فضائل المسجد الأقصى
بقلم الشيخ رشاد أبو الهيجاء
إمام مسجد الجرينة -حيفا
ومأذون حيفا الشرعي
تحن القلوب والأرواح الى نسائم المسجد الأقصى المبارك في كل حين وفي أي مقام ويشتد هذا الشوق والحنين عندما تلوح ذكرى الإسراء والمعراج والتي تؤكد قدسية هذه البقعة المباركة التي باركها ربنا وبارك من حولها قال تعالى ( سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام الى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير ) فمسجد الأقصى هو القبلة الأولى ومسرى الرسول اليه ومعراجه منه الى السماء السابعة فهو بوابتها البعيدة عن القذار والأنجاس لذا سمي بالأقصى , ولما نقول المسجد الأقصى لا نعني في ذلك المسجد القبلي وقبة الصخرة فحسب إنما نعني في ذلك كل شيء داخل الأسوار والتي تقدر ب 144 دونم , تشمل المساجد المقامة فيه وكل مقام ومحراب ومدرسة وقبة وبئر وغيرها وقد ارتبطت قدسيته بقدسية المسجد الحرام من خلال رحلة الاسراء والمعراج التي دونت في كتاب الله وفي سنة رسول الله من خلال توجيهات الرسول الكريم وعند مطالعتنا لكتاب الله نجد أن الإشارات التي تؤكد مكانة المسجد الأقصى كثيرة في كتاب الله قال تعالى عن ابراهيم عليه السلام ( ونجيناه ولوطا إلى الأرض التي باركنا فيها ) وفسر ابن عباس قوله تعالى ( وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها قرى ظاهرة ) قال : القرى التي بارك ربنا بها هي بيت المقدس , وقال تعالى ( ولسليمان الريح عاصفة تجري بأمره إلى الأرض التي باركنا فيها ) وقال الزجاج : سماها ربنا المطهرة لأنها طهرت من الشرك وجعلت مسكنا للأنبياء والمؤمنين وهي التي اقسم بها فقال ( والتين والزيتون ) المسجد الأقصى وما حوله أرض مباركة عاش عليها الأنبياء ابراهيم واسحق ويعقوب ويوسف ولوط وداوود وسليمان وصالح وزكريا ويحيى وعيسى عليهم السلام وبرحلة الإسراء سلمت راية بيت المقدس للرسول محمد ليصبح هو صاحب السيادة عليها ولذا اعطى لبيت المقدس اولوية في العمارة والإعمار لأنه ثاني مسجد وضع لعبادة الله سئل الرسول : يا رسول الله أي مسجد وضع اول ؟ قال ( المسجد الحرام ) قيل : ثم أي ؟ قال ( المسجد الأقصى ) قيل : كم بينهما ؟ قال ( أربعون سنة ) ولذا الصلاة فيه مضاعفة الأجر قال رسول الله ( الصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة مما سواه . وصلاة في مسجدي هذا بألف صلاة , وصلاة في المسجد الأقصى بخمسمائة صلاة ) وحتى لا يتهاون الناس في المجيء اليه حث الرسول
2 / 3
على زيارته واجاز شد الرحال اليه فقال ( لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد , المسجد الحرام , والمسجد الأقصى , ومسجدي هذا ) بل بشر المصلين في المسجد الأقصى بالمغفرة فقال ( إن سليمان بن داود لما بنى بيت المقدس سأل الله ثلاثا : سأله أن يحكم بحكم يواطئ حكمه , وسأله ملكا لا ينبغي لأحد من بعده , وسأله أيما عبد أتى بيت المقدس لا يريد إلا الصلاة فيه أن يكون خرج من خطيئته كيوم ولدته أمه , فأعطاه الله اثنتين وأرجو أن يكون أعطاه الثالثة ) وهذه البقعة من الأرض هي أرض المحشر والمنشر التي عليها تكون الطائفة المنصورة لقول رسول الله ( لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لعدوهم قاهرين حتى يأتيهم أمر الله وهم كذلك ) قيل يا رسول الله أين هم ؟ قال ( ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس ) فالمسجد الأقصى كان قبلة المسلمين الأولى حيث أن رسول الله واصحابه كانوا يتوجهون الى بيت المقدس للصلاة واستمر هذا الحال ستة أو سبعة عشر شهرا فعن البراء بن عازب قال : صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نحو بيت المقدس ستة عشر او سبعة عشر شهرا ثم صرفنا الى القبلة , وهذا ما أكده القرآن الكريم قال تعالى ( وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه ) وقد أكد الرسول ضرورة الإعتناء بالمسجد الأقصى للصراع الذي يحيط به قال ابو ذر : تذاكرنا ونحن عند رسول الله أيهما أفضل : أمسجد رسول الله أم بيت المقدس ؟ فقال رسول الله : صلاة في مسجدي أفضل من أربع صلوات فيه , ولنعم المصلى هو , ليوشكن أن يكون للرجل مثل شطن فرسه من الأرض حيث يرى منه بيت المقدس خير له من الدنيا جميعا ) والصلاة في المسجد الأقصى اجرها عظيم كما ورد على لسان رسول الله القائل ( الصلاة في المسجد الحرام بمائة الف صلاة , وصلاة في مسجدي بألف صلاة , والصلاة في المسجد الأقصى بخمسمائة صلاة ) ويكفينا شرفا أن الرسول صلى فيه اماما بألأنبياء لتتعلق به القلوب وتحن اليه فعن ميمونة مولاة رسول الله قالت : قلت : يا رسول الله , أفتنا في بيت المقدس , قال ( أرض المنشر والمحشر ايتوه , فصلوا فيه فإن صلاة فيه كألف صلاة , قالت : أرأيت من لم يطق أن يتحمل إليه فلم يأتيه ؟ قال : فليهد اليه زيتا يسرج فيه , فإن من أهدى له كان كمن صلى ) ملخص القول أن هذه الذكرى العطرة تأتي لتجدد العهد مع الأقصى وتوجب المحافظة عليه