ليئور شلاين

إن المس الذي حاول أحد الصحافيين المتطاولين أن يبلغه في صميم العقيدة المسيحية والإسلامية، هو محاولة بائسة وفاشلة على عدة أصعدة:
1. على الصعيد الإعلامي، فإنه أثار ضجة سلبية في مهمته ومهنته الصحافية والتي يجب أن تتحلى بالنزاهة والموضوعية. وقلب المشاهدين عليه من محبين أو مؤيدين إلى مندهشين من وقاحته وصلفه، وإلى نافرين وناقمين عليه.
2. على صعيد المضمون، فإن محاولته السخيفة للرد على أحد الأساقفة بما يتعلق بالكارثة، جاءت ركيكة وعديمة القيمة الفنية، وقد أورد تناقضات شتى في الصور التي عرضها، وزاد من أخطائه بأنه جمع مفارقات عديدة لا أصل لها من الصحة ولا تمت إلى الواقع بأي صلة. وبدلاً من الرد على الأسقف شخصيًا أو موضوعيًا اختار الرد على الجميع وهو يعمم تهكمه بدون وازع ولا رادع.
3. على الصعيد العقائدي، فإنه لم يستطع زعزعة الإيمان والعقيدة لدى أي مشاهد بل بالعكس عزز هذا الإيمان وهذه العقيدة، التي تتأجج في النفوس والأفئدة يومًا بعد يوم. هذا عدا عن كل من حاول في السابق أن يحذو حذوه، فقد ظهر من السيد المسيح والعذراء مريم ما يجمع إلى العقيدة أكبر عدد من المؤمنين. ناهيك عن العجائب والبركات التي ينزلها يسوع المسيح، عيسى، ومريم أمه كل يوم.
4. على الصعيد الاجتماعي، فإن الصحافي المتوهم، والمدعي بنفسه لدرجة الغرور، أكد جديته وأنه بعيد عن المزاح، بل تعمد ذلك مع سبق الإصرار، وهنا يوقع نفسه في أزمة المصداقية والتعامل مع نفسه أولاً ومع ضيوفه في البرامج التي يعدها ثانيًا ومع إدارته ثالثًا ومع جمهور المشاهدين رابعًا.
5. على صعيد رد الفعل، فإن الرد الاحتجاجي لهذا الصحافي عاد عليه كـ "بوميرانغ"، لأنه وجهه إلى أشخاص وهيئات ومؤمنين ليس لهم ضلع في هذا الموضوع، ولكن سرعان ما كالوا له الصاع صاعين. فقد تم التوقيع على العرائض، ورسائل الاحتجاج، والمؤتمرات الصحافية، والدعاوى في المحاكم، وغيرها.
6. على صعيد الكارثة، من نصّب هذا الصحافي محاميًا عنها وعيّنه مدافعًا عن حدوثها؟ من قال بأنه نصير الكارثة وضحاياها؟ ألا يعلم من هم ضحايا هذه الكارثة المشؤومة؟ ألا يعلم بأن عدد ضحاياها من المسيحيين والمسلمين يفوق بكثير تلك الأعداد التي يعرفها هو؟
7. على صعيد المزاعم، فإن هذا الصحافي المزعوم يتنكر للقيم الدينية والعقائدية، ويتحدث كمن يتخبط في الظلمة، أو يغوص في مستنقع الجهل والضلال، متطرقًا إلى واقعة حربية وعسكرية، وهي جريمة نكراء بالمفهوم الديني للمسيحيين والمسلمين، فما دخل الدين في الكارثة؟ وإن الأسقف الذي تحدث عن هذه الكارثة أورد رأيه الشخصي وليس رأي الكنيسة، حتى أن قداسة البابا بنديكتوس السادس عشر قد شجب واستنكر وفند مزاعم ذلك الأسقف. ألا يكتفي بهذا؟
8. على الصعيد الديني، فإن الأسقف لم يتطرق إلى الناحية الدينية أو العقائدية اليهودية في حديثه الذي رفضته الكنيسة جملة وتفصيلاً. ولم يتهجم أو يظهر العداء لأي من الأنبياء أو الشخصيات الدينية اليهودية، فما بال هذا الصحافي المتهور يهاجم أقدس القديسين والقديسات ويطعن بالناحية الدينية؟
9. على صعيد قداسة البابا، إن قداسة الحبر الأعظم البابا بنديكتوس السادس عشر قد يزور بلادنا في شهر أيار، مايو المقبل، فلينظر هذا الصحافي، وإدارة التلفزيون، تلك القناة التي تصطاد في المياه العكرة، بأي وجه سيستقبلون قداسته، إن كان لهم وجه أصلاً؟ أم أن صلفهم وحقارة أفكارهم وبذاءة أقوالهم ستشفع لدى أي مسؤول ليعذرهم المؤمن المسيحي والمسلم أولاً وقداسة البابا ثانيًا؟
10. على صعيد القناة الهزيلة، فإنه ليست هكذا تورد الإبل، ولا هكذا تؤكل الكتف، بل هناك شيء من الاحترام والموضوعية والدقة والاتزان في العمل الصحافي الحر والنزيه، أم أنها قناة بعيد كل البعد عن هذا؟ ألأنها تتشبث بكل قشة حيث سيكتب لها الغرق والزوال كما نعلم كلنا؟ أليست هي التي يتحدثون عن إغلاقها بسبب ديونها الكثيرة؟ وبسبب قلة عدد المشاهدين لبرامجها؟
– وليتعظ كل متطاول مغرور.
نايف خوري
منسق التضامن المسيحي العالمي في الشرق الأوسط،رئيس جمعية المعلم للإعلام في إسرائيل،أمين سر مؤسسة البيت المسيحي في حيفا،عضو في المجلس الرعوي لكنيسة مار إلياس للروم الملكيين الكاثوليك في حيفا