«حيفا» تخترق الحدود فتكون صحيفة “حيفا” قد تخطّت بذلك الحدود الدوليّة

مراسل حيفا نت | 10/12/2011

 

 

في ندوة حول «العلاقات الأوروپيّة – المتوسّطيّة في أعقاب الربيع العربيّ»
البرلمان الأوروپيّ يعتذر إلى العالم العربيّ!!

* فرح: الطريق الأفضل إلى فهم الآخر، هو الحوار والتواصل معه * هناك حاجة ملحّة إلى إنشاء مثل هذه المِساحة من الحوار، بعد سنوات طويلة من الحرمان * على عاتقكم تقع مسؤوليّة كبيرة، ونحن نؤمن بطاقاتكم الهائلة وقوّتكم في نشر المعلومات الصحيحة، لأنّ هذا هو مِفتاح النجاح * موجة الاحتجاجات الشعبيّة في العالم العربيّ تُعتبر «معجزة» * نهدف إلى فتح صفحة جديدة  الفيتوريّ (رئيس نقابة الصِّحافيّين في ليبيا، ومدير تحرير صحيفة «الميادين»): نثمّن عملكم * اللِّحيانيّ (صحيفة «الخبر» الجزائريّة المعارضة): يهمّنا التواصل * سويلم (إعلاميّة في قناة «النيل» المصريّة): أنتم الصامدون * مهنّا (إعلاميّة في قسم الأخبار في قناة LBC اللّبنانيّة): جيران.. ولكن..! * صحيفة «حيفا» تتخطّى الحدود، لتصل إلى ليبيا، الجزائر، المغرب، ولبنان!

 

مطانس فرح
عاد إلى البلاد من العاصمة البلجيكيّة، بروكسل، يوم الخميس من الأسبوع الماضي، مدير تحرير صحيفة "حيفا"، مطانس فرح، بعد مشاركته في ندوة حول "العلاقات الأوروپيّة – المتوسّطيّة في أعقاب الربيع العربيّ"، بدعوة من الاتّحاد الأوروپيّ.
وقد شارك في هذه الندوة صِحافيّون وإعلاميّون من أوروپّا (إسپانيا، إيطاليا، الدانمارك، السويد، ألمانيا، النمسا، اليونان، بلجيكا (البلد المضيف)، بلغاريا، هنغاريا، تشيخيا، فرنسا، فنلندا، قبرص، مالطا، ولوكسمبورغ)، والعالم العربيّ (الأردن، الجزائر، المغرب، تونس، فِلَسطين، لبنان، ليبيا، ومصر)، وتركيا وإسرائيل.. كجزء من جهود يقوم بها الاتّحاد الأوروپيّ لدعم التحوّل إلى الديمقراطيّة في مِنطقة المتوسّط ​والشرق الأوسط، ولاستكشاف فرص شراكة جديدة جادّة.

هذا وأقرّ أعضاء في البرلمان الأوروپيّ، في الندوة التي عُقدت في بروكسل يومَي 29 و30 تشرين الثاني/نوڤمبر 2011، بارتكاب الاتّحاد الأوروپيّ أخطاء في تعامله مع العالم العربيّ، وخصوصًا مع جيرانه، دول جنوب البحر الأبيض المتوسّط، مؤكّدين أنّ التغاضي عن الاستبداد يقوّض الديمقراطيّة.
هذا وقد كان للإعلام العربيّ، والإعلام الإلكترونيّ منه خصوصًا، دور كبير في التغيير، وفي تغيير معايير الصِّحافة الرسميّة، أيضًا. فقد استطاع الإعلام الإلكترونيّ – عبر مواقع مجتمعيّة وغيرها – أن يخترق الحدود، وأن يغيّر مفاهيم الصِّحافة ليتكلّم باسم الشعب بحريّة.

على أثر ذلك، وفي خضمّ إسقاط الأنظمة، وفي الطريق نحو الديمقراطيّة، دعا الاتّحاد الأوروپيّ عدّة صِحافيّين وإعلاميّين، للمشاركة في ندوة تحت عُنوان «العلاقات الأوروپيّة – المتوسّطيّة في أعقاب الربيع العربيّ»، ليفهم ويدرس من خلالها متطلّبات الشعوب العربيّة واحتياجاتها وتطلّعاتها، ويؤكّد – ضمنها – على الشراكة الأوروپيّة – المتوسّطيّة، ليدعم عمل الصِّحافيّين والإعلاميّين ويقدّم لهم الخدمات اللازمة.

وسائل الإعلام هدفها التعريف والتواصل  ورحّب رئيس البرلمان الأوروپيّ، جيرزي بوزك (تشيخيا) بالمشاركين عبر الشاشة، قائلًا: "أشعر بسعادة لاستقبالكم في هذه الندوة، أيّها المحترفون والاختصاصيّون في مجال الإعلام. إنّ البرلمان الأوروپيّ يُدرك أنّ وسائل الإعلام هدفها التعريف والتواصل. أدشّن هذه الندوة الّتي تأتي في مرحلة حاسمة من مراحل الوعي الجديد، موجة جديدة تحمل في طيّاتها آمالًا جديدة. البرلمان الأوروپيّ بذل قصارى جهده للدفاع عن حقوق الإنسان، وجائزة «سخاروڤ» لهذا العام نمنحها للربيع العربيّ؛ ونعقد بدورنا نقاشًا مُدركًا وحيويًّا في هذا الخصوص. نرحبّ بكم، ونعلن افتتاح الندوة".

 

حان الوقت لسياسة أوروپيّة جديدة  وقال جياني بيتلا (نائب الرئيس المسؤول عن العلاقات الأوروپيّة – المتوسّطيّة في الاتّحاد الأوروپيّ): "إنّ الأوروپيّين بحاجة إلى الاعتراف ببعض الأخطاء الّتي ارتكبوها، وأنهم اعتمدوا في حوارهم مع جيرانهم، دول البحر الأبيض المتوسّط والشرق الأوسط، على التجارة فقط!"، مضيفًا أنّ هذا النموذج لا يمكن الدفاع عنه بعد. وقال، أيضًا، إنّ الاتّحاد الأوروپيّ قد تغاضى عن الاستبداد الّذي مارسته الدكتاتوريّات العربيّة من أجل مصالح شخصيّة ودوافع اقتصاديّة، مشدّدًا على أنّ الوقت قد حان لسياسة أوروپيّة جديدة.

نجتمع في حدث مهمّ هدفه التفاهم  أمّا رودي كرتسا (نائب المسؤول عن الاتّصالات وسياسة المعلومات، والعلاقات الأوروپيّة – المتوسّطيّة في الاتّحاد الأوروپيّ)، فقالت: "إنّ المناقشات والحوارات السياسيّة العميقة كانت شبه معدومة في معظم دول الشرق الأوسط، وبينها وبين الدول الأوروپيّة، أيضًا".

وأضافت كراتسا (العقل المدبّر من وراء هذه الندوة) مرحّبةً بالصِّحافيّين والإعلاميّين، قائلة: "شعرت بأنّ هناك حاجة ملحّة لإنشاء مثل هذه المِساحة للحوار، وخصوصًا بعد سنوات طويلة من الحرمان. إنّه لمن دواعي سروري أن ألقاكم هنا، في ندوة مهمّة تُعقد في كنف البرلمان الأوروپيّ في بروكسل. وكمسؤولة عن العلاقات الأوروپيّة – الأوسطيّة، اُؤكّد لكم أنّنا نجتمع في حدث مهمّ، هدفه التفاهم الأفضل وتعزيز العلاقات الأوروپيّة – الأوسطيّة. وعلى أثر الربيع العربيّ وتداعياته، فهناك دور هامّ لوسائل الإعلام كافّةً؛ بنشر الرسائل والأفكار الجديدة، وترسيخ فكرة الديمقراطيّة والصِّحافة الحرّة النزيهة، بكلّ شجاعة. على عاتقكم تقع مسؤوليّة كبيرة، بكلّ ما تبثّون أو تنشرون، نؤمن بطاقاتكم الهائلة وقوّتكم بنشر المعلومات الصحيحة، لأنّ هذا هو مفتاح النجاح".

الشعب هو الّذي أسقط الأنظمة 
وأكملت حديثها، قائلةً: "أقتبس مقولة العالم الاقتصاديّ والكاتب ألفرد سوڤي "إذا ما حصل الإنسان على معلومات مناسبة، فسيتحوّل إلى مواطن صالح". ونحن بدورنا سنساعدكم لتساعدوا مواطنيكم في الحصول على المعلومات المناسبة. لقد شاهدنا تدهورًا في حريّة الصِّحافة، وطمسًا لبعض وسائل الإعلام؛ حيث يتمتّع شخص واحد من بين ستّة أشخاص بحريّة الصِّحافة في العالم. هناك ضرورة لإصلاح ذلك، لذا كان هذا هو أحد أهدافنا من وراء تنظيم هذه الندوة. البرلمان الأوروپيّ يدافع عن حقوق الإنسان، ويدعو إلى التنوّع الثقافيّ من خلال دعم وتشجيع وسائل الإعلام. ونحن هنا لمساعدتكم وتقديم الدعم".
واختتمت قائلة: "إنّنا لم نعد قادرين على التعامل مع الحالات الفرديّة، نحن بحاجة إلى إستراتيجيّة حديثة تُعالج القضايا الاقتصاديّة والاجتماعيّة، الّتي تتمحور حول التنمية المستدامة، والّتي تأخذ في الاعتبار مسألة حقوق الإنسان، وتعتبرها مسألة ذات أولويّة، ففي النهاية الشعب هو الّذي أسقط الأنظمة".

سنعمل، معًا، من أجل تحقيق الإصلاح وإرساء الديمقراطيّة  وقال آلار أولجم (مستشار شؤون الشرق الأوسط في البرلمان الأوروپيّ): "إنّ هناك حاجة ماسّة إلى مراجعة سياسة الجوار الأوروپيّة – المتوسّطيّة في الوقت الحالي". وأضاف: "إنّ أهمّ التحدّيات التي تنتظرنا هي تأسيس أشكال للديمقراطيّة الحقيقيّة، بالإضافة إلى دعم ماليّ سخيّ لتمويل مشاريع تنمويّة في مِنطقة المغرب العربيّ والشرق الأوسط".
وممّا جاء في كلمته، أيضًا: "كاثرين أشتين (سياسيّة بريطانيّة، النائب الأوّل لرئيس المفوضيّة الأوروپيّة، والممثّل السامي للاتّحاد لشؤون السياسة الخارجيّة والأمن) والمفوضيّة يعملان على الشراكة من أجل الديمقراطيّة والرفاه المشترك. نعمل على انتهاج سياسة جوار أوروپيّة جديدة منقّحة مع العالم العربيّ. ندعم حريّة الرأي والصِّحافة، ونشيد بدوركم أنتم أيّها الصِّحافيّون والإعلاميّون. سنعمل، معًا، من أجل تحقيق الإصلاح وإرساء الديمقراطيّة، وتقديم الدعم اللازم. يجب أن نبني علاقة حوار تستند إلى تبادل أفكار وآراء تضمن حقوق الإنسان وحريّته وتكفل التبادل الاقتصاديّ كذلك".

نعيش أوقاتًا تاريخيّة.. إنّها ثورة صِحافيّين  جان پيير ڤاندرستين (المدير العامّ المؤقّت للاتّصالات في المفوضيّة الأوروپيّة)، والذي وصف موجة الاحتجاجات الشعبيّة في العالم العربيّ بأنّها "معجزة"، قال: يُمكن ضمان الازدهار والاستقرار الدائمَين بجهود أورومتوسّطيّة، فقط.
ووعد ڤاندرستين بأنّ الدعم الأوروپيّ للديمقراطيّة سيكون عن طريق تقديم المساعدة للمنظّمات غير الحكوميّة ومنظّمات المجتمع المدنيّ في بلدان الربيع العربيّ، قائلًا: "يتعيّن على أوروپّا مواجهة التحدّي؛ فالعمل كالمعتاد لم يعُد خِيارًا".
وممّا جاء في كلمته: "نحن نعيش أوقاتًا تاريخيّة، فعلًا. أرحبّ بكم أيّها الصِّحافيّون.. فصرخة الشعوب وصرختكم أنتم – بأشكالها المختلفة – جاءت من أجل الحرّيّة والتغيير. وها قد حان الوقت كي تحاسبوا حكّامكم أيضًا، كي تنشروا الحقيقة، فهذه ليست ثورة شعب فقط، بل ثورة الصِّحافيّين".
وأكّد في كلمته أنّ أقدارنا مربوط بعضها ببعض، وأنّ الاتّحاد الأوروپيّ يلتزم الشراكة من أجل ترسيخ الديمقراطيّة، وتقديم الآليات المناسبة لدعمها. قائلًا: "يجب ألّا نفوّت علينا فرصة التقارب – كما فعلنا سابقًا – وخلق إقليم أورو-متوسّطيّ جديد، تربطه القيم الديمقراطيّة المشتركة، وتحكمه حقوق الإنسان".

