مطانس فرح
* جمعيّة التطوير الاجتماعيّ في حيفا تُطلق مشروع «احتفاليّة المعلم»، وتسعى لتحويله إلى تقليد سنويّ، بالتعاون مع لجان أولياء الأمور والأهالي ومجالس الطلاّب * «في زمن يشهد تراجعًا في مكانة المدرسة والمعلّم، علينا أن نفعل شيئًا لإعادة التوازن من جديد» * «احتفاليّة المعلّم» تبدأ بحملة إعلاميّة، مرورًا بنشاطات في المدارس، لتنتهي بأمسيّة ثقافيّة *
تنظّم جمعيّة التطوير الاجتماعيّ، نهاية الشهر الجاري، احتفاليّة مميّزة يُقصد بها الاحتفاء بالمعلّم/المربيّ ودوره التربويّ والمعرفيّ والاجتماعيّ. وقد علمنا أنّ جمعيّة التطوير الاجتماعيّ – حيفا، تخطّط لهذه الاحتفاليّة منذ أشهر، وأنّها ستطلق حملة إعلاميّة خاصّة بها، في الأيام القريبة.
ويُشار إلى أنّ إغباريّة هو معلّم ومُربٍّ سابق لأكثر من عقدين، وأنّ لجمعيّته مساهمتها المتواضعة – كما يقول – في العمليّة التربويّة في حيفا، من خلال دعم مشاريع وبرامج وشراكات مع مدارس وإدارات مدارس مختلفة.
وعن الاحتفاليّة وخلفيّاتها وطبيعتها، كان لي هذا الحوار مع الصديق المربّي حسين إغباريّة، المدير العامّ للجمعيّة:
– تتحدّثون عن احتفاليّة، فهل أنتم بدوركم في الجمعيّة، تهتمّون، أيضًا، بتنظيم مثل هذه النشاطات؟!
إغباريّة: «ربّما تعني التسمية الاحتفال فعلًا، علمًا أنّ مشروعنا يقوم على دعم مكانة المعلّم والمربّي، وتسليط الضوء على أهميّة الدور التربويّ، والوظيفة الاجتماعيّة الّتي يقوم بها خلال عمليّة تهيئة الأجيال. ونشاطنا هذا يندرج في إطار دعمنا للتعليم العربيّ في حيفا بأشكاله المتعدّدة. وقد رأينا أن نُشير على المجتمع أن يُعيد النظر في وظيفة المعلم/المربّي لجهة التعزيز ورفع المكانة، باعتبار ذلك شرطًا من الشروط الضروريّة للنهوض بالتعليم».
– لماذا الآن، لماذا ليس قبل عام أو عامين، مثلًا؟
إغباريّة: «سؤال مهمّ. بالنسبة إلى توقيت الاحتفاليّة فهو نابع من كون ميزانيّة الجمعيّة سمحت لنا بتنظيم برنامَج كهذا. أمّا الاهتمام بالتعليم والمدارس والطلبة فهو ضمن نشاطات الجمعيّة وبرامجها، منذ أن قامت قبل ثلاثة عقود تقريبًا. في خلفيّة الاحتفاليّة انطباعنا ومشاهداتنا الميدانيّة الّتي تقول بأنّ هناك تراجعًا في مكانة المعلّم وانحسارًا لدوره، لسبب تغيّرات الحياة ووظيفة المدرسة بشكل عامّ، وبروز مصادر جديدة للمعرفة وتنامي مكانة الطالب الفرد في مجتمعنا والدولة. هدفنا من الاحتفاليّة هو الدّعوة إلى إقامة توازن جديد في المدرسة يحفظ للمعلم والمربّي شروط أداء مهمّاته وتعزيز مكانته. وهدف آخر لا يقلّ أهميّة، هو رسالتنا القائلة بوجوب تقدير عطاء المعلّم والمربّي وتشجيعه على المزيد من العطاء، وهو مورد هامّ جدًّا لتطوير العمليّة التربويّة وإنجازاتها».
– وما هو برنامَجكم تحضيرًا للاحتفاليّة؟
إغباريّة: «أعددنا خطّة عمل مفصّلة. سنبدأها خلال أيّام بحملة إعلاميّة في محورها رسالتنا ومقولتنا في الموضوع، وهي أنّنا نثمّن عاليًا الدور التربويّ والاجتماعيّ للمعلّم والمربّي، وماضون في تعزيز مكانته ودوره. بالمقابل، نواصل اتّصالاتنا ولقاءَاتنا مع هيئات أهليّة، مثل لجان أولياء الأمور وممثّلي المدارس والسلك التعليميّ ومجالس الطلّاب والفعّاليّات الاجتماعيّة، لإشراكهم في إنجاح فكرتنا. وأشير – هنا – إلى أنّنا نتطلّع إلى أوسع شراكة اجتماعيّة في برنامَجنا هذا. وسنتوّج البرنامَج بتظاهرة ثقافيّة – اجتماعيّة – تربوية، في نهاية الشهر الجاري، من خلال أمسيّة فنّيّة خاصّة نعدّ لها لتكون علامةً فارقة في المشهد الحيفاويّ، تؤسّس لتقليد سنويّ – إذا استطعنا. هدفنا أن يحضر الأمسيّة الـ 530 معلّمًا/مربّيًا في مدارس حيفا العربيّة.. ترقّبونا خلال الأيّام المقبلة».
– عمليّة التربية والتعليم لا تشمل المعلّم والمربي فقط، فماذا مع بقيّة «أضلاع» العمليّة التربويّة؟
إغباريّة: «أوافقك الرأي تمامًا؛ ونعتبر أنّ المعلم هو إحدى أضلاع العمليّة التربويّة، وعليه فإنّنا نعمل جاهدين في الجمعيّة، في عدّة اتّجاهات ومسارات، لضمّ كلّ أعمدة العمليّة التربوية. هناك العديد من المشاريع الّتي نُفّذت، وأخرى ما زالت قيد الإنجاز. منها – على سبيل المثال، لا الحصر – مشاريع تربويّة مختلفة مع المدارس العربيّة الأهليّة والرسميّة. نذكر مشروعنا المتعدّد السنوات في التحضير للصفوف الأولى، كما نخوض، الآن، تجربةً رائدة ضمن برنامَج «رواق تربويّ»، هي عبارة عن تطوير تصوّر عامّ للتعليم العربيّ في حيفا، الّذي تشارك فيه غالبيّة القيادات التربويّة من مختلف المدارس.
ونعمل، أيضًا، على تطوير ميثاق المجتمع المدرسيّ الآمن. هذا وقد كان لنا دور نشِط في تشكيل مجلس طلبة في مدارس المدينة. أصدرنا الكثير من المطبوعات المتخصّصة في التوجيه والإرشاد، وُزّعت في المدارس. أصدرنا مجلّة من إبداع الطلبة صدر منها عدد واحد، ونعمل على مواصلة المشروع – كما رأيت، لنا شراكات عديدة مع المدارس بدأت من سنين طويلة، ونحاول أن نطوّرها ونوسّعها لصالح الطلبة والمجتمع».
– وكيف توصّلتم إلى هذا كلّه، فمن أين لكم أن تعرفوا الاحتياجات؟
إغباريّة: «أوّلًا، إنّنا على علاقة حواريّة مستمرّة مع قيادات تربويّة في مدارس المدينة، تشاركنا ونشاركها الهمّ في تطوير التعليم وسدّ احتياجات، نعتقد، معها، أنّها ضروريّة. إنّنا ندرك الاحتياجات من خلال قيادة المدارس وإداراتها، من خلال الانفتاح المتبادل بيننا. ثانيًا، هناك مربّون ومربّيات في الحقل يراجعوننا ويسألوننا أن نشاركهم في مبادرات ومشاريع تربويّة، لثقتهم بقدرات الجمعيّة ورسالتها.
ثالثًا، لقد أجرينا – قبل ثلاث سنوات – بحثًا نوعيًّا عن التعليم العربيّ في المدينة، كانت نتائجه مثيرة. وقد قرّرنا في الجمعيّة الشروع، فورًا، في العمل بوحي من النتائج والتوصيات. كما أنّ توسيع نشاطنا في حقل التّعليم يأتي بناءً على نتائج هذا البحث، أيضًا. رابعًا، لا تنسَ أنّنا أبناء هذه المدينة ومن أهلها، ونحن بينهم ولنا أعينٌ وآذانٌ وقدرات لإدراك ما يجري واستشعار الاحتياجات في مدارسنا».
– أنتم شركاء فاعلون في العمليّة التربويّة، لكنّي لم أشعر – من قبل – بهذا الدور؟
إغباريّة: «ربّما، نحن نعمل أكثّر مما نتكّلم. ونغيّر أكثر ممّا نتّحدث عن التغيير. نهجنا هو العمل بأقصى ما يُمكن من طاقات، أمّا الحديث فبتواضع (يبتسم بخجل). نترك للآخرين من شركائنا في المدارس وإداراتها أن يصفوا تجاربهم معنا. بابنا مفتوح للعمل والشراكات حيث نستطيع وحيث نتوصّل إلى قناعة بجدوى ذلك».
– وعودة إلى الاحتفاليّة.. كيف تلقّى المعلّمون والمربّون والقيادات التربويّة مشروع الاحتفاليّة؟
إغباريّة: «بكلّ حماس، لأنّهم يدركون الحاجة إلى بناء وظيفة المعلم ودوره من جديد في ظلّ متغيّرات كثيرة داخل المدرسة وخارجها. كلّ إدارة تشاركنا نشاطنا أكّدت أنّها ستعمل معنا على إنجاح هذا الحدث.
المربّون والمربّيات الّذين نعمل معهم فوجئوا بالبرنامَج واستقبلوه بفرح. وأخيرًا – قالوا – هناك جهة تلتقط الإشارة من الحقل، وتحوّلها إلى مشروع عمل. نأمل من المدارس أن تتجاوب معنا وأن تعتمد نشاطات خاصّة بالمناسبة داخل المدارس، بمشاركة الطلّاب والمعلّمين. أرجو لهم ولنا جميعًا النجاح في هذه الاحتفاليّة التي نريد لها – كما قلت – أن تكون علامةً فارقة في نظرة المجتمع إلى وظيفة المعلّم/المربّي ودوره».