زاوية اقتصادية فوبو توأم فومو ” الحلقة الخامسة ” بقلم إلياس شوفاني

مراسل حيفا نت | 29/03/2024

زاوية اقتصادية فوبو توأم فومو ” الحلقة الخامسة ” بقلم إلياس شوفاني

إلياس، تعال إلى هنا، ولفت بيدي بقوة وشدني. “تعال إلى هنا، أقول لك…”
“مازن؟ ما بك يا مازن؟ ماذا تفعل، أجننت؟”
“ماذا أفعل؟ مريض بالفومو؟ أنا؟ سمعت كل شيء، سمعت حديثك أنت وتريز عني، هذه الفاشلة التي لم تجد عملًا في مجال علم النفس، ونُصبّت مديرة قسم الموارد البشرية.. علينا نحن الخبراء!
وأخيرًا، مقال يا إلياس، تكتب مقالا عني! ظننت أنك بتغيير اسمي إلى صلاح في المقال لن أعلم أنك تتكلم عني! حان وقت العقاب يا إلياس”. ورأيت السكين في يد صلاح ترتفع، فتجمَّدتُ مكاني على غير عادتي،ولم أعد قادرًا على التفوّه بحرف. من داخلي أريد أن أصرخ “لا، لا، لا يا مازن لا”.

 

وإذ بي أفتح عيني لأرى الفجر قد تجلى على حيفا.. كان حلمًا بل كابوسًا. أحمد الله أنه كان مجرد حلم. ما أجمل حيفا في الصباح، أعدّ قهوتي، أفتح نوافذ البيت وأفكر بما وعدت القراء عن فوبو، أخي فومو.. من سوف يمثل الشخصية المتأثرة بالفوبو… وكيف أبدأ الكتابة.. هذه المرة لن أختلق شخصية، سوف أدخل الموضوع مباشرة.

FOBO فوبو توأم فومو Fear of better options، أي الخوف من إمكانية ظهور فرص أفضل، فإن هذه الحالة قد تسبب أيضًا الفشل الاقتصادي والمادي بسبب عدم استغلال الفرص.

تأثيرات الفوبو السلبية على الإدارة المادية والاقتصادية تنبع من التردد المستمر وعدم القدرة على اتخاذ قرارات حاسمة. الأشخاص المتأثرون بالفوبو يترددون في اتخاذ القرارات خوفًا من ظهور خيارات أفضل في المستقبل، مما يؤدي إلى فقدان فرص قيّمة قد لا تتكرر. هذا التردد يمكن أن يعوق التقدم المهني والتطور الاقتصادي، حيث ينتهي الأمر بالشخص إلى البقاء في حالة من عدم الفعالية، مفضلًا الانتظار والعمل بما هو متاح. بالإضافة إلى ذلك، الفوبو يؤدي إلى زيادة الضغط النفسي والقلق المرتبط بعملية اتخاذ القرار، مما يؤثر سلبًا على الصحة العقلية والقدرة العامة على الأداء الوظيفي والشخصي.

في السياق الاقتصادي، قد تؤدي هذه الحالة إلى تأخير في الاستثمار، أو تفويت فرص استثمارية مربحة، بسبب السعي وراء الكمال المفقود والخيار الأمثل الذي قد لا يأتي أبدًا.

على الصعيد الإداري، يؤدي الفوبو إلى صعوبات في التخطيط الاستراتيجي وتنفيذ المشاريع. الشخص المتأثر بالفوبو قد يجد نفسه مشلولًا أمام القرارات الكبيرة، مفضلًا البقاء في مرحلة البحث والتقييم المستمر، دون اتخاذ خطوات ملموسة نحو التنفيذ. هذا السلوك يمكن أن يعرقل النمو والتطور الشخصي والمهني، ويقلل من فعالية الإدارة المادية والموارد المتاحة.

إذن الخوف من إمكانية ظهور فرص أفضل، يجب ألا يمنع الأفراد من استغلال الفرص الحالية، واتخاذ قرارات جريئة تدفعهم نحو تحقيق أهدافهم. وإن السعي وراء التحسين المستمر هو سمة إيجابية، لكن عندما يتحول إلى تردد يعيق التقدم، يصبح ضروريًا إعادة تقييم الأولويات وتعديل السلوكيات لتحقيق التوازن بين الطموح والواقعية.

يتطلب التغلب على الفوبو أن تقبل القرارات الجيدة، التي لا تعتمد دائمًا على وجود كل المعلومات المثالية، بل على القدرة على التحرك بثقة، بناءً على المعلومات المتاحة، والقناعة بأن الفرص المستغلة الآن يمكن أن تؤدي إلى نتائج إيجابية، حتى وإن ظهرت خيارات أفضل في المستقبل. هكذا، يمكن للأفراد والمنظمات تحقيق نمو مستدام، وإدارة مواردهم بكفاءة أكبر، مع الحفاظ على صحتهم النفسية ورفاهيتهم المادية..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *