الانجازات الفردية والجماعية، بقلم: د. رفيق حاج

مراسل حيفا نت | 17/10/2011

ان لم تعتبر صالون بيتك امتداداً للشارع المحاذي لدارك فهنالك خلل في طريقة تقديرك للمساحة الجغرافية التي ينبغي ان تقع في منطقة مسؤوليتك واهتمامك فلا نجاح فردي بدون نجاح جماعي.

  مهما تألّقت الافراد في  انجازاتها الشخصية – الاقتصادية منها او المهنية او الثقافية اوالفنية فان ذلك لا يضمن بناء مجتمع قادر على التصدي للأخطار المحيطة به ولا يؤهّل المجتمع لمواجهة تحدّيات المستقبل. اذا لم نُخصّص جزءا هاما من طاقاتنا لبناء مجتمعنا فسنظلّ نقبع في ظلّ التأخّر ونُدرَج بين الشعوب القابعة في أسفل السلّم. اذا لم نرَ في الشارع المحاذي لبيتنا امتداداً لغرفة الصالون فنحن في مشكلة. ان لم نعتبر الحديقة العامة امتداداً لمسكننا فنحن في ورطة. ان لم نعتبر العنف والتخريب الممارس ضد الممتلكات العامة تخريبا وعنفا ضدنا فنحن في أزمة.

يُخطئ البعض اذ يظنّ بان النجاح على المستوى الفردي كافٍ لضمان العيش الكريم لان الفرد ما زال بحاجة ماسة للخدمات العامة التي تزوّدها المؤسسات القائمة في المجتمع كالمدارس وروضات الاطفال والسلطات المحلية وعيادات صناديق المرضى ومكتب البريد وغيرها. هذه المؤسسات تؤثّر بشكل مباشر على مستوى حياتنا وعلى صحتنا النفسية والجسدية وعلى مستقبل اولادنا وعلى رغد عيشنا ولذا علينا بذل الجهد المطلوب من اجل مراقبة عملها وتحسين ادائها واختيار الممثلين الأفضل لإدارتها.

ان عدم المبالاة تجاه التقهقر الذي حلّ بنا هو بادرة وشيكة لقدوم الإنهيار الشامل. يُقال بان العالم سيفنى يوماً ما ليس بيد الأشرار والمجرمين وانما بيد اللامبالين غير العابئين بما يحدث على بعد امتار قليلة منهم. ان العطاء وعمل الخير والتضحية من اجل المصلحة العامة هي فروض تناولتها كل الاديان والشرائع. ان العمل من اجل البلد هو استثمار ذو مردود رائع ولا بُدّ  من لقيام به.

قال الزعيم الاسود مارتن لوثر كينغ "لا تقل ماذا يستطيع البلد ان يقدّم لي.. بل قل ماذا استطيع ان اقدّم لهذا البلد..". وحتى يحقق الإنسان التوازن بين الفردية والجماعية؛ فلا بد أن يشعر الفرد بانتمائه للمجموع وولائه له، وفي الوقت ذاته يشعر أنه جزء من هذا المجموع و أنه كيان إيجابي فيه، وأنه جزء من قوته، إلا أن قوته وحده لا تسوى شيئًا لو تركت وحدها، وإنما يجب أن تنضم وتتحد مع القوى الأخرى لتوليد أعظم قوى في الوجود.

المجموع أقوى من الفرد: مهما بلغ الفرد من القوة والذكاء لا يمكن أن يكون أقوى من المجموع، وكما قال الكاتب الكبير ـ صاحب النظريات الثورية في علم الإدارة، مؤلف كتاب مدير الدقيقة الواحدة ـ كين بلانشارد إذ قال "ليس بيننا فرد واحد يبلغ ذكاؤه درجة أعلى منا مجتمعين".

إذا تأملتم هذه الحياة الدنيا ستجدونها قائمة على التكاتف والتعاون بين المخلوقات جميعًا. فانظروا الى ممالك النحل والنمل واسراب الطيور كيف تتعاون فيما بينها لتؤمن مسكنها وغذاءها وديمومتها إذ لا بد لهم من التعاون والتناصر.

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *