الدعاء في وقت النوازل بقلم الشيخ رشاد ابو الهيجاء

مراسل حيفا نت | 19/01/2024

الدعاء في وقت النوازل

بقلم الشيخ رشاد أبو الهيجاء
إمام مسجد الجرينة -حيفا
ومأذون حيفا الشرعي
ايمانا منا أن الدعاء هو سلاح المؤمن الذي به تستجلب رحمة السماء واغاثة الملهوفين والضعفاء والمنكوبين من الحروب وويلاتها بعد عن عجزت كل الامكانيات لوقف الحرب الظالمة من المخلصين والمحبين للإنسانية أن تسود على هذه الأرض فلم يبق الا اللجوء الى القوي الذي لا تعجزة قدرة البشر الباطشة ففي معركة بدر خرج رسول الله ومعه 314 ليلتقي بجيش مكة الذي قوامة 1000 مقاتل وهؤلاء الذين خرجوا مع الرسول كانوا فقراء ولا يملكون من حطام الدنيا الا القليل فوقف الرسول في عريشه قبل المعركة فقال (اللهم انشدك عهدك ووعدك , اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد ) وفي رواية ( اللهم أنجز لي ما وعدتني , اللهم آتني ما وعدتني , اللهم إن تهلك هذه العصابة من الإسلام لا تعبد في الأرض ) وبقي على حاله وهو مستقبل القبلة حتى نزل عليه قوله تعالى ( إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين ) وكان في مقدمة الملائكة جبريل عليه السلام كما عند البخاري قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم بدر ( هذا جبريل آخذ برأس فرسه وعليه أداة الحرب ) وفي رواية أن رسول الله قال يومئذ ( هذا جبريل يسوق الريح كأنه دحية الكلبي , إني نصرت بالصبا , وأهلكت عاد بالدبور ) وبقي جبريل يساند رسول الله على اثر الدعاء حتى انتهت معركة بدر فجاءه جبريل فقال له : يا محمد , إن الله بعثني إليك وأمرني ألا أفارقك حتى ترضى , فهل رضيت ؟ قال ( نعم رضيت ) فانصرف , وكان هذا المدد من السماء للرسول بعد أن أمد أحد اعداء الرسول وهو كرز بن جابر المحاربي المشركين (جيش مكة ) فأنزل الله مخاطبا رسوله ( ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين , بلى إن تصبروا وتتقوا يأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بحمسة آلاف من الملائكة مسومين ) فلما نزلت هذه الأية وبلغت كرز عاد ادراجه لذا كان عدد الذين ناصروا رسول الله من الملائكة الف ملك , ويستدل من هذا الحدث أن الدعاء من قدر الله الذي لا ينبغي التهاون فيه فالمؤمن دائم الدعاء بين يدي ربه لعلمه أن توفيقه من الله وصحته وعافيته من الله وسلامة جسمه وعقله من الله ( فإذا مرضت فهو يشفين )ونحن في هذا الوقت العصيب لا يسعنا الا التوجه الى الله بأن يرفع الهم والغم والضيق عن المستضعفين وإن يجعل هذه الحرب بردا وسلاما عليهم لأن الله وحده كاشف للمصائب النازلة بعباده قال تعالى ( وإن يمسسكم الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله يصيب به من يشاء من عباده وهو الغفور الرحيم ) وهذا التوجه هو كمال العبودية لله القائل ( وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادي سيدخلون جهنم داخرين ) فاعتبر الدعاء عبادة والمتخلي عنها متكبر على ربه المتعال وهذا المنهج الذي سار عليه الأنبياء فيونس عليه السلام لما ابتلعه الحوت لجأ الى ربه قال تعالى ( وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين * فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين ) ونبي الله يوسف لما تعرضت له الفتنة لجأ الى ربه فقال ( رب السجن أحب الي مما يدعونني إليه وإلا تصرف عني كيدهن أصب اليهن وأكن من الجاهلين ) أما نبي الله نوح فقال مخاطبا ربه ( فدعا ربا أني مغلوب فانتصر * ففتحنا ابواب السماء بماء منهمر * وفجرنا الأرض عيونا فالتقى الماء على أمر قد قدر * وحملناه على ذات الواح ودسر* تجري بأعييننا جزاء لمن كان كفر ) وقد قدمت لحال رسول الله في الملمات والنوازل , وبما أننا في زمان كثرت فيه الفتن والمصائب وكثر فيه الهرج ولم نجد نصيرا الا الله فلنتضرع بين يديه ونرفع شكوانا اليه ليرفع عنا كل ذلك ويبدل خوفنا أمنا وسلاما وأن ينشر أمنه وسلامه على المعمورة كافة وحتى نكون من مستجابي الدعاء فلا بد من الاخلاص لله والتحرر من المعاصي ولكن واقعنا لا يبشر بخير فكثير من شبابنا لا هم لهم الا المنكرات والفواحش والتعدي على الأعراض وكثير من كبار السن مشغول عن قراءة القرآن والدعاء والسجود في الأسحار بلعب القمار والنرد وهذا الحال يستجلب النقم قال تعالى ( ولقد أرسلنا الى أمم من قبلك فأخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يتضرعون * فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ولكن قست قلوبهم وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون * فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون ) وقد أكد العلماء بأنه ما رفع بلاء الا بتوبة وما نزل بلاء الا بذنب لذا لا بد من العودة الى الله والوقوف بين يديه ندعوه ونحن موقنين بالاستجابة وبالدعاء تصنع المعجزات فنبي الله موسى الذي طلب معية الله نصره الله على فرعون ونجاه منه قال تعالى ( فلما تراءى الجمعان قال أصحاب موسى إنا لمدركون * قال كلا إن معي ربي سيهدين * فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم * وأزلفنا ثم الآخرين * وأنجينا موسى ومن معه أجمعين * ثم أغرقنا الآخرين )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *