يهدّدون السلطة الرابعة، ملوّحين بسنّ قانون مستحدَث (قديم/جديد)، هدفه جَلد الإعلام المرئيّ والمسموع والمقروء، عقابًا على عمل دؤوب ومخلص، ورسالة هادفة سامية.. يأتينا القانون ليحوّل عمل السُّلْطة إلى سَلَطة.
إنّ التلويح بفرض غرامات ماليّة بمبالغ طائلة – بدءًا بمئات ألوف الشواقل، وانتهاءً بملايينها – بادعّاء القذف والتشهير، حتّى إن لم يَعُد ذلك بالضّرر على صاحبه المذكور، لهو أمر خطير فعلًا، يهدّد حرّيّة التعبير عن الرأي، ويحدّ من صلاحيّة الإعلام.
يمنح القانون الحاليّ لكلّ متضرّر من جرّاء القذف والتشهير، تعويضات ماليّة غير محدّدة قد تصل إلى مبالغ طائلة (عشرة ملايين شاقل، مثلًا)، في حال أثبت تضرّره!! ولكنّ القانون «الجديد» الّذي مرّ بالقراءة الأولى في الكنيست البرلمانيّ، يمكّن كلّ كبير وصغير، حجمًا وقدْرًا، من رفع دعوى ضدّ أيّ صِحافيّ أو أيّ وسيلة إعلام كانت، مسّه نشر اسمه فيها، حتّى من دون أن يسبّب له النشر بأيّ ضرر يُذكر!!
وهذا «التجديد» لا يأتي لهدف حماية المتضرّرين فعلًا، بل للتستّر على أشياء أكبر، على ما يبدو. إنّ تقييد حرّيّات التعبير عن الرأي، تكبيل الأيادي، وكَمّ الأفواه، جاء كعقاب جماعيّ؛ لهدف التهديد والتخويف والردع والإخراس، أشبه بالنظم الدكتاتوريّة.
قد يحوّل هذا القانون وسائل الإعلام إلى شبه "مخصيّة"، فيضعف من قوّتها وسلطتها، ليحوّل الصِّحافيّ إلى صِحافيّ بلاط أو مجرّد مراسل ينقل الحدث كما هو، من دون أن يُبدي رأيه أو يحلّل أو يكشف..
وإلى حينه، آمل ألّا يتحوّل هذا الطرح الـ«دكتاتوريّ»، بتصويت «ديمقراطيّ»، إلى قانون يُخرسنا بشكل «ديموكتاتوريّ»!!