احتفاليّة “نساء مغريات في التوراة”

مراسل حيفا نت | 23/11/2011

مطانس فرح – مدير تحرير صحيفة "حيفا"
تصوير: وائل عوض

اجتمع العشرات من المثقّفين والأدباء والشعراء ورجال الأعمال والإعلاميين والصّحافيّين، العرب واليهود، ظهيرة يوم الثلاثاء (2011-11-22)، في مطعم "كلاماريس" الحيفاويّ، في احتفاليّة توقيع كتاب "نساء مغريات في التوراة" للكاتب يومي عيني، والّذي ترجمه للعربيّة الإذاعيّ نايف خوري، وأصدرته مكتبة "كل شيء" لصاحبها الناشر صالح عبّاسي.

وقد برز من بين المدعوّين بروفسور نجيب نبواني، الشاعر رشدي الماضي، الشاعر جورج زريق، الشاعر جورج فرح، حانوخ ساعر (صاحب دار النشر "ساعر")، المنتج علي عبّاسي، المهندس المقاول حنّا متى، وغيرهم.
وجاء في كلمة الترحيب للإعلاميّ نايف خوري (مترجم الكتاب إلى العربيّة): "نجتمع اليوم لكي نلتقي مع كتاب جديد يصدر عن مكتبة "كل شيء" للناشر صالح عبّاسي. وكتاب "نساء مغريات في التوراة" للكاتب يومي عيني، كان مدار بحث وجدل طويل، خاصّةً وأنّه صدر بلغّات عدّة.. بالعبريّة أوّلًا وبالروسيّة ومن ثمّ الإنجليزيّة، والآن يصدر باللّغة العربيّة. وعلى ما يبدو فإنّ الاهتمام العربي بهذا الكتاب وموضوعه سيكون كبيرًا وسيثير الجدل، بسبب عنوانه أوّلًا، وجرّاء النساء الّتي يرد اسمهنّ في هذا الكتاب ثانيًا".

هذا وقد رحّب الناشر صالح عبّاسي – والّذي يتحدّى غالبًا من خلال اختياراته مواضيع جريئة وجديدة، تثير الجدل في سبيل عرضها أمام القرّاء، إيمانًا منه بحريّة التعبير عن الرأي – قائلًا: " أشكر كلّ من ساهم في إنجاح هذا العمل حتّى صدوره إلى النور، بدءًا بحانوخ ساعر (صاحب دار "ساعر" للنشر – تل أبيب) على الدعم والمساعدة، جورج فرح (تنسيق وتصميم)، والمترجم الإعلاميّ نايف خوري، وانتهاءً بالمحتفى به الكاتب يومي عيني".

ممارسة الجنس مع العدوّ فضيلة!
وممّا جاء في تعريف الكتاب: كتاب "نساء مغريات في التوراة" يستعرض عددًا من النساء المغريات اللّواتي ورد ذكرهنّ في التوراة، بدءًا من حوّاء، مرورًا بدليلة الّتي أغرت شمشون، وانتهاءً بالقصّة الشهيرة عن بات شيفع الّتي أغرت داود الملك. ثمّة قرّاء سيفاجئهم دور النساء كمغريات، ممّن ألقيت عليهنّ مهمَّة الإغراء، وهناك مَن بادرنَ لإغراء العدو لأهداف وطنيّة. لقد برّر بعض الحكماء أعمال هؤلاء النسوة، فأصدروا الفتاوى الّتي تبيح ممارسة الجنس مع العدو، معتبرين ذلك فضيلة وفريضة!
لا شكّ في أنّ الكتاب سيثير تساؤلات، خاصّة وأنّ قصص النساء هنا مستقاة من التوراة ككتاب مقدّس، ولكن يجب الانتباه إلى أنّ هذا ما حدث كما ورد في الأسفار والآيات المختلفة.

عيني: "هناك هدف من وراء الإغراء"!
وفي حديث لي مع الكاتب يومي عيني، عن النقلة النوعيّة في كتاباته – بعد أن كان حديثه في كتابه السابق "المبحوح في دبيّ" عسكريًّا، جاءنا بحديث توراتيّ في كتابه الأخير "نساء مغريات في التوراة" – قال: "صحيح كلامك. أكتب في مجالات عدّة، حتّى أنّي كتبت قصصًا للأطفال، وقد تُرجمت إحداها إلى العربيّة (العصفورة زقزوقة). "المبحوح في دبي" كشف أسرار الموساد، بينما "نساء مغريات في التوراة" يحكي قصص نساء وردت في التوراة".
وعن كتابته "نساء مغريات في التوراة" قال عيني: "كنت أقرأ قصصًا توراتيّة، وهذه القصص شدّتني وأدهشتني، فقرّرت أن أكتب عن قصص النساء المغريات في التوراة، بدءًا من حوّاء وانتهاءً ببات شيفع". وأضاف: "لقد استعنت بالرسّامة الفنيّة نعومي فوكس لرسم لوحات هذا الكتاب".
هذا وقد ذكر عيني أمامي بعض القصص الّتي وردت في الكتاب، شارحًا لي الفرق بين طريقة إغراء وأخرى، وسبب ذلك.
وفي ردّ على سؤالي حول تصويره المرأة – في كتابه هذا – كسلعة جنسيّة، أجاب: "غالبيّة النساء تظهرن كمغريات في الكتاب، لكنّ القصص المذكورة مأخوذة من قصص توراتيّة. قد يرى البعض بأنّ ذكر النساء كمغريات، يظهرهنّ كسلعة جنسيّة، ولكن لم يكن هذا هو القصد من وراء ذلك، فهناك هدف من وراء الإغراء".
وأضاف: "جاء إغراء النساء في هذا السياق من أجل أهداف عدّة، كاستقاء معلومات، أو الإيقاع بالعدو، أو لهدف قوميّ، وما إلى ذلك.. فمنهنّ مَن أُجبرن على ذلك، ومنهنّ مَن بادرن إلى ذلك!".

