زاوية اقتصادية الأخوين فومو وفوبو ” الحلقة الرابعة ” بقلم إلياس شوفاني

مراسل حيفا نت | 22/03/2024

الأخوين فومو وفوبو

مالك يا صلاح؟ لماذا تتتالى السجائر بين يديك، وقد شحب وجهك بالقلق والتوتر، كأنما هموم الدنيا تتربص بك؟ ارحم نفسك يا صديقي…
لا تسأل يا إلياس، فأنا غارق ولا أجد مخرجًا.
ما الخبر، يا عزيزي؟
يا صديقي، أنا غارق بين عالم العقارات، وسوق البيزوس المكسيكي المتصاعد بقوة، في دهاليز الذكاء الاصطناعي وعالم الرقائق الإلكترونية، أجد نفسي متأرجحًا.. لا أعلم كيف أواكب الركب، دائمًا ما أخشى خسارة الفرص، أخاف من فوات موجة الاستثمار القادمة، ومن ضياع الفرصة العالمية التالية. لذا، أظل متيقظًا، لا أغفل عن متابعة كل جديد، آملًا في بناء ثروة من خلال الاستثمار في ما هو حديث..
وما هي استراتيجيتك الاستثمارية، يا صلاح؟
استراتيجية؟ هل تراني كالرفيق الشاذلي أم قائدًا عسكريًا؟ هذه مجرد استثمارات.. دعني وشأني، فأنت لا تفقه في هذه الأمور..

تركت صلاح وشأنه، وإذ بتريز تناديني، تقول: تعال هنا.

ما بك تريز؟
استمع إليّ، سيؤلمك رأسك معه. ذلك الرجل يعاني من ظاهرة الـ”فومو“.
فومو؟
نعم، فومو، وهي اختصار لـ”Fear of Missing Out“، أي الخوف من فوات الفرص. إنها ظاهرة نفسية تصيب الكثيرين في عصرنا، مسببةً لهم الأرق والقلق…

وتابعت تريز قائلة: “يؤدي الخوف من فوات الفرص إلى دفع الأشخاص نحو حالة من القلق المستمر والسعي الدائم وراء كل ما هو جديد، دون أو تفكير عميق فيما إذا كانت هذه الفرص تتناسب مع أهدافهم الحقيقية أو مع احتياجاتهم.”

وأضافت: “تزداد الحالة تعقيدًا مع الانتشار الواسع لوسائل التواصل الاجتماعي، حيث يرى غيره يشارك لحظات النجاح والفرص التي استغلوها، مما يغذي الشعور بالفومو لدى البعض، فيشعرون بالحاجة الملحة للمواكبة وعدم البقاء في الخلف.”

 

وأوضحت: “يمكن التغلب على هذه الظاهرة، أو على الأقل، التقليل من آثارها السلبية باتباع بعض الاستراتيجيات،مثل وضع أهداف واقعية ومحددة للنفس على جميع الأصعدة الشخصية، العائلية، المهنية، وبالتأكيد الاقتصادية، والاكتفاء بما نملكه بالفعل، وعدم هدر الوقت الذي نقضيه على وسائل التواصل الاجتماعي، ومواقع الأخبار الاقتصادية، وتعزيز الثقة بالنفس وتقدير الذات.”

انتبهت إلى حديث تريز وأدركت أن الأمر يستحق التأمل. ربما يحتاج صلاح إلى فهم أعمق لظاهرة ألفومو وكيفية التعامل معها. ليس فقط من أجل صحته النفسية بللضمان اتخاذ قرارات استثمارية أكثر حكمة. وبهذا، قد تكون ظاهرة الفومو، رغم قسوتها، فرصة للنمو والتعلم كيفية تحقيق التوازن بين الطموح والرضا.

وقد يؤدي الخوف من فوات الفرص إلى الأرق الفكري والنفسي وإلى خسائر مادية. أما عن أخي فومو، وهو فوبو، سوف نحدثكم عنه في الأسبوع القادم. وأدعكمبسؤال: هل بإمكاننا أن نطلق على ظاهرة الفومو اسمًا عربيًا مختصرًا “أمفا”، أي الخوف من فوات الفرص؟ يسرني سماع تعقيباتكم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *