بادر مركز مساواة الى تنظيم عدد من النشاطات التربوية والاحتجاجية بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الأنسان. ونظم المركز المحاضرات في مدارس النقب، شفاعمر وحيفا وأمسية مسرحية في شفاعمر وشارك نشطاء المركز في مظاهرات حقوق الانسان في حيفا وتل ابيب ومظاهرة النقب امام مكتب رئيس الحكومة في القدس.
وفي بيان أصدره مركز مساواة "نشهد في السنوات الأخيرة تدهورا خطيرا في مكانة حقوق الإنسان في البلاد، إذ يمر المجتمع الفلسطيني ومؤسسات حقوق الإنسان وعلى وجه الخصوص المؤسسات العربية بمرحلة مصيرية، ضمن الهجمة التي تشنها الحكومة الحالية على الحريات عامة، والتي تستهدف الجهود الرامية إلى تثبيت حقوق جماهيرنا الفلسطينية في الوطن والمواطنة المتساوية وفي حقنا وواجبنا بالدفاع عن حقوق الإنسان وعن قضايا أبناء شعبنا في كل مكان".
عدا عن القوانين العنصرية التي تهدف إلى ضرب الجماهير العربية والمؤسسات العربية وتضييق الخناق على حرية التعبير عن الرأي، والتي تعتبر إحدى حقوق الإنسان الأساسية، فإن المساحة الممنوحة لحقوق الانسان في إسرائيل آخذة بالتقلصّ! هذا بالإضافة للملاحقة والتضييق المستمر على أهلنا في النقب وخصوصا في القرى غير المعترف بها والتي تعاني من انعدام المقومات الأساسية لحقوق الإنسان وذلك في ظل غياب الخدمات الأساسية في مجال السكن والصحة والتعليم والتي تهدف إلى تيئيس أهل النقب الصامدين وتهجيرهم. الملاحقات مستمرة، وسياسة الترانسفير، التي هي أكبر تعدي على حقوق الانسان مستمرة عبر مخطط حكومي جديد صدر في العام الجاري – مخطط برافير، الهادف لسلب أراضي واقتلاع 30 ألف مواطن عربي في النقب.
وضمن نشاط مركز مساواة لإحياء اليوم العالمي لحقوق الانسان، قدّم طاقم المركز محاضرات حول حقوق الانسان لطلاب مدارس في النقب وشفاعمرو وحيفا، خلال الأسبوع المنصرم، ليحيي هذا اليوم بأمسية فنية ثقافية حقوقية عقدت في قاعة "إشكول بايس" شفاعمروعصر يوم الجمعة 9 كانون الأول وعرضت خلالها مسرحية "كابوتشينو في رام الله" ، تمثيل الفنانة سلوى نقارة والتي تتحدث عن معاناة الإنسان الفلسطيني عبر الحواجز والحصار وتقليص الحريات بشكل مستمر تحت الاحتلال الإسرائيلي.
توّلى عرافة الأمسية مركّز الائتلاف لمناهضة العنصرية، ربيع صغيّر، والذي رحّب بالحاضرين في هذه الأمسية، والتي حضرها العديد من أبناء شفاعمرو والمنطقة والطلاب.
جريس حنا: نحن شعب يحب الحياة!
من جهته أكد القائم بأعمال رئيس بلدية شفاعمرو، جريس حنا، والذي ناب عن رئيس البلدية ناهض خازم الذي تعذر حضوره: "في اليوم العالمي لحقوق الانسان لا يسعنا جميعنا كناس وكشعب وكأمة في هذه البلاد الا أن نتوق للمساواة الحقيقية. هذا اليوم العالمي، فهو يوم حقوق كل انسان خلق على هذه البسيطة. فكل انسان يطلب العدالة والمساواة يحق له أن يراها محققة في كل أنحاء العالم. نحن شعب يحب الحياة، ليس لنا فقط بل لغيرنا أيضا، ونطلبها بصوت عال بأن يستخدم الميزان ذاته والمكيال ذاته مع كل الشعوب، وخاصة أبناء شعبنا الفلسطيني".
