الأنبياء أعظم ابتلاء بقلم الشيخ رشاد أبو الهيجاء

مراسل حيفا نت | 26/10/2023

الأنبياء أعظم ابتلاء

الشيخ رشاد أبو الهيجاء
إمام مسجد الجرينة -حيفا
ومأذون حيفا الشرعي

في ظل الواقع يجب إمعان النظر في سيرة الأنبياء , وعندها ستجد أن الابتلاء والمحن أمر قائم منذ بداية البشرية وقد دونت هذه الابتلاءات في الكتب السماوية وجاء كثير منها في القرآن الكريم والسنة المطهرة فنبي الله نوح بعث ليدعو قومه الى عبادة الله فهددوه بالقتل قال ربنا ( كذبت قوم نوح المرسلين * إذ قال لهم أخوهم نوح ألا تتقون * إني لكم رسول أمين * فاتقوا الله وأطيعون * وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين ) فكان ردهم عليه ردا شديدا وتوعدوه بالرجم ( قالوا لئن لم تنته يا نوح لتكونن من المرجومين ) فتوجه الى ربه بالدعاء والذي يعتبر السلاح الأقوى في ظل المحن فقال (قال رب إن قومي كذبون * فافتح بيني وبينهم فتحا ونجني ومن معي من المؤمنين * فأنجيناه ومن معه في الفلك المشجون * ثم أغرقنا الباقين * إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين ) ونبي الله شعيب عندما خاطب قومه بالحجة والبرهان ودعاهم الى ما ينجيهم , دعاهم الى عدم الظلم في الميزان والتحكم بلقمة العيش ودعاهم إلى عبادة الله قال تعالى ( والى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من اله غيره ولا تنقصوا المكيال والميزان إني أراكم بخير وإني أخاف عليكم عذاب يوم محيط * ويا قوم أوفوا المكيال والميزان بالقسط ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين * بقية الله خير لكم إن كنتم مؤمنين وما أنا عليكم بحفيظ ) واستمر النقاش بالحجة البرهان حتى عجزت ألسن الطغاة من المحاججة فتوعدوه بالعذاب فقالوا ( قالوا يا شعيب ما نفقه كثيرا مما تقول وإنا لنراك فينا ضعيفا ولولا رهطك لرجمناك وما أنت علينا بعزيز ) وهكذا لما يعلوا صوت الحق وتقام الحجة بالبينة  فنبي الله  إبراهيم توجه الى أبيه فقال له ( ( إذ قال لأبيه يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا * يا أبت إني  قد جاءني من العلم ما لم يأتك فاتبعني أهدك صراطا سويا * يا أبت لا تعبد الشيطان إن الشيطان كان للرحمن عصيا * يا أبت إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن فتكون للشيطان وليا * قال أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم لئن لم تنته لأرجمنك واهجرني مليا ) رغم انه ما  أراد لأبيه الا أن يتقبل الحق ولكنه أصر على الباطل ولجأ للتهديد والوعيد وهكذا حال الأنبياء جميعا على مدار التاريخ لنعلم أن الصراع بين الحق والباطل قائم ما دامت السموات والأرض فقد أورد الترمذي عن رسول الله الذي دعا قومه فقال لهم ( قولوا لا اله إلا الله تفلحوا ) فقال ابو جهل : لئن رأيت محمدا يصلي لأطأن عنقه  فلما رأى رسول الله يصلي قال له : ألم أنهك عن هذا ؟ ألم أنهك عن هذا ؟ أنك تعلم ما بها ناد أكثر مني فأنزل الله ( أرأيت الذي ينهى عبدا إذا صلى * أرأين إن كان على الهدى أو أمر بالتقوى * أرأيت إن كذب وتولى * ألم يعلم بأن الله يرى )  ونبي الله موسى الذي بعثه الله من اجل أن يحرر قومه من طغيان فرعون  قال تعالى ( فأتيا فرعون فقولا إنا رسول رب العالمين * أن أرسل معنا بني إسرائيل ) فكان رد فرعون ( قال ألم نربك فينا وليدا ولبثت فينا من عمرك سنين ) فكان رد موسى ( وتلك نعمة تمنها علي أن عبدت بني إسرائيل ) ويشتد الحوار بين موسى وفرعون ويقيم موسى على فرعون الحجة والبرهان فيلجا الى التهديد والوعيد بالقتل والتشريد فقال فرعون ( قال لئن اتخذت إلها غيري لأجعلنك من المسجونين ) وفعلا تمكن موسى من إخراج قومه من العبودية فارا بهم الـأمر الذي لم يقبل به فرعون ( فأتبعوهم مشرقين * فلما ترآءا الجمعان قال أصحاب موسى إنا لمدركون * قال كلا إن معي ربي سيهدين ) فانظروا إلى قدرة الله التي لا يحدها شيء فمن كانت معية الله معه لا يمكن أن يخذل أبدا لذا سخر الله له البحر الذي من عادته الإغراق أن يكون سلما على موسى ودمارا وهلاكا على الطاغية فرعون قال تعالى ( فأوحينا الى موسى أن اضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم * وأزلفنا ثم الآخرين * وأنجينا موسى ومن معه  أجمعين * ثم أغرقنا الآخرين ) ولما أقام موسى الحجة على فرعون وأمنت السحرة قال فرعون ( ذروني اقتل موسى وليدع ربه أني أخاف ان يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد ) وتوعد السحرة فقال لهم ( آمنتم له قبل أن آذن لكم إنه لكبيركم الذي علمكم السحر فلأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ولأصلبنكم في جذوع النخل ولتعلمن أينا أشد عذابا وأبقى ) وأمام هذا التهديد والوعيد ثبت أهل الحق فقالت السحرة ( قالوا لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات فاقض ما أنت قاض إنما تقضي هذه الحياة الدنيا إنا آمنا بربنا ليغفر لنا خطايانا وما أكرهتنا عليه من السحر والله خير وأبقى ) فألوان المحن والابتلاءات كثيرة فتارة تكون بالإغراء وتارة بالتهديد والوعيد ولكن الأنبياء كما سيق لكم كانوا خير القد وات لشعوبهم ولكل من سار على طريق الحق والصواب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *