قصّة ليلى الحمراء في الشوارع والأحياء، تأليف: لؤي دوخي

مراسل حيفا نت | 10/12/2011

 

رسم: لؤي دوخي
الناشر: مكتبة «كل شيء»
سلسلة «براعم الزيتون»/أدب أطفال

كانْ يا ما كانْ، كانَتْ بِنْتٌ صَغيرةٌ تَعيشُ مَعَ والِدَيْهَا، وَكَانَتْ دَائِمًا تَخْتارُ اللَّوْنَ الأَحْمَرَ لـِمَلابِسِهَا، فَسَمَّوْها «لَيْلَى الْحَمْرَاء».
فِي الصَّباحِ، قالَتْ أُمُّ لَيْلَى:

– انْهَضِي يا حَبِيبَتِي مِنْ نَوْمِكِ، وَخُذِي هذِهِ السَّلَّةَ مَلِيئَةً بِالْحَلْوَيَاتِ لِجَدَّتِكِ.
وَبِسُرْعَةٍ جَهَّزَتْ لَيْلَى نَفْسَها، وَقالَتْ لِولِدَتِها:

– أَعْطِنِي يا أُمِّي سَلَّةَ الْحَلْوَيات، لآخُذَهَا لأحْلَى الْجَدَّات.
قالَتْ الأُمُّ:
– انْتَبِهِي يَا لَيْلَى في الطَّرِيق، حَتَّى لا تَقَعِي فِي ضِيقٍ.
أَجَابَتْ لَيْلَى:
– لا تَخَافِي يَا أُمِّي، فَقَدْ أَصْبَحْتُ كَبِيرَةً.

اِنْطَلَقَتْ لَيْلَى فِي الطَّرِيقِ، وَأَخَذَتْ تَمْشِي وَتَمْشِي…
لكنَّ بَيْتَ جَدَّتِهَا بَعيدٌ… بَعِيد، وَالْحَرُّ شَدِيدٌ شَدِيد!

وَقَفَتْ لَيْلَى في حَافَّةِ الطَّرِيقِ؛ نَظَرَتْ إلى جَمِيعِ الْجِهَات، وَأَنْصَتَتْ؛ فَلَمْ تَسْمَعْ صَوْتَ سَيّارَاتٍ، فَعَبَرَتِ الطَّرِيقَ بِخُطى سَرِيعَةٍ وَمُسْتَقِيمةٍ، وَتَابَعَتْ سَيْرَهَا… في الحاراتِ الجديدةِ والقديمة.
وَهُناكَ نَسِيَتْ لَيْلَى نَفْسَهَا، وَأخَذَتْ تَتَأمَّلُ السَّيّارَاتِ وَتَعُدُّهَا:

– وَاحِدَة.. اثْنَتَان.. ثَلاث..
ثم اِنْتَبَهَتْ لَيْلَى أَنَّها ما زالَتْ وَاقِفَةٌ في الطَّرِيقِ، وَأَنَّهَا لَمْ تَصِلْ بَعْدُ إِلى بَيْتِ جَدَّتِهَا.

وَدُونَ أَنْ تُفَكِّرَ، انْدَفَعَتْ إِلَى الشّارِعِ كَيْ تَعْبُرَهُ، لكنَّ صَفّاراتِ السَّيّاراتِ أَخَافَتْهَا، وَصَاحَ بِهَا أَحَدُ السّائِقينَ قَائِلاً:
– لا تَعْبُرِي مِنْ هُنَا يا صَغِيرَة!
رَجَعَتْ لَيْلَى الْحَمْرَاءُ إلَى مَكَانِها، وَسَمِعَتْ أَصْوَاتَ أَطْفَالٍ يُنَادُونَهَا..

– اِذْهَبِي مِنْ هُنَا يَا لَيْلَى الْحَمْرَاء، إنَّكِ تَسْكُنِينَ الْغَابَات، وَلا تَعْرِفِينَ قَوانِينَ السَّيرِ وَالإشارَاتِ.
خَافَتْ لَيْلَى، وَقَالَتْ:
– مِنْ أيْنَ أعْبُرُ الشّارِعَ إِذًا؟!

أَعَادَتِ الـْمُحاوَلَةَ عِدَّةَ مَرّات، وَلَمْ تَتَوَقَّفِ السَّيّارات.
خَافَتْ وَصَرَخَتْ:
– أَيْنَ أَذْهَبُ؟ أُرِيدُ أَنْ أَصِلَ إلَى جَدَّتِي؟ لَقَدْ بَدَأْتُ أَتْعَبُ!

اقْتَرَبَ مِنْها رَجُلٌ يَلْبَسُ قُبَّعَةً، وَقالَ:
– لا تَخَافِي يا لَيْلَى الْحَمْرَاء! اِتْبَعِينِي.
قَالَتْ لَيْلَى:

– مَنْ أنْتَ؟ إِلَى أَيْنَ سَتَأْخُذَنِي؟ لا.. لَنْ أَتْبَعَكَ..!
قَالَ:
– لا تَخَافِي يا لَيْلَى! أَنا مُراقِبُ السَّيْر، وَاسْمِي الْعَمُّ خَيْر.
أَجابَتْ ليلى:

– أَرْشِدْنِي مِنْ فَضْلِكَ، مِنْ أَيْنَ أَعْبُرُ هذا الشّارِعَ.
مَسَكَ الْعَمُّ خَيْر يَدَ لَيْلَى الْحَمْرَاء، وَمَشَى مَعَهَا حَتَّى وَصَلا الْخُطُوطُ الْبَيْضَاء، وَقَال:

– كَيْ تَصِلِي الْجِهَة الأُخْرَى سَلِيمةً، يَجِبُ أَنْ تَعْبُرِي الشّارع عندَ هذِهِ الْخُطُوطَ الْبَيْضَاء؛ فَلاحَظَتْ أنَّ السَّيّاراتِ تَقِفُ عَلَى جَانِبَيْهَا، دُونَ أَنْ يَصْرُخَ أَحَدٌ عَلَيْهَا.
تَابَعَتْ لَيْلَى سَيْرَهَا بِرِفْقَةِ الْعَمِّ خَيْر، حَتّى وَصَلَتْ إِشَارَةً عَلَيْهَا صُورَةُ إنْسَانٍ بِاللّونِ الأَحْمَر، فَصَاحَتْ لَيْلَى:
– إِنَّهُ يُحِبُّ اللَّونَ الأَحْمَرَ مِثْلِي، الطَّرِيقُ إِذًا لِي وَحْدِي!

أُعْبُرِي الآنَ يَا لَيْلَى الْحَمْراء، فَالطَّرِيقُ لَكِ وَحْدَكِ.
اِنْدَفَعَتْ لَيْلَى إِلى الأَمامِ دونَ أَنْ تَسْمَعَ مِنَ الْعَمّ خَيْر أَيَّ كَلامٍ، سَمِعَتْ ضجَّةً حَوْلَهَا، فَخَافَتْ وَاحْتَارَتْ، وَعَادَتْ إلى الرَّصِيفِ.
اِقْتَرَبَ خَيْر مِنْها، وَهَمَسَ فِي أُذْنِهَا:

– فَقَطْ عِنْدَمَا تَظْهَرُ صُورَةُ الإِنْسانِ الْخَضْرَاء، اعْبُرِي الشّارِعَ يَا لَيْلَى الْحَمْرَاء!
انْتَظَرَتْ لَيْلَى، حَتّى أَصْبَحَتْ صورَةُ الإِنْسانِ خَضْراَءَ، فَعَبَرَتِ الشّارِعَ بِأَمَانٍ، بَعْدَ أَنْ وَقَفَتْ كُلُّ السَّيّارَات.
– وَالآنَ قَالَتْ لَيْلَى، كَيْفَ نَنْتَقِلُ مِنْ هذا الشّارِعِ إِلى خُطُوطًا بَيْضاءَ، وَلا شَارَةً خَضْراءَ!

قَال الْعَمُّ خَيْر:
– نَعْبُرُ مِنْ فَوْقِ الْجِسرِ الأَزْرَقِ.
قَالَتْ لَيْلَى:
– يَا عَمُّ خَيْر! ها نَحْنُ وَصَلْنَا إِلى الـْميدَانِ  الْوَاسِع، الآنَ إلى أَيِّ جِهَةٍ سَنُتَابِع؟
قالَ الْعَمُّ خَيْر:

إِصْبِرِي يَا لَيْلَى وَاتْبَعِينِي أَنا، سَنَسِيُر فِي الطَّرِيقِ الذّي يُوصِلُنَا. عَبَرا الطَّرِيق وَنَزَلا إلى النَّفَقِ، واخْتَصَرَا كُلَّ الطُّرُقِ.
وَفِي النِّهايَةِ وَصَلا بَيْتَ الْجَدَّةِ، فَاسْتَقْبَلَتْهُما بِفَرَحٍ.

اسْتَدَارَ الْعَمُّ خَيْر يُرِيدُ أَنْ يَعُودَ، فَقَالَتْ لَيْلَى:
– شُكْراً شُكْراً يا عَمُّ خَيْر؛ عِنْدَمَا أَعُودُ، سَأَحْكِي لأَصْدِقَائِي عَنْ قَوَانِينِ السَّيْر.

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *