زاوية اقتصادية سلمى بقلم إلياس شوفاني

مراسل حيفا نت | 29/02/2024

زاوية اقتصادية
سلمى
إلياس شوفاني
في ذلك الصباح الهادئ، أثناء تجوالي بين مكاتب الشركة، مبادلاً التحيّات مع الزملاء، لفتت انتباهي زميلة جديدة لم يكن أحد على دراية بها. في تلك اللحظة، اجتاز المدير العام بجانبنا، مصافحًا هذه الآنسة الجديدة بحرارة، دون أن يوجّه نظره أو يلقي التحيّة على أيّ من الحاضرين. هذا الموقف، الذي قد يبدو بسيطًا في عيون البعض، أثار موجة من المشاعر في قلب زميلتي سلمى، التي لم تتردّد بمشاركتي مشاعرها المكبوتة.
بعد عقدين من الخدمة في الشركة، كانت سلمى تتوقع مستوى أعلى من الشفافية والتقدير من جانب الإدارة. لكن الطريقة التي تمّ بها استقبال مديرة قسم الموارد البشرية الجديدة، دون خبر سابق أو مقدمات، بدت كأنها رسالة صادمة لها. “كل شيء يحدث هنا “بالشو شو”، هكذا عبّرت سلمى عن استيائها من الثقافة التنظيمية السائدة، معلنة عن نيّتها الرحيل.
الشعور الذي انتاب سلمى لم يكن للأسف مجرد ردّ فعل مبالغ فيه، بل كان دليلاً على ثقافة إدارية غير صحّيّة، تفتقر إلى الدعم وتتجاهل مشاعر واحتياجات الموظفين. كان ينبغي على الإدارة أن تُبادر بمزيد من الشفافية، لتعلن عن أي تغييرات مهمّة قد تؤثر على بيئة العمل، خصوصًا في ظل التحدّيات العالمية والاقتصادية الراهنة، التي تزيد من مستويات القلق والتوتر لدى الجميع.
من الضروري أن تعي الإدارات في كل مكان، أهمية بناء ثقافة تنظيميّة تعتمد على الشفافيّة، الدعم، والتقدير المتبادل. الشفافيّة والتواصل الفعّال ليسا فقط من العوامل المهمّة لراحة الموظفين، بل هما أساس لتحقيق الإنتاجية والولاء للشركة. معالجة هذه القضايا هي مسؤولية مشتركة، تتطلب جهودًا من جميع الأطراف لخلق بيئة عمل بنّاءة.
نلمس من خلال تجربة سلمى، الحاجة العميقة للوعي في كيفيّة إدارة الشركات للموارد البشرية، وكيفية تعاملها مع الموظفين. إن الإعلان عن التعيينات الجديدة والتغييرات الهامّة في الشركة بطريقة مفتوحة وشاملة، يمكن أن يساعد في تعزيز الشعور بالانتماء والقيمة بين جميع الموظفين. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن تكون هناك قنوات اتصال مفتوحة وفعالة، تسمح للموظفين بالتعبير عن آرائهم ومخاوفهم دون خوف من الانتقام أو الإهمال.
إن ضمان النجاح المستدام، لكل شركة يستدعي زرع بذور الاحترام المتبادل والشفافيّة، في أرض خصبة من التعاون والتقدير المشترك. بناء بيئة عمل تعزّز الابتكار وتحتفل بالتنوّع يُمكِّن كل فرد من الإحساس بأهميته وانتمائه. هذه الثقافة الإيجابية هي لبّ الرضا ومفتاح النجاح الطويل الأمد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *