زاوية اقتصادية أكتوبر الاسود ” الحلقة الخامسة ” بقلم إلياس شوفاني
في كافيه شارع مسادا بحيفا، حيث الأضواء الخافتة تمنح الجو طابعًا من الدفء والخصوصية، كنا جالسين نتشارك البيرة ونتحدث عن الـ S&P 500 والتوقعات حول انهياره المحتمل في أكتوبر. “الـ S&P 500، كما تعلمون، هو مقياس لأداء السوق الأمريكية. وهو يشمل أكبر 500 شركة، مما يجعله مؤشرًا رئيسيًا للحالة الاقتصادية العامة“، شرحته لأضع الأساس للنقاش.
شريف، بنبرة جادة، أضاف، “وأكتوبر هو الشهر الذي يجب أن نراقبه. التاريخ يظهر أنه شهر يمكن أن يحمل تقلبات كبيرة”. كان النقاش يأخذ منحى تحليليًا، حتى قفزت فكرة إلى ذهني: “لكن، فكروا في المستثمر المخاطر. لشخص يستطيع تحمل درجة عالية من المخاطرة، قد يكون توقع الانهيار في أكتوبر فرصة ذهبية“.
الأعين التفتت نحوي، محاولة استيعاب الفكرة. “تعني، من خلال اتخاذ مركز قصير؟ Short position على الـ S&P 500؟” سأل أحمد، وعيناه تلمعان بفضول. “بالضبط،” أكدت، “المستثمر المخاطر يبحث عن هذه الفرص. بالرهان ضد السوق، من خلال Short selling، قد يتمكن من صنع ثروة إذا تحققت التوقعات وانهار السوق فعلًا“.
شريف ابتسم، “إنها لعبة خطرة. لكن في الأسواق، الجرأة قد تكون مكافئة. بالطبع، هذا يتطلب فهمًا عميقًا للسوق واستعدادًا لتحمل الخسائر المحتملة.”
استمر النقاش، وبدأنا نستكشف التوازن بين المخاطرة والمكافأة، وكيف يمكن للمستثمرين المخاطرة باستغلال التقلبات لصالحهم. بينما كان الليل يتعمق، كان من الواضح أن موضوع الـ S&P 500 وتوقعات أكتوبر قد أثرى نقاشنا، مانحًا لنا نظرة أعمق على استراتيجيات الاستثمار وتحدياتها.
في هذا السياق، يجدر بنا التساؤل، لماذا يعتبر أكتوبر “أسود” في عالم الاقتصاد؟ تاريخيًا، شهد هذا الشهر عدة انهيارات مالية كبرى، بما في ذلك الانهيار العظيم في عام 1929 الذي أدى إلى الكساد الكبير، والاثنين الأسود في عام 1987، حيث شهدت الأسواق تراجعًا حادًا في يوم واحد. هذه الأحداث، وغيرها التي وقعت في أكتوبر، ساهمت في تشكيل صورة الشهر كفترة محفوفة بالمخاطر للأسواق العالمية.
إضافةً إلى هذا، فإن المستثمر العادي، الذي قد لا يكون مستعدًا لتحمل مثل هذه المخاطر العالية، يجب عليه اتخاذ نهج أكثر حذرًا. الاستثمار بعيد المدى، الذي لا يتأثر بتقلبات السوق القصيرة الأمد، يمكن أن يكون استراتيجية حكيمة. الفكرة هي التركيز على بناء محفظة متنوعة تساعد على تخفيف المخاطر والسعي لتحقيق نمو مستدام على المدى الطويل.
“المهم هو الحفاظ على الهدوء وعدم الاستجابة بشكل متسرع للتقلبات السوقية اليومية“، أضفت مشددًا على أهمية النظرة الطويلة الأمد في الاستثمار. “يجب التفكير بعقلانية وعدم الانجراف وراء الحشود في أوقات الذعر السوقي“.
شريف ابتسم موافقًا وأضاف، “التعلم المستمر والفهم العميق للأسواق يساعدان المستثمرين على اتخاذ قرارات مدروسة وتجنب القرارات المتسرعة التي قد تؤدي إلى خسائر فادحة”.
كانت الأمسية في الكافيه فرصة لنا ليس فقط لمناقشة التوقعات الاقتصادية والتحديات التي قد تواجهها الأسواق، بل أيضًا لتبادل النصائح والاستراتيجيات، التي يمكن أن تساعد في التنقل عبر الأوقات المتقلبة. وبينما كنا نغادر الكافيه، كان واضحًا أن النقاش قد منحنا جميعًا نظرة أكثر عمقًا حول أهمية الاستعداد والاستراتيجية في عالم الاستثمار.