وطالب حنا بتوعية الطلاب في الروضات، المدارس، الجوامع، الكنائس، الخلوات، وكل مكان ضد العنصرية بهدف بناء مجتمع صالح ومحب ويكره الضغينة ويتوق فقط للحياة الكريمة الشريفة المحترمة.
جعفر فرح: مشروعنا الحقوقي يتخطى الخدمات ويشمل الثقافة كحق ا!
من جهته شكر جعفر فرح، مدير مركز مساواة كلا من بلدية شفاعمرو على استضافة هذا البرنامج، والفنانة سلوى نقارة على عملها المسرحي الرائع، وطاقمي مركز مساواة والمركز الجماهيري على تنظيم الأمسية. وأكد "الى جانب ما نمر فيه من انتهاك لحقوق الأنسان على أشكاله من احتلال او تمييز فان الطائفية تنخر فينا من خلال التربية، وعلينا ان ننطلق في مكافحة العنصرية من بناء ذاتنا وهذه مسؤوليتنا نحن في نهاية الأمر.
فصل التعليم طائفيا في شفاعمرو أو حيفا أو المغار، هي إحدى جذور المأساة التي لمستموها في شفاعمرو والمغار وسنراها لاحقا في كل مكان. علينا إعادة صياغة هوية مجتمعنا فعندما نتحدث عن حقوق الانسان بيوم من هذا النوع، نحن نتحدث أيضا عن أنفسنا كناس نرغب ببناء شعب، فأي شعب نحن نريده؟ وللبلدية والمركز الجماهيري ومؤسسات كمساواة هناك دور هام في وضع التصوّر لبناء شعب.. والتحدي الأكبر هو أي حيفا وأي شفاعمرو نحن نريد"؟.
وأردف قائلا: "عندما يُقتل ثلاثة في أم الفحم، القضية ليست قضية أم الفحم لوحدها، وعندما تهدد قرى كاملة بالتهجير ليست القضية قضية النقب لوحده، يوم الأحد لدينا اضراب ومظاهرة ضد مخطط برافر.. لا أعتقد أن أي شعب ممكن أن يحمي نفسه اذا قال "الحيط الحيط ويا رب السترة"، فقط من يناضل ويقف الى جانب أبناء شعبه يمكنه أن يحافظ على صمودنا، وأعتقد أن وقفتنا معا يوم الأحد كإحدى الوقفات التي يجب أن نقفها الى جانب بعضنا البعض، وهناك حاجة لأن يقف أهل شفاعمرو الى جانب أهل النقب.. فقط هكذا يمكننا أن نبني شعبا، دون أن نحاصر أنفسنا وأن نعادي شعوب أخرى"!
رنا صبح: حذارِ من المنزلقات!
وأكدت رنا صبح – مديرة قسم المعارف في بلدية شفاعمروبعد أن قرأت قصيدة محمود درويش "فكرّ بغيرك":
حين نتحدث عن حقوق الانسان هنا، هناك من لا يزال يضرب بهذه الحقوق عرض الحائط، وهناك شعوب كاملة لا تزال قابعة تحت نير الذل والجوع والفقر والقمع، وحين نتحدث عن ربيع الأمم هنا، لا نزال نتحدث عن وهم هناك تبدده عواصف الواقع. أقول ذلك وأنا على معرفة أن الظروف التي نحياها تعكس صورة حقيقية عما يدور في جهاز التربية والتعليم، فإذا كان جهاز التربية والتعليم منخورا، ومن يتعاطى فيه من مدراء ومعلمين وطلاب قد يتعرضون للعنف والأذى النفسي والجسدي المباشر وغير المباشر، فلا يمكن لمجتمع أن يعيش بصدق وحرية في الرأي والتعبير والمعتقد.
المطالبة بإحقاق حقوق الانسان هي المدماك الأول والأساس الذي ينهض ببناء المجتمعات وتتجه مفاهيم التربية الحديثة الى احترام المتعلم وما يعبر عنه من هواجس، وشراكة بشكل فاعل وديناميكي في تحمل مسؤولية القرار حول أحلامه ومستقبله ودوره في المجتمع. مجتمعنا هو مجتمع مختلط تتميز تركيبته الديمغرافية بالتنوع الطائفي والاجتماعي والاقتصادي، وطالما كان هذا التنوع مصدرا للغنى وقوى محركة، ولكنه أيضا قد يكون مصدرا للتشاوب والتمايز وعدم الاستقرار فحذارِ حذارِ من هذه المنزلقات".
سلمان ناطور: بمقدورنا أن نبني ثقافة عربية فلسطينية راقية!
أما الأديب سلمان ناطور – مدير مشروع الحقوق الثقافية في مركز مساواة فقال: "الحق في الثقافة، في الظروف التي نعيشها نحن، هو أولا أن نحدد نحن هوية ثقافتنا لا موظف في الدولة ولا وزير ولا كنيست، ونحن حددناها ثقافة عربية فلسطينية. الحق في الثقافة هو أن لا تكون ميزانية الثقافة للفلسطينيين في هذه البلاد 3% فقط من ميزانية الثقافة. هي معركة من أجل أن نحصل على حقوق وامتيازات وميزانيات تمّكن مدننا وقرانا من إنشاء المراكز الثقافية والمسارح والمتاحف ونقيم الورشات الفنية والمكتبات العامة والفرق الموسيقية ودور نشر الكتاب الفلسطيني ، هذا حق لا فضل فيه لأحد علينا، ونحن قادرون من حيث طاقاتنا وملاكاتنا، على تطوير حركة ثقافية تنسجم والمشروع الثقافي الفلسطيني العام وكذلك يكون جزء من الحراك الثقافي العربي من المحيط إلى الخليج وطبعا نطمح لأن نكون جزء فاعلا في ورشة الحضارة العالمية والكونية.
. وأضاف: أن شفاعمرو لم تنشأ في الـ48 بل هي قائمة منذ آلاف السنين، وكذلك جميع بلداتنا العربية، وثقافتنا هي ثقافة عربية تعود لآلاف السنين، وعلى هذا الموروث الحضاري نقيم مشروعنا الثقافي. ويجب ألا نستهين بقدراتنا ولا نستصغر أنفسنا.
وأكد ناطور: "شفاعمرو فيها قدرات فنية كبيرة وقد نظمت نشاطات ومهرجانات تعتبر من أهم المهرجانات في البلاد، وفي حيفا والناصرة كذلك الأمر. أنشأنا ثقافة عظيمة في ظروف احتلال وفي ظروف حكم عسكري، وننشيء ثقافة في ظروف تمييز عنصري، لأننا شعب حضاري يحب الحياة. واذا كانت لدينا هذه القدرات، فنحن نريد أن نطوّرها وأن نضع أمام أنفسنا مشروعا ثقافيا وحضاريا. ومثلما لنا حق في الثقافة، للثقافة أيضا حق علينا، وهذا واجبنا كأفراد وبلديات وجمعيات ومؤسسات أن ندعم هذه الثقافة، أن ندعم هذا المسرح وأن ندعم الكتاب والأغنية وأن يعتبر كل منا أي نشاط ثقافي، ليس فقط لمن أنتجه، النشاط الثقافي هو ايضا لمن يتلقاه"!
. أنتم تعلمون انه اينما تحضر الثقافة تهرب "الهمالات"، اينما تحضر الثقافة يختفي العنف، واينما تحضر الثقافة يتضاءل التعصب الطائفي والديني والشخصي والحمائلي والقبلي والحزبي والأناني. الثقافة هي التي تنظم المجتمع، ونحن قادرون على أن نبني ثقافة راقية، تليق بنا"!.