الكسب الحلال بقلم الشيخ رشاد ابو الهيجاء 

مراسل حيفا نت | 25/04/2024

الكسب الحلال 

بقلم الشيخ رشاد أبو الهيجاء
إمام مسجد الجرينة -حيفا
ومأذون حيفا الشرعي

برزت حالات متعددة للكسب في ظل الواقع الذي نعيشه فمن الناس من يحاول الكسب وهو يحيك المكائد لزملائه واخوانه  ظانا أن هذا الطريق يوصله الى كسب المال دون الالتفات الى كون هذا الكسب جاء من باب مشروعة حلال أم من طريق الفساد والإفساد , فإن كان قد سلك طريق الحرام ليطعم أهله وعياله ولو كانت نتيجة سعيه نشر الفساد واراقة الدماء فيا لخسارته , لأنه يعد من يعول من أولاد وزوجة وأهل ليكونوا يوم القيامة وقودا للنار وفي الدنيا لا يلحقه وعياله وأولاده الا المقت والهم والعار  لمثل هؤلاء نوجه الخطاب القرآني الذي يؤكد أن الرازق هو الله فاطلب الرزق من الرازق ولا تسعى اليه وأنت تجاهره بالمعصية قال تعالى ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون * ما اريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون * إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين ) المرء يسجل في سجل عباداته الكسب الحلال عندما يكون على يقين أن الله هو الرازق فيتوكل عليه لأنه هو المتكفل برزقه وما عليه إلا السعي والله يرزق قال تعالى ( هو الذي جل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه واليه النشور ) وقال ( وابتغوا عند الله الرزق , واعبدوه , واشكروا له )  وهو القائل وقوله حق ( وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين ) وهو القائل ( وكأين من دابة لا تحمل رزقها الله يرزقها وإياكم ) وكما قيل :إن الله يرزق النملة السوداء في الصخرة الصماء في الليلة الظلماء , فهل يعز عليه ان يرزقك الرزق الحلال الذي يبارك فيه وفيمن يطعمه , وشتان ما بين رزق حلال تطعمه لعيالك ويكون في سجل حسناتك كما قال رسول الله ( وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها حتى ما تجعل في , في امرأتك  ) وما بين مال حرام يكون آكله وقودا للنار لقول رسولنا الكريم ( كل جسد  نبت من سحت فالنار أولى به ) وهناك من يعتقد أن أصحاب المناصب والقادة يمكنهم رزقهم فتتعلق بهم قلوبهم ويخضعون لهم ولسان حالهم كما قال فرعون لقومه ( أنا ربكم الأعلى ) فيطيعونه لأنه استخف بعقولهم وعقدوا عليه آمالهم وأحلامهم  ( استخف قومه  فأطاعوه ) ولو طلب منهم ظلم العباد والإفساد بين العباد لاستجابوا له  وهذا ما لا يقبله العقلاء قال ابن عباس ( إن من ضعف اليقين أن ترضي الناس بسخط الله , وأن تحمدهم على رزق الله , وأن تذمهم على ما لم يؤتك الله , إن رزق الله لا يجره حرص حريص , ولا يرده كراهية كاره ) فلا تعلقوا آمالكم بالخلق ولكن علقوا آمالكم بالخالق الذي يسخر لكم الخلق وجميع الكون وكونوا على يقين أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوكم بشيء لن يفعوكم إلا بشيء قد كتبه الله لكم , ولن يمنعوكم عن شيء الا قد كتبه الله عليكم فلا تطلبوا الرزق بمذلة للظالمين والجبابرة من الخلق فرسولنا الكريم يقول ( ليس الغنى عن كثرة العرض , إنما  الغنى غنى النفس ) فمن أغنى الله قلبه ورزقه السعادة والرضا بما قسم الله له , وجد واجتهد وأخذ بأسباب الرزق الحلال النافعة , فلا بد أن يعيش مطمئنا قرير العين مرتاح البال ومن فقد ذلك عاش تعيسا ولو حاز الدنيا بما فيها ,  وحتى تصل الى حال السعداء اقنع بما رزقك الله ولا تنظر الى من هم من فوقك فقد تجد احدهم كثير المال ولكنه فقد أسباب السعادة واعلم ان هناك أناس يقتلهم الجوع  والعطش والزمهرير والقر لذا قال الرسول ( انظرا الى من هو اسفل منكم ولا تنظروا الى هو فوقكم , فهو أجدر أن لا تزدروا نعمة الله عليكم ) فليكن ميزان الحلال والحرام هو الميزان الذي تطلب به الرزق ولا تغتر بكثرة المال الحرام قال تعالى ( قل لا يستوي الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث ) ولا يفهم من كلامي أن نجلس في بيوتنا ونقول الله هو الرازق لأن الرازق اوجد في هذا الكون من الأسباب الكفيلة لأن تكسب الكسب الحلال ان اخذت بها قال رسول الله ( لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير , تغدوا خماصا وتروح بطانا ) قال الإمام البيهقي في شرح هذا الحديث : أن الإنسان  يبذل السبب , فهذه الطيور لا تبقى في اوكارها تنتظر رزق الله  – تبارك وتعالى فتمتلئ بطونها منه , وإنما هي تخرج في الصباح وتتسبب وتكتسب , ثم بعد ذلك ترجع الى أوكارها في آخر النهار إذا كان الظلام . والرسول يقول ( ما أكل أحد طعاما خيرا من أن يأكل من عمل يده , وإن نبي الله داود عليه السلام كان يأكل من عمل يده )  وقد فهم سلفنا الصالح أهمية الكسب الحلال قال عمر بن الخطاب ( ما من موضع يأتيني الموت فيه أحب إلي من موطن أتسوق فيه لأهلي ابيع وأشتري ) ولا ينبغي ان يكون الا مالا حلال طيبا حتى تؤجر عليه قال رسول الله (ان الله طيب لا يقبل الا طيبا وإن الله امر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال تعالى ( يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا ) وقال تعالى ( يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم ) ثم ذكر الرجل يطيل السفر , أشعث أغبر , يمد يديه الى السماء , يا رب يا رب ومطعمه حرام , وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب له ) لذا أبو بكر جاءه غلامه بطعام فأكله فقال الغلام : أتدري ما هو ؟ تكهنت في الجاهلية لإنسان وما أحسن الكهانة ولكني خدعته , فلقيني فأعطاني ذلك , فهذا الذي أكلت . فادخل أبو بكر يده فقاء كل ما في بطنه ) 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *