الأشهر الحرم بقلم الشيخ رشاد أبو الهيجاء

مراسل حيفا نت | 17/05/2024
.
الأشهر الحرم
بقلم الشيخ رشاد أبو الهيجاء
إمام مسجد الجرينة -حيفا
ومأذون حيفا الشرعي
رغم أننا نعيش هذه الظروف الغير طبيعية حيث تمتزج حلاوة الإيمان والعبادة مع مرارة الظلم وسفك دماء الأبرياء الأ أننا لا نجد بدا من الوقوف على مواسم العبادة والتقرب الى الله فقد قال قتادة : إن الله اصطفى صفايا من خلقه , اصطفى من الملائكة رسلا , ومن الناس رسلا , واصطفى من الكلام ذكره , واصطفى من الأرض المساجد , واصطفى من الأشهر رمضان , والأشهر الحرم , والأشهر الحرم هي موسم من مواسم التقرب الى  الله والتي يغفل عنها بعض الناس وقد نهانا ربنا عن الظلم والتعدي في هذه الأشهر تماما كما في رمضان لتتروض الأنفس على فعل الخير قال ربنا ( إن عدة الأشهر عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم ) فلا تظلموا فيهن أنفسكم بجحود نعم الله عليكم ولا بالتعدي على الخلق وهذه الأشهر هي : رجب مضر , وثلاث متواليات : ذو القعدة وذو الحجة ومحرم قال رسول الله ( الزمان قد استدار كهيئة يوم خلق السموات والأرض . السنة اثنا عشر شهرا منها اربعة حرم : ثلاثة متواليات : ذو القعدة , وذو الحجة , والمحرم , ورجب مضر الذي بين جمادي وشعبان )  وفي معنى الزمان استدار كهيئة يوم خلق السموات والأرض , ان العرب في الجاهلية ابتدعوا النسيء وهو تبديل هذه الأشهر بأشهر اخرى ليتوافق مع حالتهم في السلم والحرب , حيث انهم كانوا يعظمون الأشهر الحرم فلا قتال ولا عداوات فيها فكانوا يتحرجون من القتال فيها وحتى لا يقعوا في هذا الحرج فكانوا يعلنون عن احد هذه الأشهر بأنه بدل مع شهر آخر من السنة غير أشهر الحرم وهذا التصرف جعل موسم الحج يتحول من اشهر الحج الى غيرها واستمر الحال الى أن حج رسول الله حجة الوداع ووافق ذلك عودة الترتيب كما اراد الله , وكانوا يفعلون ذلك لتعظيمهم هذه الأشهروهؤلاء هم أهل النسيء قال تعالى ( إن النسيء زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا يحلونه عاما ويحرمونه عاما ليواطئوا عدة ما حرم الله فيحلوا ما حرم الله ) ومن المؤسف اليوم ان العالم كله مشترك بأبشع مقتلة في هذا الزمان ثم أن شبابنا لا يعظمون هذه الأشهر كما كانت تفعل الجاهلية وفي ذلك يعلنون أن جاهليتهم اشد ظلاما من جاهلية أبي جهل وأمية بن خلف وعقبة بن معيط قال الواحدي : ومعنى الحرم : أنه يعظم انتهاك المحارم فيها بأشد مما يعظم في غيرها , وكانت ألعرب تعظمها , حتى لو لقي الرجل منهم قاتل أبيه لم يهجه ) لان المتعدي في هذه الأشهر ظالم لنفسه لأنه يقحمها مقت الله لذا قال الله تعالى  ( فلا تظلموا فيهن أنفسكم ) ويستدل مما قدم أن التعدي والظلم منهي عنه , وظلم لنفس المرء ولكنه في الأشهر الحرم أبلغ قال ابن كثير عن ابن عباس انه قال : قوله تعالى ( ان عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض منها اربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم ) في كلهن , ثم اختص من ذلك اربعة اشهر فجعلهن حراما , أما قتادة قال في قوله تعالى ( فلا تظلموا فيهن أنفسكم ) إن الظلم على كل حال عظيم .  فإذا كان الظلم حرام ففي هذه الأشهر اشد حرمة لذا لا  بد من  أن يلزم احدنا الاستغفار ويجدد التوبة ويكون من المتقين قال الامام الرازي : إن هذا المعنى غير مستبعد في الشرائع ألا ترى أن الله تعالى ميز البلد الحرام عن سائر البلاد بمزيد الحرمة , وميز يوم الجمعة عن سائر أيام الإسبوع بمزيد الحرمة , وميز يوم عرفة عن سائر الأيام بتلك العبادة المخصوصة , وميز شهر رمضان عن سائر الشهور بمزيد حرمة وهو وجوب الصوم , وميز بعض ساعات اليوم بوجوب الصلاة فيها , وميز بعض الليالي عن سائرها وهي ليلة القدر وميز بعض الأشخاص عن سائر الناس باعطاء خلعة الرسالة وكذلك خصص الأشهر الحرم بمزيد من الحرمة ليعتاد المرء طرق العدل والرحمة في هذه الأشهر لتصبح عنده طبع ولا ننسى بأننا دخلنا اول الأشهر الحرم المتتالية وهو شهر ذو القعدة فهذا الشهر كانت له خصوصية عند رسول الله وهي أنه كان يتعمد العمرة فيه فقد اعتمر الرسول اربع مرات في ذي القعدة بل ولم يعتمر بغيره فعن أنس بن مالك قال : اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم اربع عمر , كلهن في ذي القعدة وقالت  السيدة عائشة : لم يعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرة إلا في ذي القعدة ) ونحن على هذا الحال لا ينبغي لنا أن نغفل أن لنا اخوة نزل بهم البلاء واصابتهم اللئواء واستفحل فيهم الظلم وأخذ بهم مأخذه وهم بأشد الحاجة الى دعائكم في هذه الأشهر الحرم  وفي هذه الأشهر تؤدى فريضة مهمة وركن من اركان الاسلام وهي الحج وفيها ايضا الوقوف على عرفة قال رسول الله ( ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة , وانه ليدنوا ثم يباهي بهم الملائكة فيقول ماذا اراد هؤلاء؟ )  وفيها الأيام التي اقسم ربنا بهافقال ( والفجر وليال عشر ) وهي الأيام العشر الأولى من ذي الحجة

 


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *