تكثّف دولة الإمارات حملتها للتصويت لجزيرة بوطينة المرشحة لمسابقة عجائب الطبيعة السبع الجديدة التي يعلن عن نتائجها الجمعة المقبل. وإلى جانب مياهها الزرقاء الصافية التي تحف شواطئها الرملية، وطبيعتها الخلابة، تضم الجزيرة تنوعاً بيولوجياً غنياً وفصائل مهددة بالإنقراض.
تقوم دولة الإمارات حاليا بتكثيف حملاتها الترويجية لحشد التصويت لجزيرة "بوطينة" في أبوظبي بهدف تمكين الجزيرة من الفوز في مسابقة عجائب الطبيعة السبع الجديدة التي سيتم الإعلان عن نتائجها يوم الجمعة المقبل الموافق الحادي عشر من تشرين الثاني (نوفمبر) 2011.
وجزيرة بوطينة الواقعة على الشواطئ الغربية لدولة الإمارات (130 كيلومترا تقريبا غرب أبوظبي) تأتي ضمن 28 موقعا عالميا يتنافس على لقب عجائب الطبيعة السبع. وبوطينة هي المتأهل الوحيد للمرحلة النهائية الذي يمثل منطقة دول مجلس التعاون الخليجي في المسابقة، وتعد أول محمية محيط حيوي بحري في منطقة الشرق الأوسط، وهي جزء من محمية مروح للمحيط الحيوي البحري.
وبوطينة هي أحد المواقع المسجلة في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) لبرنامج الإنسان والمحيط الحيوي منذ عام 2007 لتكون بذلك أول محمية في دولة الإمارات تنضم إلى الشبكة العالمية المؤلفة آنذاك من 529 محمية موجودة في 105 دولة. كما تعد أول وأكبر محمية محيط حيوي بحري في المنطقة. وتأوي الجزيرة العديد من المواطن الحيوية المهمة على المستوى المحلي والإقليمي والعالمي وتبلغ مساحتها حوالي 4000 كيلومتر مربع.
وفي إطار سعيها للفوز في هذه المسابقة العالمية تقوم هيئة البيئة في أبوظبي حاليا بتنظيم معرض بوطينة على "كورنيش أبوظبي" بهدف تعريف الجماهير على نماذج من أنماط الحياة على الجزيرة التي تقع ضمن محمية المحيط الحيوي من خلال تقديم نماذج ومعروضات تفاعلية، بما في ذلك حوض إعادة تأهيل السلاحف، ونماذج بالحجم الطبيعي للأنواع التي تعيش على الجزيرة ومن ثم تشجيعهم على تكثيف التصويت للجزيرة لتكون من بين عجائب الطبيعة السبع الجديدة.
طبيعة خلابة وتنوع بيولوجي غني
وتؤكد هيئة البيئة في أبوظبي أن كل المعطيات والمؤهلات التي تتمتع بها جزيرة "بوطينة" التي تقع قبالة ساحل إمارة أبوظبي، تمكّنها من أن تفوز في المسابقة العالمية نظرا لإمكاناتها، كونها محمية طبيعية للمحيط الحيوي البحري، وتتميز بطبيعتها الخلابة التي تزدهر بغناء بيئاتها الطبيعية.
وتشير الهيئة إلى أنه على الرغم من الظروف المناخية والطبيعة القاسية في الخليج العربي إلا أن جزيرة بوطينة حافظت على تنوع بيولوجي غني وبيئات طبيعية مزدهرة، مما أهلها للترشح في مسابقة عجائب الطبيعة السبع. فأهم ما يميز جزيرة "بوطينة" عن غيرها من الجزر أن المياه الزرقاء الصافية والضحلة تحيط بها وتحف جوانبها الشواطئ الرملية النقية، كما أنها تضم فصائل مهددة بالانقراض. كما تأوي موائل بحرية حساسة وأنواعا ذات أهمية إقليمية وعالمية، بالإضافة إلى مناظرها الطبيعية الأخاذة والسلاحف البحرية التي تعشش فوق سواحلها، وشعابها المرجانية التي نجحت في مقاومة فترات عصيبة من الحرارة والملوحة، كما تحتضن مياه هذه الجزيرة ثاني أكبر مجموعة من أبقار البحر في العالم وهي الثدييات البحرية المهددة عالميا بالانقراض.
وتقضي العديد من أنواع الطيور فصل الشتاء على الجزيرة مثل طيور العقاب النساري وبلشون الصخر وخرشنة البحر بنوعيه أبيض الخدين وذي اللجام وكلها تزور الجزيرة وتتكاثر عليها أثناء مواسم الهجرة، في حين اتخذت أعداد من طيور الغاق السوقطري، والتي تراوحت بين 20 و25 ألفا، الجزيرة ملجأً تأوي إليه سنويا.
وعلاوة على ذلك تكتسب جزيرة بوطينة أهمية خاصة للأبحاث العلمية بما تحفل به من شعاب مرجانية متعافية ومواطن متنوعة وفصائل متعددة بالرغم من ارتفاع درجات الحرارة ونسبة الملوحة. لذلك هي واحدة من المناطق الهامة والرئيسية في محمية مروح التي تعتبر أول وأكبر محمية بحرية في المنطقة.
وتفصيلاً، تعد الجزيرة ملاذا آمنا لبعض الكائنات والنباتات الأكثر روعة في العالم ومنها ، حيث تحتضن أحد أفضل مجموعات أبقار البحر (الأطوم) وأكثرها حيوية في العالم. وتقضي أبقار البحر معظم يومها في مروج الأعشاب البحرية وتلتهم يوميا ما يصل إلى 35 كيلوغراما من العشب البحري. ويقضي حوالي 3000 من أبقار البحر فصل الشتاء في مياه أبوظبي؛ 65% منها تجول باحثةً عن الطعام داخل و حول جزيرة بوطينة. وتعد هذه أكبر كثافة عددية لأبقار البحر في العالم، مع ذلك فهي مصنفة على أنها مهددة بالإنقراض حسب قائمة الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة.
وتتميز الجزيرة أيضا بالشعاب المرجانية المتميزة بالجمال والقوة نظرا لمقدرتها على البقاء في ظل بيئة قاسية وصعبة، فهي تتعرض لدرجات حرارة تفوق مستويات احتمالها في أماكن أخرى من العالم. والمرجان المتشعب من فصيلة أكروبورا داونينجي الموجود في جزيرة بوطينة يحتاج لدرجات حرارة مستقرة تتراوح بين 20 و28 درجة سيلسوس. وعرف عن الشعاب المرجانية في بوطينة أنها تستطيع تحمل فروقات في درجات الحرارة تزيد عن 20 درجة سنويا.
وتشكّل الجزيرة كذلك موطنا لنوعان من السلاحف البحرية الأكثر عرضة لخطر الانقراض في العالم. وتعد سلاحف منقار الصقر من الأنواع المدرجة في القائمة الحمراء للاتحاد الدولي لصون الطبيعة ضمن الأنواع المهددة بخطر الانقراض، وتعود تهذه ك السلاحف كل عام للتعشيش حيث تتخذ من مياه أبوظبي ملجأ للتغذية والتكاثر، ولقد شهدت جزيرة بوطينة هذا العام وحده مولد أكثر من 600 سلحفاة من هذه السلاحف. ويتم اصطياد العديد من سلاحف منقار الصقر سنويا للاستفادة من أصدافها في صناعة الحلي لأنها تملك إحدى أكثر الأصداف جمالا في العالم.
والنوع الثاني من السلاحف الذي يتواجد في جزيرة بوطينة هو السلاحف الخضراء. وتتنقل هذه السلاحف في مياه أبوظبي بحثا عن الغذاء حيث تأكل الأعشاب والطحالب البحرية ولكنها لا تعشش هناك. ويتم صيدها بشكل غير قانوني في جميع أنحاء العالم لاستخدامها كغذاء، كما تتسبب أيضا المشاريع العمرانية والانشائية غير المراقبة على الشواطئ في تدمير مواقع تعشيش هذه السلاحف.
طيور العقاب والغاق والفلامنجو
وتجد في الجزيرة أيضا العقاب النساري أو ما يعرف بـاسم "صقر البحر" أو "نسر السمك" وهو موجود في جميع القارات ما عدا القارة القطبية الجنوبية، ولكن يصعب تحديد موطنه الأصلي حيث أنه يتكاثر فقط في البحر الأحمر والخليج العربي وخليج عمان. وتعد جزيرة بوطينة أحد المعاقل الأساسية لطيور العقاب النساري في دولة الإمارات.
وتعتبر طيور العقاب النسارية صائدا ماهرا للسمك وتقضي معظم حياتها على السواحل تحوم وتدور على ارتفاعات متوسطة، ثم تهبط بأقدامها أولا لتخطف السمك من على سطح الماء، مما يضطرها أحيانا أن تنغمر في الماء كليا قبل أن يتسنى لها الإمساك بفريستها بمخالبها الطويلة ثم الطيران إلى منطقة جافة لتستمتع بطعامها. وعلى الرغم من طبيعتها القاسية والمفترسة، فإن طيور العقاب النساري تتزاوج وتعيش مع أزواجها مدى الحياة، وتعتبر مخلوقات اجتماعية جدا مقارنة بمثيلاتها. وتضم أبوظبي أكثر من 75% من طيور العقاب النسارية الموجودة في منطقة الخليج العربي.
وتم التأكد عام 2005 بأن طائر الغاق السوقطري يتكاثر على الجزيرة. وعلى الرغم من أن موطنه الأصلي هو الجزيرة العربية إلا أنه تم اكتشافه للمرة الأولى في سوقطرة وهي أرخبيل مكون من أربع جزر في المحيط الهندي، ومن هنا حصل على اسمه الذي اشتهر به.
ويعتبره الصيادون وباءً ويتشائم الكثيرون منه، ولكن هذا الطير الجميل الذي يكسوه السواد صُنِّف الآن على أنه من الطيور المهددة بخطر الانقراض طبقا للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لحماية الطبيعة. إذ لم يتبق إلا 13 أو 14 من أصل 28 موقع تعشيش معروف لهذه الطيور، وتعتبر جزيرة بوطينة أحد هذه المواقع.
وتسببت أعمال التنمية العمرانية التي كانت تتم بالقرب من مواقع التعشيش إلى تعريض هذه الطيور السوداء الجميلة إلى خطر كبير.
وينضم لمجموعة الطيور التي تحتضنها بوطينة، طيور النحام الكبير (الفلامنجو) أو"الفنتير" الكبير التي عادة ما تتواجد في البحيرات القلوية أو المالحة أو في البرك ومصبات الأنهار حيث المياه العذبة والمالحة والأراضي الرطبة الاصطناعية من غربي البحر المتوسط وحتى سريلانكا.
وتقضي هذه الطيور فترة الشتاء في دولة الإمارات أثناء ترحالها من الشمال إلى الجنوب. وتتميز بأرجل طويلة ورفيعة، ورقاب رشيقة وريش وردي اللون حصلت عليه من نسبة البيتاكاروتين الموجود بكثرة في غذائها المكون من الطحالب والروبيان وخاصة روبيان المياه المالحة.
وتنفذ هيئة البيئة -أبوظبي برنامجا بحثيا لتتبع بعض طيور الفلامنجو في الإمارات بهدف التعرف على المزيد من المعلومات حول هذه الطيور والأخطار التي قد تتعرض لها.
وتزيّن الجزيرة أشجار القرم الرمادية (أفيسينيا) التي تنمو بكثرة في دولة الإمارات بسبب تحمُّلها للطقس الجاف والمياه شديدة الملوحة، ويصل طولها إلى سبعة أمتار وسط المياه الصافية والطبيعة الخلابة.
وكانت أشجار وشجيرات القرم تستخدم في السابق من قبل السكان المحليين كحطب للتدفئة ومواد بناء وفحم وعلف للماشية. أما اليوم فتعتبر هذه الأشجار ذات أهمية حيوية للمنطقة لأنها موطن تفريخ وحضانة للعديد من الأسماك والقشريات، فهي قادرة على المحافظة على التربة من التآكل الذي تسببه حركة الأمواج على الساحل.
وفي مياه دولة الإمارات ثلاثة عشر نوعا مختلفا من الدلافين، ثلاثة منها متواجدة بكثرة: الدولفين قاروري الأنف، الدولفين الأحدب، والدولفين الشائع تعرف محليا باسم " الدقس"، أما تلك التي في بوطينة عرف عنها أنها تتنقل في جماعات تتراوح أعدادها من 5 إلى 35، وعادة ما تسبح إلى جانب القوارب لتظهر طبيعتها المرحة ومهاراتها في القفز.
كما تعيش في بوطينة سلطعون الشاطئ (القبقوب) التي لا يزيد حجمها الضئيل عن 2 سنتمتر وهي مخلوقات قوية تعيش في أشجار القرم في بوطينة وكذلك الشواطئ الصخرية. وسلطعونات الشاطئ مخلوقات شديدة العدوانية تتسلق الأشجار وتعيش تحت الخشب المتعفن حيث تتغذى على الأوراق والطحالب والقشريات.
وسلطعونات الشاطئ في دولة الإمارات ليس لها أهمية تجارية لأنها غاية في الصغر، ولكن أقربائها السلطعونات الزرقاء السابحة يتم استغلالها باستمرار، ففي عام 2009 تم صيد وبيع ما يزيد عن 130 ألف كيلوغرام منها في الإمارات.
وهناك السمك المرقط مطاطي الشفاه والذي يعرف محلياً باسم "الهلالي" هو أحد الأسماك المفضلة لدى السكان المحليين. وفي عام 2009 تم صيد وبيع ما يزيد عن 730 ألف كيلوغرام منه، ما يشكل 12% من صيد السمك الإجمالي في الإمارة.
عجائب الطبيعة السبع الجديدة
بدأت حملة عجائب الطبيعة السبع عام 2007 مباشرة بعد الحملة الناجحة لاختيار عجائب الدنيا السبع التي صنعها الإنسان، والتي تمت المشاركة فيها بأكثر من 100 مليون صوت.
وتهدف هذه المسابقة إلى تحفيز التصويت من مختلف أنحاء العالم لاختيار سبعة مواقع جديدة من عجائب الطبيعة. فمن بين 474 موقعا تم ترشيحها من أكثر من 224 بلدا، تم اختيار 77 موقعا بناءً على جماله، والقيمة البيئية، والإرث التاريخي، والموقع الجغرافي.
وتم تصفية هذه المواقع حتى نجح 28 موقعا من بينها جزيرة "بوطينة" في الوصول الى المرحلة النهائية إلى جانب العديد من الرموز الطبيعية المعروفة في العالم مثل الحاجز المرجاني العظيم وجزر غالاباغوس. كما تأهلت مغارة جعيتا التي يعتبرها اللبنانيون جوهرة السياحة اللبنانية إلى نهائيات المسابقة.
وسيتم اختيار هذه العجائب رسميا يوم الجمعة المقبل عبر الاحتكام لاستفتاء عالمي ينتظر أن تصل عدد الأصوات فيه إلى مليار صوت.