ممارسة الجنس لا تقلّ عن التضحية بالنفس!
وفي ردّ على سؤالي حول تقبّل هذا الطرح لدى الكهنة اليهود "الربانيم"، قال: "قد تستغرب ذلك؛ لقد تلقّيت دعمًا من كاهن يهوديّ ("راب") كبير من
منطقة الخليل، وكهنة آخرين. ويؤكّد الراب بأنّه حسب الشريعة اليهوديّة،  فإنّ ممارسة الجنس مع العدو لأجل هدف قوميّ، لا تقلّ عن التضحية بالنفس.
كما أنّ ممارسة الجنس مع مستهدف أو إرهابيّ تعتبر فضيلة.. فالهدف يبرّر الوسيلة!".

"كوني رجل "موساد" يثير فضول الكثيرين"!
أمّا بخصوص ترجمة قصصه إلى العربيّة، وانتشارها والإقبال عليها في العالم العربيّ – على الرغم من أنّ الكاتب رجل "موساد" سابق، وله ماضٍ ثريّ في عالم الاستخبارات – فقال: "ربّما بسبب كوني رجل "موساد" سابق، يثير ذلك فضول الكثيرين حول ما سيكتبه هذا الرجل!! أنا أكتب لأنّي أحب الكتابة لا لهدف الكسب الماديّ. على الرّغم من أنّي قد ترجمت 4 كتب إلى العربيّة، منها قصّة للأطفال، ومنها كتاب بعنوان "نادية"، وأعتقد بأنّ كتاب "نادية"
هو أفضل ما كتبت؛ لقد لاقى رواجًا كبيرًا في العالم العربيّ وكتب عنه د. زكريا زين العمري، (أستاذ في جامعة "اليرموك" في عمّان (الأردن))، نقدًا مميّزًا".
وأضاف: "لا شكّ بأنّ كتابي "المبحوح في دبي"، أوصلني بشكل أكبر وأوسع إلى العالم العربي، خاصّة وأنه كان موضوع الساعة! أنا أكتب لأنّ الأمر يسعدني ويمنحني اكتفاءً ذاتيًّا!".
واختتم قائلًا: "هناك ناشر عراقيّ طلب أن يحصل على حقوق نشر في العالم العربي لكتاب "نساء مغريات في التوراة"، هذا قبل أن نحتفل بتوقيعه هنا..
فعلى ما يبدو سيكون لهذا الكتاب انتشار أوسع من سابقه"!

خوري: "أمور عسكريّة.. وحديث توراتيّ"!
أمّا نايف خوري (مترجم الكتاب إلى العربيّة)، فقال: "هذا هو الكتاب الرابع الّذي أترجمه للكاتب عيني. "نادية" كان أوّل كتاب قمت بترجمته. تعرّفت على يومي عيني عندما كنت مذيعًا في راديو "صوت إسرائيل" بالعربيّة، وهو كان مستمع دائم للإذاعة، حينها اتّصل بي وعرض عليّ كتاباته ومؤلّفاته، وبعدها توطّدت العلاقة بيننا. وأنا اليوم بصدد ترجمة كتاب آخر تحت عنوان "مركَز التوأم"".
وحول الفرق في ترجمة "المبحوح في دبي" و"نساء مغريات في التوراة"، حدّثني خوري قائلًا: "هناك فرق شاسع بين الكتابين. فالأوّل يحكي عن أمور عسكريّة واستخباراتيّة، بينما الثّاني يدور عن حديث توراتيّ وكتاب مقدّس".

زنى محلّل.. دعارة شرعيّة.. لواط مسوغ!!
ويشير نايف خوري في توطئة الكتاب: "عندما شرعت بالترجمة، أخذت أتساءَل ما هو موقف رجال الدّين من هؤلاء النسوة اللواتي عشن حياتهنّ بصورة طبيعيّة، وهي الشاذّة بنظر مجتمعنا اليوم؟ ونحن نستهجن كلّ الاستهجان مثل هذه التصرّفات وهذه السلوكيّات. فما هو الموقف من هذا الكتاب المقدّس الذي يورد سيرة نساء مارسن الزنى على أنّه محلّل، والدعارة على أنّها شرعيّة، واللواط على أنّه مسوغ؟ بطبيعة الحال كانت المفاهيم والقيم الاجتماعيّة والخلقيّة والدينيّة السائدة في ذلك الحين مختلفة ومغايرة تمامًا عمّا نحن عليه اليوم. ولذا يجب أن ننظر إلى هذه الأحداث من منظار ذلك المجتمع
وتلك الفئة من الناس في عهود غابرة على أنّها أمر عاديّ وطبيعيّ!".
ويؤكّد لي خوري بأنّه لا بدّ بأن ينتقد أحد هذا الكتاب وقد يحرّض عليه، ولكن الانتقاد يجب أن يوجّه إلى الأصل، لأنّ المعلومات والقصص مأخوذة من التوراة!
كما يشير خوري بأنّه يحترم ويكرّم جميع الشخصيّات الدينيّة والأنبياء والرسل والقدّيسين، سواء في التوراة أو الإنجيل المقدّس أو القرآن الكريم. والهدف من وراء هذا الكتاب ليس المسّ بالمعتقدات الدينيّة ولا بشخصيّات ذكرت في التوراة.

"الموساد" يستخدم النساء!
وفي ردّ على سؤالي حول إمكانيّة إثارة ضجّة حول الكتاب، وحول دور المرأة تحديدًا، أجاب خوري: "أعتقد بأنّ الكتاب سيثير ضجّة معيّنة. ولكنّ للمرأة كان دور فعّال، وقد استخدمت أنوثتها في سبيل إنقاذ شعبها ووطنها، فقامت بواجبها العسكريّ والسياسيّ والاجتماعيّ مستغلّة أنوثتها وإغرائها أحيانًا".
واختتم نايف خوري حديثه قائلًا: "إنّ "الموساد" ما زال يستخدم النساء كشرك و"مصيدة" للإيقاع بأشخاص معيّنين أو للحصول على معلومات أو للقضاء عليهم.. وقد ورد ذلك في الفصل الأخير من هذا الكتاب".

عبّاسي: "أحبّ التحدّي"!
وفي سؤالي للناشر صالح عبّاسي عن سبب اختياره بعض المواضيع الشائكة للنشر، والّتي قد تعرّضه لإشكاليّات معيّنة، أجابني ضاحكًا: "أنا يا عزيزي أحبّ التّحدي.. وهذا هو نوع من التحدّي. ليس من المتّبع أن تكتب قصة عن التوراة، وخصوصًا قصصًا لنساء مغريات، فهذا غير مقبول لدى المسلمين؛ فالملوك المذكورة في التوراة كسليمان وداود ونوح مثلًا، هم بمثابة أنبياء للمسلمين لا ملوك! ومن هنا يُحذر التطرّق لشخصهم".
أمّا بخصوص الضجّة الّتي قد يثيرها الكتاب، قال عبّاسي: "لا اهتمّ بذلك فعلًا. أنا عملت على نشر الكتاب بالعربيّة، إيمانًا منّي بحريّة التعبير عن الرأي وطرح الموضوع أمام القرّاء".

"مُنعت من دخول الشارقة"
هذا هو الكتاب الثاني الّذي يصدره عبّاسي للكاتب عيني، الأوّل كان "المبحوح في دبي"، وعن ذلك قال: "الكتاب الأوّل جاء ليفضح فساد ويرينا كيفيّة تعامل "الموساد"، بينما الأخير جاء ليكشف قصص إغراء لنساء ورد اسمهن في التوراة".
وأضاف: "كتاب "المبحوح في دبي" لاقى رواجًا في العالم العربيّ أيضًا، ولكن في الوقت ذاته هو سبب عدم مشاركتي في معرض الشارقة، بعد أن كنت قد وُعدت بذلك لدى مشاركتي في معرض فرانكفورت للكتاب الدولي. فعلى ما يبدو بسببه لم أحصل على تأشيرة دخول إلى الشارقة للمشاركة". سكت هُنيهة، وضحك قائلًا: "أخشى بأن يصدر شيخ "الأزهر" فتوى تمنعني من دخول القاهرة بسبب كتاب "نساء مغريات في التوراة".

"أحترم القرّاء"
واختتم قائلًا: "أنا أحترم جميع الأديان السماويّة، ولكنّي أحترم القرّاء وأومن بحريّة التعبير، على الرّغم من أن الكتاب قد لا يتقبّله الكثيرون".

هذا وقد تخلّلت الاحتفاليّة فقرة فنيّة طربيّة مميّزة دمجت بين الموسيقى والغناء، عزف فيها معين شعيب (أورغ) والفنان صالح هيبي (طبلة) وغنّت فيها المطربة الشابة عفيفة.
واختتمت الاحتفالية بوجبة غذاء فاخرة.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *