زاوية اقتصادية التحولات الحضارية.. أين نحن منها؟ ” الحلقة الحادية عشر ” بقلم إلياس شوفاني

مراسل حيفا نت | 25/05/2024

مع سقوط الاتحاد السوفيتي، كان معدل عمر المواطن الروسي 57 عامًا بسبب شح الموارد الطبية. وأصبح بروفيسور الجامعة سائق سيارة تاكسي، والمتاحف صارت تبيع أعظم التحف بأقل الأثمان. وسيطر رجال الأعمال الروس على غالبية الموارد فولدت طبقتان، طبقة الثراء الفاحش وطبقة الفقر المدقع.
هكذا يحدث عند موت الحضارات، الجشع الرأسمالي هو الذي يسيطر وليس الرأسمالية، لأن الفرق شاسع بين الرأسمالية داخل نظام ديمقراطي مؤسساتي، يضمن منظومات كبح وتنظيم للاقتصاد، وعدم الخروج عن السيطرة، وبين الرأسمالية التوتاليتارية الجشعة، التي يكون نظام الحكم فيها هو الأوليغارشية وليس الديمقراطية. وإذا قارنا هذه الحالة بحالة الشباب العرب في الداخل الفلسطيني، لوجدنا أوجه شبه واضحة، فمع انعدام تطبيق الديمقراطية الإسرائيلية على كافة مواطنيها، ينتج لدينا مجتمعان ومنظومتان اقتصاديتان أيضًا. اقتصاد ورأسمالية اليهود في إسرائيل، القائمان على شكل من أشكال الديمقراطية، لكنه بغالبيته مؤسساتي ومجتمعي، يضم ويضمن قوانين الديمقراطية الرأسمالية لفئة واحدة فقط. وبالتالي، تنتج لدينا رأسمالية موازية في المجتمع العربي، التي تسيطر فيها قوانين القوة والسطوة وقوانين الغابة، وبالتالي المنحدر الأخلاقي في تطور عالم الجريمة. أما في ديخوتوميا النقاش الفلسفي لدى العرب، فهذا لا يجعلهم ينجحون، في الداخل، في التعامل مع ديمقراطية حياتهم، لأنهم لا يفككون الديمقراطية إلى عوامل، بل يطالبون بها كشكل من أشكال معاداة الدولة، وليس كشكل من أشكال مواجهة العنصرية، في مؤسساتها الحكومية والشعبية، واحدة تلو الأخرى وبطريقة ممنهجة. وهذا ناتج عن الضعف الثقافي والعلمي، والضعف في النقد الفكري لدى القيادات غير المركبة وغير الناضجة في أعماق ذواتها. ولهذا فإن الحل نحو الديمقراطية لكل مواطنيها، لن يكون عن طريق المواجهة المباشرة مع الدولة اليهودية، بل عن طريق دمقرطة البند تلو البند، والحيّز تلو الحيّز، والمنحى تلو المنحى، في كل مرافق الحياة، في ما يسمى بالدولة الحديثة، وما بعد استيقاظ فكرة القوميات والثورة الصناعية قبل حوالي مائة وخمسين عامًا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *