع الخواطر في ظل الواقع الذي نعيشه ولكننا اتفقنا منذ بداية مأساة هذا العصر أن لا نحتفي ولا نحتفل الا بما يرضي الرب وبما أننا على ابواب فريضة الحج التي  تعتبر احد اركان الدين فأجد نفسي ملزما بأن ابين فضائل ومعاني الحج سائلا الله ان يوفق الحجيج لما يحبه ويرضاه وأن يسمع استغاثاتهم فينزل الأمن والأمان على شعبنا وعلى كل شعوب الأرض , فكما هو معلوم أن الحج احد اركان الاسلام الخمسة وقد فرضه الله تعالى ليكون مؤتمرا سنويا تجتمع فيه الجموع فيحمل كل فرد منهم هم عالمه العربي والاسلامي وقد أمر نبي الله ابراهيم بأن يؤذن للحج بعد ان رفع القواعد من البيت هو وابنه اسماعيل وقد جاء بيان ذلك في كتاب الله قال تعالى ( وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق * ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معدودات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير * ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطفوا بالبيت العتيق )  ولا يأمر ربنا بشيء فعله الا لأنه من الأعمال العظيمة التي ترفع العباد في منازلهم عند مليك مقتدر فقد سئل رسول الله : أي العمل أفضل ؟ قال ( ايمان بالله ورسوله ) قيل : ثم ماذا ؟ قال ( الجهاد في سبيل الله ) قيل : ثم ماذا ؟ قال ( حج مبرور ) ويستدل من ختام الحديث أن الحاج لا بد أن يطلب هذه المنزلة ( الحج المبرور ) لأن على الحج المبرور العمدة في القبول لان فيه البذل وتهذيب الأخلاق قال تعالى ( الحج اشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال بالحج وما تفعلوا من خير يعلمه الله وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولي الألباب ) وقد جاء تعريف الحج المبرور على لسان رسول الله وسائر الأمه بتعريفات عديدة ومنها قول رسول الله ( الحج المبرور ليس له جزاء الا الجنة ) قالوا : يا نبي الله ما الحج المبرور ؟ قال ( اطعام الطعام وطيب الكلام ) وفي رواية ( اطعام الطعام وترك الكلام ) قال ابن حجر الهيثمي : ترك الكلام الذي فيه معصية , ليعود الحاج افضل وأحسن مما كان عليه في خلقه وطاعته لربه قال الامام النووي : والأصح أن المبرور هو الذي لا يخالطه مأثم وهو المقبول ومن علامات القبول أن يرجع خيرا مما كان ولا يعاود المعاصي . وهذا الخلق يروض الحاج نفسه عليه ليصبح طبع من اطباعه فعن جابر قال : سمعت رسول الله يقول ( من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه )  وبذلك كان رسول الله يبشر من استجاب له واتبعه فعن عبد الرحمن بن شماسة قال : حضرنا عمرو بن العاص وهو في سياقة الموت فبكى طويلا وقال : فلما جعل الله الاسلام في قلبي أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت : يا رسول الله ابسط يمينك لأبايعك , فبسط يده فقبضت يدي فقال ( ما لك يا عمرو ؟ ) قال : اردت أن اشترط . قال ( تشترط ماذا ؟ ) قال : أن يغفر الله لي . قال ( أما علمت يا عمرو أن الإسلام  يهدم ما قبله . وأن الهجرة تهدم ما قبلها , وأن الحج يهدم ما قبله ) وقد اعتبر الرسول الكريم الحج بأنه جهاد الضعيف والكبير والنساء فقال ( جهاد الكبير والضعيف والمرأة : الحج والعمرة ) وبما ان الحجيج يأتون من كل فج عميق فقد اعتبروا كما جاء بيان ذلك على لسان رسول الله ( الحجاج والعمار وفد الله , إذا سألوا أعطوا , وإذا دعوا أجيبوا , وإذا أنفقوا أخلف عليهم , والذي نفس أبي القاسم بيده , ما أهل مهل ولا كبر مكبر على شرف من الأشراف إلا هلل ما بين يديه وكبر بتكبيره حتى ينقطع مبلغ التراب ) فالحج مقام تذلل وخضوع لخالق السموات والأرض لذا دعوة الحاج  لا ترد إذا كان مطعمه ومشربه وملبسه من حلال قال رسول الله ( خمس دعوات لا ترد , دعوة الحاج حتى يصدر , ودعوة الغازي حتى يرجع , ودعوة المظلوم حتى ينصر , ودعوة المريض حتى يبرأ . ودعوة الأخ لأخيه بالغيب . واسرع هؤلاء الدعوات إجابة دعوة الأخ لأخيه بالغيب )  ولذا من السنة أن نطلب من الحاج الدعاء لنا لما استأذن عمر بن الخطاب الرسول للحج فأذن له وقال له ( لا تنسنا من دعائك ) فإذا كانت نفقة الحاج من مال حلال فلا بد أن يخلفها الله ففي الحديث الذي اورده الامام الرازي قال رسول الله ( الحجاج والعمار وفد الله , إن سألوا أعطوا , وإن دعوا أجيبوا , وإن  أنفقوا أخلف عليهم )  بل وييسر الله عليهم عن أبي أمامة ووائلة بن الاسقع قال : قال رسول الله ( أربعة , حق على الله عز وجل عونهم : الغازي , والمتزوج , والمكاتب , والحاج )   وبالإضافة الى هذه الفضائل العظيمة للحج فإن حقيقة الحج هي اجتماع جماعة عظيمة من العباد الصالحين في مكان فيه آيات بينات ليعظموا شعائر الله راجين منه القبول والمغفرة لأن قصدهم زيارة البيت العتيق طالبين مرضاة الله  وهذه المزايا للحج حثت العباد لزيارة البيت عن شقيق البلخي قال : رأيت في طريق مكة مقعدا يزحف على الأرض فقلت له : من أين أقبلت ؟ قال : من سمرقند . قلت : وكم لك في الطريق ؟ فذكر أعواما تزيد على العشرة , فرفعت طرفي أنظر إليه متعجبا فقال : يا شقيق ما لك تنظر معجبا ؟ فقلت : أتعجب من ضعف مهجتك وبعد سفرك فقال : يا شقيق : أما بعد سفري فالشوق يقويه , وأما ضعف مهجتي فمولاها يحملها , يا شقيق أتعجب من عبد يحمله المولى اللطيق وأنشأ يقول
أزورك والهوى صعب مسالكه   والشوق يحمل والآمال تسعده
ليس المحب الذي يخشى مهالكه    كلا ولا شدة الأسفار تبعده

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *