مسائل في العلاقة الزوجية
بقلم الشيخ رشاد ابو الهيجاء
تثار مسائل كثيرة في هذه الأيام نتيجة منحى يسير نحوه العالم وهو تفكيك الاسرة وحتى يتمكنوا من الوصول الى قصدهم يثيرون مسائل ,منها ما يدور حول نفقة المرأة ومنها ما يدور حول العمل ومنها في حدود العلاقة بين الزوجين وأسئلة اخرى , الحقيقة أن كل هذه الأسئلة التي اعتقدوا أن لا إجابة عليها تعرض اليها الفقهاء من خلال مطالعتهم للكتاب والسنة , وأرى من الضرورة في مكان أن نتعرض الى ما يعني الأسرة حتى تبقى قوية تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها . وكما هو معلوم أن بناء اسرة متماسكة يعني بناء مجتمع مكين فكلما ثبتت العلاقات الاسرية وساد الود والحب والرحمة بين ابناء الأسر تكون لدينا مجتمع يتطلع الى معالي الأمور وحتى يتحقق الأمر فلا بد من معرفة الأزواج أن كل معروف يسديه احد الأزواج الى الآخر ولو كان ذلك ابتسامة او كلمة طيبة يترتب عليه اجور عظيمة من رب كريم تحفز الأزواج على البذل والعمل الدئوب من اجل تحقيق مصالح الشركاء في الاسرة زوج كان او زوجة واطفال وهذا يطلق الأزواج من عقال الأنانية وحب الذات الى البذل وكيف لا والرسول الكريم يقول ( للقمة التي تضعها في في زوجتك لك عليها اجر ) وقال ( تبسمك في وجه اخيك صدقة ) وقال ( والكلمة الطيبة صدقة ) وخاصة اذا علم كل منهما دوره الأساسي فيجزون على الزواج ويؤجرون على الإنفاق وتؤجر الزوجة على الإنجاب واذا اعتني بالأولاد وتربوا التربية الحسنة وكان الأولاد من البررة بآبائهم فيؤجرون الجزاء الحسن وكل ذلك سيؤدي الى تماسك الأسرة وتواصلها وتراحمها , وهذا الدور الكبير المنوط بأعضاء هذه الأسر لا بد أن يغير الكثير من المفاهيم ولذا بد من الإجابة على التسائلات في ظل الواقع الجديد الذي تعيشه الأسرة , ومن الأسئلة التي تطرح ايهما أولى بالطاعة الوالدين ام الزوج ؟ وقد يستغرب البعض من هذا السؤال ولكننا نجد في أيامنا عدم الوضوح في الإجابة على هذا السؤال يؤدي الى تفكك الأسرة وخاصة في ظل محاولة بعض الأمهات السيطرة الكاملة على نمط حياة ابنائهم بعد الزواج لذا لا بد من بيان أن الشرع يعتبر انتقال الزوجة من بيت والدها الى بيت زوجها معناه خلع ولاية الأب عن الزوجة ليلبسها الزوج , فتصبح مسئوليته عن زوجته ورعايتها وحمايتها من الضرورة الشرعية التي لا يجوز الإخلال بها عندها تكون الزوجة مسئولة عن زوجها وأبنائها وبيتها ويصبح الزوج أولى بها من أمها وأبيها وهي اولى به من أمه وأبيه , هذا لا يعني التخلي عن بر الوالدين ولكن يجب الفصل بين حقوق وواجبات الأسرة وحقوق وواجبات الوالدين دون أن يضر جانب بآخر , وهذا الفهم يجعلهما يتعايشان بمحبة ومودة ورحمة ولذا بين رسول الله أن طاعة الزوجة لزوجها تدخلها الجنة قال رسول الله ( إذا صلت المرأة خمسها , وصامت شهرها , وحصنت فرجها , وأطاعت بعلها دخلت من أي ابواب الجنة شاءت ) واذا تعارضت طاعة الزوجة لزوجها مع طاعتها لوالديها قدمت طاعة زوجها على طاعتها لوالديها وإن كان الأولى بالزوج أن يعين زوجته على برها لوالديها وأن يحثها على ذلك وهذا ما افتى به الامام احمد بن حنبل , ومن الأسئلة التي تطرح وتستحق الإجابة الشرعية وهي ما هو دور كل واحد من الزوجين داخل الأسرة ؟ ولو تمعنا في الشرع لوجدنا أن دور الرجل الأصلي هو الكسب الحلال لينفق على اهل بيته واكد هذا الدور حديث رسول الله في حجة الوداع حين قال ( ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف ) ويروى أن مولى لعبد الله بن عمرو قال له : إني أريد أن أقيم هذا الشهر ها هنا ببيت المقدس , فقال له : تركت لأهلك ما تقوتهم هذا الشهر ؟ قال : لا , قال : فارجع الى أهلك فاترك لهم ما يقوتهم فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت ) وهنا يطرح سؤال : ماذا لو عملت المرأة فهل تجب عليها النفقة ؟ والجواب : أن نفقة المرآة واجبة على زوجها ولو كانت غنية وهو من الفقراء إلا أن تتصدق عليه فلها أن تتنازل عن النفقة برضاها إذا كانت غنية, ولها أيضا أن تنفق عليه برضاها وما تنفقه يكون صدقة تتصدق بها على زوجها , وبما أن نفقة المرأة واجبة على الزوج فلا يجوز له أن يدفع زكاة ماله لزوجته ولكن العكس هو الصحيح لأن نفقة الزوج غير واجبة على الزوجة فيجوز لها أن تعطيه زكاة مالها ويكون اجرها مضاعف لما يروى عن زوجة عبد الله بن مسعود أنها استفتت النبي في دفع صدقتها لزوجها لفقره وحاجته فقال ( نعم لها أجران , |أجر القرابة , وأجر الصدقة ) ومن الأسئلة التي تطرح ويثار حولها الجدل , هل عمل المرأة في بيتها واجب عليها أم لا ؟ ولذا اقدم بداية حديث رسول الله ( كلكم وكلكم مسئول عن رعيته , فالرجل راع في بيته ومسئول عن رعيته والمرأة راعية في بيتها ومسؤولة عن رعيتها ) والراع هو السيد والسيد لا يضيع من ساد عليهم والمرأة هي افضل من يسود البيت برعايته وصيانته ولو أن عملها غير واجب لما نصح الرسول ابنته بتلك النصيحة يروى أن فاطمة بنت محمد اشتكت اليه شدة عمل بيتها وما تلاقيه من الطحن بالرحى فدلها على التسبيح والتحميد والتكبير قبل النوم ,ولو كان عملها غير واجب لكانت نصيحته غير ذلك , وهذا لا يعني أن لا يعمل الرجل في خدمة اهله فعن عائشة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خلا في بيته ألين الناس , وأكرم الناس , كان رجلا من رجالكم إلا أنه كان ضحاكا بساما , وما كان الا بشرا من البشر , كان يكون في مهنة اهله , يخصف نعله , ويخيط ثوبه , ويحلب شاته , ويخدم نفسه , ويعمل في بيته كما يعمل احدكم في بيته , فإذا حضرت الصلاة خرج الى الصلاة . ولا رأيته ضرب بيده امرأة ولا خادما )