لا يُمكن لأحد أن يُسكتكم!  في كلمة ستيڤان كلارك (المسؤول عن وَحدة الاتّصالات والـ«إنترنت» في الاتّحاد الأوروپيّ)، جاء: "أرحّب بكم، وأثمّن جدًّا ما تقومون به. الربيع العربيّ لم ينتهِ بعد! نحتاج إلى صِحافة حرّة مستقلة كي نستمرّ وننجح. هذا هو عملكم، هذا هو واجبكم، وهذه هي رسالتكم. تأكّدوا من أنّ الاتّحاد الأوروپيّ والبرلمان الأوروپيّ يقفان إلى جانبكم، فلا يُمكن لأحد أن يُسكتكم. واجبنا الدفاع عن الصِّحافة وحرّيّة التعبير، وهدفنا الوصول إلى صِحافة حرّة مستقلّة.. مع كلّ التقدير لما تقومون به في جميع المجالات الإعلاميّة".

علينا تغيير سياستنا تجاه العالم العربيّ  هذا وقد أشار پيير أنطونيو بانزيري (المسؤول عن العلاقات الأوروپيّة مع دول المغرب) إلى أنّ الربيع العربيّ يحوي أكثر من ربيع، وأنّ التغيّر لن يتوقّف عند هذا الحدّ. وقال: "لا يُمكننا الاستمرار على ما كنّا عليه سابقًا، علينا تغيير سياستنا تجاه العالم العربيّ. علينا أن نتقبّل نتائج الانتخابات في الدول العربيّة، حتّى إن فازت الأحزاب الإسلاميّة، فمن واجبنا احترام ذلك، وإيجاد السبل المناسبة للحوار والنقاش".

تهمّنا العلاقة المباشرة مع الإعلام العربيّ  أمّا فرانسيسكا برانتنر (المتحدّثة باسم الخارجيّة اليونانيّة)، فقالت: "أحترم ما تفعلونه. فرغم تعاون الاتّحاد الأوروپيّ مع الطغاة – وهذا خطأ نعترف به – استطعتم أنتم – عن طريق ثورة الإعلام – أن تُحدِثوا تغييرًا. وسائل الإعلام لها تأثير كبير، فالعالم العربيّ ينتظر ما تكتبون في طريقكم نحو بناء ديمقراطيّة جديدة".
وعن الإسلام قالت: "كنّا نخاف من التيّارات الإسلاميّة، ننظر إليهم كشياطين.. بدأنا بتغيير تعاملنا مع تلك التيارات والأحزاب، ونهدف إلى فتح صفحة جديدة، بل بابًا جديدًا للتعامل. تهمّنا جدًّا العلاقة المباشرة مع وسائل الإعلام العربيّة ومع المواطنين، أيضًا".

 

لا يسمح لنا في البرلمان ببلورة أغلبيّة لصالح الفِلَسطينيّين!  وعن الضمانات الّتي يقدّمها الاتّحاد الأوروپيّ للدول ما بعد الثورة، قال پاتريك لي هايرك – فرنسا (المسؤول البرلمانيّ عن العلاقات الأوروپيّة – الشرق أوسطيّة): "من الصعب أن أقدّم لكم الضمانات. أنا أنتمي إلى المعارضين في البرلمان الأوروپيّ. كان هناك تواطؤ خطير من قبل الاتّحاد الأوروپيّ بالنسبة إلى كلّ ما يتعلّق بالعالم العربيّ. وفيما يخصّ الشعب الفِلَسطينيّ، فأقولها، بأسف: لا يُسمح لنا في البرلمان ببلورة أغلبيّة لصالح الفِلَسطينيّين"!
وأضاف: "نعترف بأنّ سياسة الحوار للاتحاد الأوروپيّ قد فشلت وخذلت الشعوب العربيّة؛ لأنّها تعاونت مع الأنظمة الاستبداديّة. لقد أخطأنا، تعاملنا، أحيانًا، بشكل غير أخلاقيّ – نعتذر! ومن هنا، من هذه القاعة نبدأ بالتشاور والتحاور وبطرح الموضوع أمامكم أيّها الصِّحافيّون.. فهدفنا التحاور مع الدول العربيّة حسَب حقوق الإنسان والحرّيّات، فالأمور لن تكون على ما كانت عليه، سابقًا".

يجب العمل على نقل الوقائع كما هي من أرض فِلسطين  أمّا سيمون بوسوتيلي (مسؤول عن العلاقات الأوروپيّة – المتوسطيّة في الاتّحاد الأوروپيّ)، فأكّد على أهمّيّة حريّة الإعلام وتلقّي المعلومات المُدرجة في عداد القيم العالميّة وحقوق الإنسان. وقال: "إنّ للصِّحافيّين الحقّ – في أيّ مكان من العالم – بالمطالبة بالحقوق، بحريّة التعبير، وبالبحث عن المعلومات؛ فهذا أمر مشروع".
وفي خصوص حرّيّة نقل المعلومات، فقد دان سياسة التعتيم التي تحظر إجراء تحقيقات وتقارير في فِلَسطين، بشكل أشمل وأوضح. "يجب العمل لنقل الوقائع كما هي من أرض فِلَسطين، ومنع حظر الإعلام وتهميش الدور الفِلَسطينيّ والقضيّة الفِلَسطينيّة. وهذا ما نسعى لإنجازه، أيضًا" – أقوال بوسوتيلي.

نحن في خدمتكم  وقد اختتمت كراتسا الندوة، بالقول: "شكرًا لكم لتلبيتكم دعوتنا لتبادل الأفكار والآراء. أشكر المفوضيّة الأوروپيّة الّتي يسّرت الاتّصال، نفتخر بهذه المبادرة وبنتائج هذه الندوة، إنّها فرصة للقاء واسع بين ممثّلي المفوضيّة والاتّحاد وإعلاميّين وصِحافيّين. بعين الارتياح أرسينا دعائم النقاش، وأنتم في حاجة إلى تداول مثل هذه المعلومات، لقد لاحظنا أنّ هناك تعطّشًا للنقاش، ونحن في الاتّحاد الأوروپيّ نتعهّد أمامكم التواصلَ معكم وطرح مشاكلكم. أنتم بحاجة إلى توطيد القِيَم في مجتمعاتكم، فقد حان وقت العمل لا القول. نعتزم مواصلة المبادرة والاستماع إلى اقتراحاتكم، وسنتصل بكم مجدّدًا، على أمل تنظيم لقاء قريب آخر، لترسيخ الشراكة والتواصل ومواكبة الأحداث واستخلاص النتائج. وسنبقى، دائمًا، في خدمتكم".

حوارات ونقاشات  تطرّقت الندوة إلى العديد من الموضوعات بما في ذلك دور المؤسّسات الأوروپيّة في دعم الديمقراطيّة والتعاون بين الاتّحاد الأوروپيّ ووسائل الإعلام العربيّة، ودور وسائل الإعلام المجتمعيّة في ثورات الربيع العربيّ، ودور وسائل الإعلام الرئيسيّة في الكفاح من أجل التغيير والحرّيّة.
في اليوم الثاني من الندوة تمّ الاستماع إلى إعلاميّين ومدوّنين من الدول الّتي قامت بالثورة؛ فُتح المجال للنقاش والأسئلة، وقد جرت نقاشات عدّة في حلقات حول دائرة مستديرة، واستمرّت تلك النقاشات وطرح الأفكار وتبادلها خارج البرلمان الأوروپيّ أيضًا، واستمرّت بين الصِّحافيّين، أحيانًا، حتّى ساعات الليل المتأخرة في أروقة الفندق.

في ليبيا، أيضًا، ملتحون «جيڤاريّون» ثوّار، لا إسلاميّون!  وقد روى أحمد الفيتوريّ (رئيس نقابة الصِّحافيّين في ليبيا، ومدير تحرير صحيفة "الميادين") في مداخلته، معاناة الشعب اللّيبيّ على مدار السنوات الأربعين من الحكم الطاغي والمستبدّ للقذّافي. ولما عانوه على مدار سنوات من ذلّ وإهانة وطمس لحقوق الإنسان والحرّيّة، وكلّ ما يمتّ إلى الإنسانيّة، والثمن الغالي الّذي دفعوه (أكثر من 35 ألف شهيد)، من أجل الكرامة والحرّيّة. وأشاد بدور الإعلام الإلكترونيّ، وببسالة الشعب اللّيبيّ.
ومن ناحية أخرى، دان سياسة الاتّحاد الأوروپيّ على مدار سنين عديدة؛ بتعامله مع الطاغية القذّافي. وأشار إلى أنّ الاتّحاد الأوروپيّ تعامل مع الإسلام كحركات متطرّفة، واعتبر اللِّحية ترويجًا للإسلام، من دون أن يعي أنّ في ليبيا ملتحين كثيرين، ولكنّهم «جيڤاريّون» ثوّار ملتحون لا إسلاميّون!

يسعدني أن يكون لنا مراسل من قلب حيفا النابض  وبعد أن قدّم مدير التحرير نسخًا من صحيفة "حيفا" إلى الفيتوريّ، أثنى بدوره على الصحيفة واللّغة والمضمون، وقال: "كلّ الاحترام لما تقومون به، تحافظون على اللّغة والثقافة الفِلَسطينيّة. أعجبتني تغطيتكم لأمسيّة سميح القاسم، وعرضكم للموضوع. أثمّن عملكم، وآمل أن يكون هناك تعاون مستقبليّ. ويسعدني أن يكون لنا مراسل من القلب النابض، من مدينة حيفا".

 

 

نحن من صنع التغيير  وقال سليم عيدي (صِحافيّ ومدوّن من تونُس)، في مداخلته: "لقد أحدثت وسائل الإعلام الاجتماعيّة تغييرًا كبيرًا. كنت صِحافيًّا وأصبحت مواطنًا مدوّنًا. لم نتمتّع في تونُس بحريّة التعبير التي كانت تخالف سياسة الحكومة الرسميّة، لذا أصبحت ناشطًا مدوّنًا عبر الـ"إنترنت" وفي "تويتر" كي أنقل المعلومات بحرّيّة. الـ"فيسبوك" لم يصنع التغيير، بل هو وسيلة لصنع التغيير، نحن من صنع التغيير".
وأضاف: "وسائل الإعلام الجديدة والثورة الإلكترونيّة ساعدت في التغيير، في التحرّك ضدّ الأنظمة الدكتاتوريّة المتحجّرة. عبر الـ"إنترنت" كانت الفرصة سانحة لإرساء الديمقراطيّة. لقد دُهشت بدور الشباب في وسائل الإعلام الجديدة، وسائل الحرّيّات الإلكترونيّة".

يمكننا الإعراب عن رأينا بشكل شبه حرّ  أمّا كمال داود (صِحافيّ جزائريّ ومدوّن)، فقال في مداخلته: "لم أكن مدوّنًا، ولكنّي تحوّلت إلى مدوّن. لا يوجد حكم ديمقراطيّ في الجزائر، لكنّ الحقّ يُقال إنّ الحكم غير مستبدّ. نعيش في وضع تقليديّ في دولة تتميّز عن الدول المجاورة. كنّا أوّل من شهد ثورة قبل أكثر من عشرين عامًا، قُمعت حينها، ولم نفلح لسبب عدم توافر وسائل إعلام إلكترونيّة، كما هي في يومنا هذا".
وأضاف: "في الجزائر بإمكاننا الإعراب عن رأينا بشكل شبه حرّ. هناك صحف مستقلّة، يحاول النظام، أحيانًا، الضغط عليها. لكنّنا، اليوم، نتمتّع بثورة الـ"إنترنت"، فهي ثورة بحدّ ذاتها ولها تداعيات عديدة".

حرّيّة نسبيّة  وفي مداخلة لمراسل قناة «العربيّة» في فِلَسطين، أشار خالد بشير إلى أنّه بعد الثورة، فقط، بدأت وسائل الإعلام الخوض في فساد النظام العربيّ. وأكّد على أنّ حرّيّة التعبير ما زالت نسبيّة.
"سياسة الإعلام، الخوض في مواضيع معيّنة، وحريّة التعبير، هي نسبيّة ومتغيّرة، تعود – في النهاية – إلى مصلحة مَن يدفع الرواتب في تلك المؤسّسة أو غيرها. فلا نلقى حرّيّة تامّة ولا نزاهة كاملة، غالبًا" – أقوال بشير.

حافظنا على وجودنا وثقافتنا ولغتنا وهُويّتنا الفِلَسطينيّة  حول الطاولة المستديرة، دار نقاش في خصوص العلاقات العربيّة – الإسرائيليّة ووضع عرب الداخل، شارك فيه صِحّافيون من لبنان والجزائر وليبيا وإسرائيل. وقد سألت مريلا هديب (من صحيفة "ذا ديلي ستار" الإنچليزيّة – لبنان)، بشكل معاتب، مدير تحرير صحيفة "حيفا": "أرى أنّك تتكلّم بشكل اعتياديّ مع زملائك اليهود، فكيف يُمكنك ذلك وهم مَن اغتصب أرضك وشرّد شعبك؟.. فأنا لا أفهم ذلك؟!".
فأجاب: "صحيح ما تقولين. لكنّنا ممّن بقي في وطنه، لم يهجر بيته أو يترك أرضه، وبعد الـ48 عشنا وضعًا جديدًا.. حافظنا من خلاله على وجودنا وهُويّتنا الفِلَسطينيّة وثقافتنا ولغتنا أيضًا، وأعتقد أنّ وضع اللّغة العربيّة في مِنطقتنا أفضل بكثير منه في دول عربيّة عديدة. وبما أنّنا – ولأسباب معروفة للجميع – نعيش وسط اليهود، نتحدّث لغتهم، أيضًا. لا يمكننا أن نعيش داخل فقاعة، أو أن نطالب بـ"أوتونومي" (حكم ذاتيّ)، وأن نفصل أنفسنا عن اليهود. فإنّ الطريق الأفضل إلى فهم الآخر، هو الحوار والتواصل معه، حتّى لو كان "عدوّك". علينا أن نكون شريكين فعليّين في اتّخاذ القرارات داخل الدولة. نحن نقوم بإبداء آرائنا بأمور عدّة، سياسيّة كانت ثقافيّة أو اجتماعيّة، ونناضل من أجل ضمان بقائنا. حديثي مع اليهوديّ لا يعني أنّني أوافقه الرأي تمامًا، فمثلًا أنا وزميلي زينچر قد نختلف ولا يوافق أحدنا الآخر في أمور عدّة، ونتّفق في بعضها، ويظهر هذا الفرق مرّات عدّة لدى إبداء آراء سياسيّة معيّنة أو اتّخاذ قرارات خاصّة. وهنا تكمن أهميّة الحوار والنقاش كي يفهم أحدنا الآخر، فلا يمكنك التعايش مع الآخر من دون أن يفهمك أو أن تفهميه، رغم المشاكل وصعوبة الموقف".

لا سلام من دون دولة فِلَسطينيّة 
وحول إمكانيّة عقد اتّفاقيّات سلام مع دولة إسرائيل، أكّد المشاركون بالإجماع أنّ ذلك لن يحدث من دون أن يُحلّ النزاع الإسرائيليّ – الفِلَسطينيّ ويحصل الشعب الفِلَسطينيّ على حقوقه كاملة، وضمنها حقّ العودة والقدس، والعيش بكرامة وحرّيّة في دولته، فِلَسطين.

اِبقَوا.. فبقاؤكم حافظ لنا ولكم على الأرض والهُويّة!  أمّا الإعلاميّة البارزة، منى سويلم (تلفزيون "النيل" الدوليّة – مصر، وتعمل في الـCNN) فتحدّثت عن الرقابة الّتي يفرضها، حاليًّا، المجلس العسكريّ على الإعلام، ودعت إلى "البحث عن الحقيقة والاستقلاليّة في وسائلنا الإعلاميّة. ودانت غالبيّة وسائل الإعلام المصريّة، المقروءة والمسموعة والمرئية، بعرضها غير المنصف للمرأة المصريّة، وبالتشديد على أنّها سلعة جنسيّة".
ودانت سياسات الاتّحاد الأوروپيّ المتعاقبة تجاه العرب، وأشارت إلى أنّه حان وقت التغيير ويجب العمل، بعد الرصد والمتابعة، على المشاريع التوعويّة والتعليميّة والإرشاديّة في العالم العربيّ الجديد، والبدء بتنفيذ مشاريع هادفة تكفل الأمن والاستقرار والحياة بشكل كريم.
وفي حديث سريع لصحيفة "حيفا" مع سويلم، سألتني، بدايةً: "إنتَ مين؟!"، أجبتها: "أنا من حيفا.. أنا من الباقين!"، فحينها علمت أنّني عربيّ من فِلَسطينيّي الداخل. ابتسمت وقالت: "أنتم الصامدون، إذًا"! واستطردت: "يسعدني أنّكم تحافظون على اللّغة ولديكم وسائلكم الإعلاميّة. أنا سعيدة بمعرفتي بك، وأدعوك إلى زيارتي في تلفزيون «النيل»». وقبل أن تغادر قاعة البرلمان مسرعةً في اتّجاه المطار، عادت لتصافح وتلقي التحيّة قائلةً: «اِبقَوا.. فبقاؤكم حافظ لنا ولكم على الأرض والهُويّة.. وسنبقى على اتّصال".

يجب التعامل مع العالم العربيّ بشكل مغاير  أمّا الإعلاميّة تانيا مهنّا (إعلاميّة – قسم الأخبار في قناة LBC – لبنان، ومذيعة في الـBBC)، فقالت في كلمتها إنّ ثورات الربيع العربيّ لم تبدأ بعد. علينا أن نعي تداعيات الثورات. وأكّدت أنّ للإعلام دورًا كبيرًا بكيفيّة تغطية الأحداث ونقلها. هذا وأشادت بدور الإعلام الإلكترونيّ ومساهمته في نقل الأحداث وتحديثها (حتلنتها) بشكل سريع، ولكنّها في الوقت ذاته أشارت إلى الخطر الكامن الّذي يلعبه أيّ مدوّن أو أيّ مواطن يحمل منقولًا يحوّله إلى كاميرا ويحوّل كلماته إلى خبر، فيلعب دور الصِّحافيّ، من دون أن يعي أهمّيّة ما يفعله ومدى تأثيره.
وممّا جاء في أقوالها: "أغطّي أخبار الشرق الأوسط، وألحظ أنّ هناك تغييرًا معيّنًا، ولكنّ عمليّة "انتشار" حرّيّة التعبير تجري بشكل بطيء، وبطيء جدًّا، أحيانًا. ورغم ذلك، يجب أن تكون حرّيّة التعبير ضمن أطر مناسبة، وأخلاقيّات مطلوبة، كَيْلا تتحوّل إلى فوضى عارمة، فعلينا أن نرفع صوتنا للحفاظ على الحرّيّة، وفي الوقت نفسه مكافحة الفوضى.. فلا يُعقل أن يتحوّل المواطن العاديّ إلى صِحافيّ وهو لا يملك الأدوات المطلوبة لذلك".
هذا ودعت مهنّا الاتّحاد الأوروپيّ إلى التعامل مع العالم العربيّ بشكل مغاير، وتقديم الدعم إلى المجتمع المدنيّ والعمل مع المنظّمات غير الحكوميّة، كي نشهد تغييرًا فعليًّا. وأكّدت على أهميّة الإعلام وتأثيره في المواطنين، مطالبةً بالحفاظ على المصداقيّة وأخلاقيّات الصِّحافة.

«انتِبِه عَ حالك..»!  وقد كان لي عدّة محادثات مع الزميلة تانيا مهنّا، ونقاشات عديدة، أيضًا، مع الوفد اللّبنانيّ، أشاروا فيها – ورغم أنّنا "جيران" – إلى أنّ دولة إسرائيل تُعتبر دولةً معادية للبنان، والعكس صحيح، كذلك. ولكننا كإعلاميّين ومثقّفين نتعامل في هذه الندوة ومن خلالها بشكل فرديّ ومسؤول، ونتبادل الحديث والآراء لهدف فهم أحدنا الآخر، وعرض مشاكلنا ونقاشها.
وما إن حان وقت نهاية الندوة، كنّا قد تقاربنا أكثر، وفهم أحدنا الآخر بشكل أفضل، وتفارقنا بعد أن تصافحنا وتبادلنا حتّى القبلات، وقالت لي تانيا قبل مغادرتها، باللّكنة اللّبنانيّة الجميلة: "انتِبِه ع حالك.. ودير بالك عَ الأرض".

نقاشات شيّقة وحوارات مثرية  وقد دارت، أيضًا، نقاشات وحوارات عديدة، شيّقة ومثرية ومثيرة، في أروقة الفندق، شارك فيها عدد من الصِّحافيّين، أمثال: إبراهيم شيباني (مدير تحرير ومؤسّس مجلة "اللّيبيّة" – ليبيا)، رضا فحيل (إذاعة "الحرّة" – ليبيا)، غسّان الكرموني (صِحافيّ يعمل في صحيفة تُعنى بالشؤون الاقتصاديّة – المغرب)، خلود كيبالي (راديو "يالا" – المغرب)، د. زينب زايدي (محاضرة في جامعة زوايا – ليبيا)، عثمان اللِّحياني (صِحافيّ يعمل في صحيفة "الخبر" الجزائريّة المعارضة – الجزائر)، عيران زينچر (راديو إسرائيل)، روعي نحمياس (موقع "واي نت")، مطانس فرح (مدير تحرير صحيفة "حيفا")، أسماء الغول (صِحافيّة ومدوّنة – فِلَسطين)، محمّد أبو الرّب (راديو صوت فِلَسطين – فِلَسطين)، هاني فرحان الهزيمة (صحيفة "ذي جوردان تايمز" – الأردن)، شوقي عماري (صِحافيّ حرّ، ومدوّن – الجزائر) وغيرهم، استمرّت حتّى ساعات اللّيل المتأخّرة.
ولدى تسلّمه نسخًا من صحيفة "حيفا"، أبدى الزميل الصِّحافيّ اللِّحياني (صحيفة "الخبر" الجزائريّة)، إعجابه بالصحيفة وتقديره لعمل عرب الداخل الإعلاميّ والثقافيّ والتربويّ، وأثنى على أسلوب تغطينا للأخبار وأشاد ببعض الزوايا؛ كما طلب، هو الآخر بدوره، فحص إمكانيّة العمل كمراسل لصحيفة "الخبر" الجزائريّة، قائلًا: "يهمّنا التواصل".

«حيفا» تخترق الحدود  فتكون صحيفة "حيفا" قد تخطّت بذلك الحدود الدوليّة، لتصل ليبيا والجزائر والمغرب ولبنان وفِلَسطين؛ حيث حصل جزء من صِحافيّي هذه الدول على نسخ من الصحيفة.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *