استضاف نادي جمعية الشباب العرب بلدنا، مساء الثلاثاء 29.11.2011، أمسية توقيع كتاب "قصص بين البيوت" لإياد برغوثي، التي صدرت حديثًا عن دار "ملامح" القاهرية البيروتية، وتضمنّت الأمسية ندوة أدبية أدارها الكاتب الصحفي علاء حليحل، وتحدّث خلالها الباحث د. إسماعيل ناشف والكاتب الصحفي هشام نفّاع.
بدأت الأمسية بمقطع موسيقي على العود مع العازف والملحن رمسيس قسيس تحت عنوان "في البدء"، ثمّ قام إياد برغوثي بقراءة مقطع من قصة "السماعة" إحدى قصص "بين البيوت". ثم افتتح الكاتب علاء حليحل الندوة باستعراض أهمّ ثيمات المجموعة وطرح الأسئلة على المتحدثيْن.
إسماعيل ناشف: كيف نُترجم هذا الصمت؟
في بداية مداخلته قال الباحث د. إسماعيل ناشف إنّه "في المجتمعات عامة وفي مجتمعنا الفلسطيني أيضًا، هنالك قضايا وصراعات غير قابلة للحل، ويأتي الفن والإبداع ويغرف من هذه المادة كنوع من المساهمة في الحل، والنصوص التي نحن بصددها هي من هذه النوع" معتبرا أن عملية "الغرف" من المادة الاجتماعية والتاريخية أمر ضروري وأساسي.
مضيفًا "في حياتنا اليومية هناك كثير من الأمور لا نحكيها، فيكون الصمت، السؤال هو كيف نُترجم هذا الصمت الذي فينا وهذا ما قام بفعله إياد، فإياد ككاتب لديه دافع قوي جدًا- وفي الكثير من الأحيان غير قابل للسيطرة- في العودة الى مكان ما، وهي ليست نوع من تحقيق الرغبة والانتهاء، بل بنيوية ومتكررة وشهدنا ذلك في عملية إعادة إحياء يافا في قصة رؤيا عمّار". ووصف ناشف قصص المجموعة بأنّها حميمية ولغتها أنيقة، وبأنّها شاطئية كونها لا تخوض في العواصف بل تتأملها.
هشام نفاع: هل نشهد جيل ثالث في الكتابة؟
بدوره قال الكاتب هشام نفاع عن انطباعه من القصص "هنالك مناخ واحد جامع للقصص، مناخ كتابي ومناخ مرئي، فكنت أرى المكان حتى الذي لا أعرفه وفي الكثير من الأحيان كان حضور المكان يوازي حضور الشخصية أو يطغى عليها، فالقصص تقوم بمدن قائمة في يومنا هذا، ويتم إنتاج المكان من الذاكرة الموجودة وأحيانا من الخيال مثل استعادة المكان من خلال ذاكرة الجدة".
مضيفًا حول الأسلوب السردي للقصص "يوجد أمر مميز في قصص من المجموعة فيها النهايات ليست مفتوحة وليست مغلقة بخلاف السائد، حيث تكون إما نهاية مفتوحة وإما نهاية مغلقة"، وانتقد نفّاع عدم اهتمام النقاد الأدبيين في الكتابة الشابة المعاصرة وتساءل في ختام حديثه بالقول "هل نشهد جيلا ثالثًا في الكتابة (أدبيًا)؟ يجب أن يقوم أحد بالإجابة عن هذا التساؤل!".
علاء حليحل: الحياة العائلية في البيوت وهاجس المدينة المفقودة من أهمّ قضايا المجموعة
وعلق الكاتب علاء حليحل في ختام الندوة بالقول "مهمة الكاتب في الكتابة الإبداعية في أيامنا أصبحت أصعب من السابق"، معتبرًا وجود العديد من التحديات والتناقضات التي يجب أن يتغلب عليها الكاتب، في نفس الوقت أشار حليحل إلى غياب الكتابة النقدية المحلية التي اعتبرها ضرورية جدًا بهدف تقييم وتقويم ما يكُتب ووضعه في السياق الصحيح.
وتحدث حليحل أيضًا عن القضايا البارزة في "بين البيوت" مثل مفهوم العائلة والبيت والحياة المشتركة ومحاولة التغلب على العقبات لأي شخصين يعيشان سويًا، وهاجس المدن وحضور المدن المكثف في النصوص في ظل أقلية فقدت مدينتها.
وفي الختام قام العازف رمسيس قسيس بتقديم معزوفة أخرى على العود ومن ثم قام الكاتب إياد برغوثي بتوقيع كتابه للجمهور.
قصص بين البيوت
جمع إياد برغوثي قصص "بين البيوت" خلال العقد الماضي من بيوت مدن فلسطين التاريخيّة، من يافا وحيفا وعكا والناصرة، من معضلات الباقين فيها، من حياتهم اليوميّة وأسئلتهم الوجوديّة، قصصٌ عن البينيّة في حياة أناس لا يعرفون الاستقرار ولا الاستقلال، أناس يبحثون عن البيت في أناسٍ آخرين بعدما فقدوا المكان وبقوا فيه. قصصّ عن الشباب المكتشف لذاته في واقع معقّد، وعنه من وجهة نظرهم.
حصل برغوثي على جائزة «الكاتب الشاب» لمسابقة عبد المحسن القطّان (رام الله) للعام 2008 عن هذه المجموعة القصصيّة، وفي تسويغها لقرار منح الجائزة التشجيعية لبرغوثي، كتبت لجنة التحكيم: «لأنها (المجموعة) تتماسك على أساس راسخ من رؤية إنسانية واضحة وعميقة، يطمئن إليها المؤلف في كتابته، ولكنه اطمئنان غير ساكن أو خامل، ما يدفعه باستمرار إلى تغذيته بتفاصيل الواقع، من دون أن يتحول هذا الواقع الصعب والمعقد بذاته، إلى مادة جاهزة بين يديه للتسجيل التلقائي، بل هو متغير ومتطور في حيوية دائمة، ما بين التراجيديا من جهة والفانتازيا من جهة ثانية. كما أنّ في هذه المجموعة ثمة موهبة في السرد، وقدرة على بناء الحكاية وسلاسة في الأسلوب".