زهرة… حارسة الطّفولة بقلم رشدي الماضي 

مراسل حيفا نت | 08/05/2024

زهرة… حارسة الطّفولة

رشدي الماضي 

 

زهرة مروّة، شاعرة لبنانيّة، تُطلّ على المشهد الشِّعريّ مثل “نجمة تسترجع ذكريات فضاء آخر، وتنتظر عطايا السَّماء كلّما ذرفت دمعة”…

   لكنَّها عندما سطّر قلمُها؛ “كانت لحظتي مخطوفة في أشجار العدم، ثُمَّ أزهر العَدَمُ فيَّ نورا “، لامستْ، ربّما عن غير قَصْد، عالَمَ شيخنا جلال الدّين الرّوميّ في ابداعِهِ:”مَنْ عشق العدم، جاء إلى الوجود هذا الرّوح”…

   وهكذا، عبَّدت طريقاً شِعْريّا تعبر فيهِ من نصّ إلى آخر، ومن صورة إلى أُخرى، ليدوّنَ قلمُها ذكريات فضاءاتها الشِّعْريّة، في منطقة غير مأهولة شِعريّا…

   ولن يخفى على مَنْ يتابعها، أَنَّهُ سيدخل “منطقتها غير المأهولة” هذه، مع ديوانها الثَّالث:”الحياة على دُفعات”، الذي تَضمَّن مغامرتها التي بدأت تكبر وتحتلّ فضاءَها الخاص بها، حيث وظَّفت “تِفنيّة شعريّة غير مُسمّاة” والتي لَمَّحَتْ لها بِنصّها:- “كلَّما خطرت فِكرة سوداء/تباغتها من الجهة الرّماديّة”…

واضح، أنَّ زهرة تُفْصح لنا، أَنَّها “تكتب في المساحة المُتنازع عليها؛ بين الرّمادي والأَسود، وتؤكّد أَنَّها “تعتمد  أُسلوب المباغتة”… 

   وللتّعرّف أكثر على شاعرتنا، أُضيف: أَنَّ زهرة تُصِرُّ أن تظلّ “الطّفل النَّرجسي” وتُريد اقناعنا بأنَّ ” الطُفولة” عندها اهتمّ من “الأُنوثة”، لذلك هي “لا تُبْحر في الأنوثة لكي لا تترك الطّفولة تتغرّب”، وهذا ما يُبْقيها في مواجهة يوميّة فوق حَلَبَةِ جسدها بين فارسيّ الأُنوثة والطّفولة في آن… وتأكيداً منها على ثباتِ موقفِها، نراها في ديوانها الثّاني:-  “الإقامة في التَّمهيد” تحاول أنْ تحمي “ضفائرها مِن هواء كافر” قد يجتاحها في أَيّ لحظة… 

   ولأَنَّها لم تشهد بعد انتصار أحدهما، أيّ الأُنوثة او الطّفولة، في مواجهةٍ قد يطول أمدها، لهذا ظلّت أكثر من خائفة وأكثر من متحررة في آن… وهي تعيش وتكتب اللحظة التي تجتازها، وتخترقها مثل “نصلٍ ضوئيّ مِمّا جعلها تخرج إلى المشهد الشِّعْريّ على هامشٍ صغير، فتظلّ في ركنها كَمَنْ يرقص دون أن يدري، فتمكّنت بالنَّتيجة، شيئاً فشيئاً أن تسرق أنظار الجمهور إليها، كما استطاعت بعد ثلاثة دواوينها أنْ تُغيّر فيزياء المشهد الشّعريّ لبنات جيلها، في لغة مثل جسدها، شفيفة مُلْتهبة، لغة تلقائيّة عفويّة، وشّحت بها مرادها الأنثويّ الذي بقي بعيداً عن العفويّة، وبهذا تعود بنا إلى صراع الأنوثة والطّفولة، حيث تركت الّلغة هنا تُجسّد الطّفولة أمام الأنوثة… وهي تُصِرُّ على حِماية طفولتها من “عدوان” أنوثتها عليها…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *