مصارف الزكاة  بقلم الشيخ رشاد أبو الهيجاء

مراسل حيفا نت | 05/04/2024

مصارف الزكاة  

بقلم الشيخ رشاد أبو الهيجاء
إمام مسجد الجرينة -حيفا
ومأذون حيفا الشرعي

يكثر السؤال في شهر رمضان حول مصارف الزكاة , أي لمن يجب أن نعطي زكاة اموالنا التي بلغت نصابها ,( نصاب الزكاة لهذا العام 20 الف شاقل  وحال عليها الحول ( أي مرت عليه سنة قمرية ) والسبب بأن البعض يتعمد اخراج زكاة ماله في رمضان طلبا للبركة ,  والجواب يأتي مباشرة من كتاب الله في سورة التوبة آية 60 يقول فيها ربنا ( إنما الصدقات للفقراء والمساكين  والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم ) وقبل الخوض في هذه المصارف يجب التأكيد على امور ومنها أن الزكاة ركن من اركان الاسلام الخمسة وقد قرنها ربنا مع الصلاة بما يزيد عن اربعين موطنا في كتاب الله  والزكاة واجبة بكل ما يسمى مال , فالذهب إذا بلغ نصابا وهو ثمانين غرام ويزيد , والفضة إذا بلغت نصابا وهو يعادل 590 غرام ويزيد  , وكل عملة نقدية ذات قيمة شرائية والتي يتعامل بها الناس , كما أن الزكاة واجبة في الثمار والزروع والمواشي على أنواعها وكل له مقداره  حتى لا يقول أحدهم أنا لا أملك نقدا ولكنه يملك زرعا او يملك عقارات ومؤن ونحو ذلك  قال جابر بن سمرة ( أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخرج الزكاة مما نعده للتجارة ) أما التجارة فيجب على التاجر أن يحصي بضاعته ومن ثم يثمنها ويحصي الديون التي عليه ومن ثم يزكي ما تبقى ربع العشر كما قدره رسول الله  والزكاة فرضت حين أمر الرسول بأخذها قال تعالى ( خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم ) والزكاة معناها النماء لذا لا يعتقد احد أن بإخرج الزكاة ينقص المال قال رسول الله ( ما نقصت صدقة من مال )  ونعود الى مصارف الزكاة الثمانية التي ذكرتها الأية 60 من سورة التوبة فأولها إنما الصدقات لفقراء :  وهنا يطرح سؤال : من هو الفقير ؟ الفقير هو الذي لا يجد قوت يومه بشكل دائم فقد يجده يوم واليوم الآخر لا يجده وفي ظل هذه الحرب المسعورة الظالمة دخل الكثير من العمال ضمن هذا المصرف لعدم توفر العمل المنظم  , أما المسكين فهو الذي لا يجد كفايته من الطعام له ولعياله وقد يكون يعمل ولكن دخله لا يكفي لتلبية جميع الاحتياجات الضرورية  ولذا من العلماء من جمع بين الفقراء والمساكين ومنهم من فصل بينهما ومن فصل بينهما قدم من حيث الأولوية للفقراء وان كان عدد المساكين أكبر , أما المصرف الثالث من مصارف الزكاة فهو للعاملين عليها ( والعاملين عليها )  وهم الذين يعملون على جمع الزكاة من ارباب المال ليدفعوه الى بيت المال والذي سيقوم بدوره في تسليمها الى المستحقين وينوب عن بيت المال لجان الزكاة التي تعمل في كل البلدان فهؤلاء إن تفرغوا لجمع الزكاة يعطوا منها ليقتاتوا هم وعيالهم أما من تطوع لجمع الزكاة وهو غير متفرغ لهذا العمل فلا يعطى من اموال الزكاة  والمصرف الرابع ( والؤلفة قلوبهم ) وهم اما أن يكونوا من حديثي عهد باسلام فيعطوا من الزكاة لتأليف قلوبهم أو اناس إن اعطوا من الزكاة وقفوا موقف الدفاع والمناصرة  , والمصرف الخامس ( وفي الرقاب ) لأن الاسلام عمل على تحرير العبيد من العتق جعل مصرف من مصارف الزكاة هذا المصرف وإن كان الحديث عن العبيد في زماننا امر غريب ولكن قبل الإسلام كان أمرا عاديا ولذا جعل الاسلام عتق الرقاب من العبودية ومن القربات التي يتقرب بها العبد الى ربه فلذا اذا وافق سيد على اعتاق رقبة عبده من الرق مقابل مبلغ من المال يدفع له هذا المبلغ من زكاة المال ويمكن أن يدخل في هذا المصرف الأسرى وعائلاتهم التي فقدت المعيل بأسره قال تعالى ( ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا ) أما المصرف السادس ( الغارمين ) فالغارمون هم من تراكمت عليهم الديون ويعجزون عن سدادها لقلة حيلة ذات اليد وهم نوعان : النوع الأول هم الذين تراكمت عليهم الديون من أجل توفير المطعم والمشرب والمسكن واداة الحرفة وعجز عن سداد دينه , والصنف الثاني من تورط بديون بسبب غيره لدفع بلاء عن الناس او تحمل الدين عن شخص آخر  واليوم وبكل حسرة هناك من يتوجه الى السوق السوداء من اجل الإقتراض وهذا لا يمكنه التخلص من الدين فيغوص في وحل هذه السوق والتي يمكنها أن تنهي حياته فهذا يمكن دفع زكاة المال له حتى يحقن دمه ويحفظ عرضه , أما من استلف من البنوك مع ما يصحبها من حرام الربا فهي مقسطة بأقساط شهرية فلا يعتبر صاحبها من الغارمين ولكن عليه العمل على التخلص من الدين بأسرع وقت ممكن لأن الدين هم بالليل ومذلة بالنهار . والمصرف السابع ( وفي سبيل الله ) قال العلماء هم المجاهدون في الدفاع عن حياض الأمة ومن اجل اعلاء كلمة الله فؤلاء تعطى الزكاة لهم ولاهليهم ولمن هم تحت امرتهم ونفقتهم واجبة عليهم وكما كان يقول عمر بن الخطاب للمجاهدين (  انطلقوا وأنا أبو العيال حتى ترجعوا ) والمصرف الثامن ( وابن السبيل ) المسافر الذي انقطعت السبل به وقد يكون غنيا في بلده  وفي سفره نفذ او ضاع ماله فيعطى ليأكل ويشرب ويبلغ مأمنه  , هذا باختصار ولكن ملاحظة قد لا يستطيع المزكي الوصول او معرفة المستحقين للزكاة لذا فإنه يقدم زكاته للجان الزكاة وهي تقوم بدورها في توزيع الزكاة  وفي ظل الواقع المرير الذي تعيشه الأمة فإن من استطاع تقديم زكاة ماله وزكاة الفطر لأطفال ونساء ومساكين غزة فإنه يعمل عملا جليلا   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *