يومياتي مع السرطان

مراسل حيفا نت | 16/10/2011

حضنتها دون تفكير او تردد،نسيت المكان والزمان،اغرورقت دموعي وامتلات عيناي بماء الحياة، كانت صدفة جعلتني اهتز من كينونتي التي اتقوقع فيها، اشعر احيانا بعظمتها واحيانا بسموها واحيانا باخفاقها…..

هي سيدة ارقى من الانسان في اوج انسانيته، التقيتها في شارع ركب ولا اتمنى لقاءها مرة اخرى، احب الاحتفاظ بذاك المشهد وذاك الشعور وذاك الاحساس الذي نقلني الى مكان اخر من الوجود….. كانت لحظات اصور فيها مع فضائية فلسطين في شارع ركب في رام الله، طلب مني السير في شارع ركب لنرى ردات فعل الناس ونظراتهم على شكلي الغريب، امراة حافية الرأس تسير في شارع اعتاد على رؤية نموذجين من الحجاب والشعر والاغلب نموذج محجب اكثر من غيره، اما حالة امرأة بلا شعر تشعرك وكأنها قادمة من الفضاء الخارجي، تنوعت المشاهد والنظرات بين متمعن وبين لا مبال وبين من ينظر ولا يرى لكثرة همومه حين يسير في الطريق وهو يفكر في مأساة حياته فتعتقد انه يرى وهو في مكان اخر من البحث عن حلول ازماته.

وقفت امام الكاميرا لارى امرأة تنظر لي وبابتسامتها الملئ بالحياة ورأسها المنحني تقترب مني، ناديت عليها وبنفس اللحظة قالت "انا كمان عندي سرطان بس في حلقي"رددت عليها وسألتها وهل خرجتي بدون شعر اجابت لا لم اجرؤ ان اكون مثلك وما زالت ابتسامتها على شفاهها لم تفارقها وعدت وسألتها لماذا اعتقدت اني مصابة بالسرطان فلربما اكون قصصته موضة فأجابت اتمنى ان لا يكون سرطان، حينها أكدت لها اني مصابة فقالت "يا ريتو في مش فيك حيانة عليك انت صبية صغيرة وحلوة" لم اتمالك نفسي ونسيت الكاميرا والمصور والمراسلة زاهية والشارع والمكان وحضنتها، نعم حضنتها واحسست اهاتها واوجاعها والمها واناتها.

اه ما اصعب هذه اللحظة حين اندمج المي بألمها ووجعي بوجعها وخوفي بخوفها وارادتي بأرادتها،لم اتمالك نفسي فوجدت دموعي تسكنني وتسكنها، بكت في تلك اللحظة وبدأت تخفي وجهها وهي تمسح دموعها وتحاول الهروب من المكان غير راغبة بالظهور على الكاميرا او حتى مشاركة المها مع جمهور لا يعرفها، ذهبت دون ان اعرفها وبقيت صورها تهز المي حين اتذكر لحظات الالم. وقفت زاهية تريد اجراء حوارها معي في اللحظة التي كنت اعجز فيها حتى عن التعبير عن شعوري وسألتني لماذا احبطي، كنت تسيري بالشارع وكلك ثقة، فأجبتها هذه السيدة اشعرتني بحالة خاصة لم ترغب حتى ان اقسامها السرطان وارادت ان تأخذه لوحدها، فكرت للحظة ان اجلب كرسيا واضعه على المنارة ليراني الجميع بدون شعر ليقبلوا زوجاتهم وعشيقاتهم واخواتهم وامهاتهم، اردت ان اعطي القوة لكل امرأة لتتحرر من ذاتها ومن صمت غيبوبتها ومن المها ومن حزنها ومن جلد ذاتها، نعم كانت لحظات ابكتني فيها هذه المرأة في اللحظة التي لم ابك قط على المي وعلى سرطاني.

هي اللحظة التي قلت لها انني اخرج هكذا لتقوى هي،هي اللحظة التي قررت فيها تكسير الحواجز الاجتماعية ومحرماتها لتقوى هي، هي اللحظة التي خرجت فيها من مدفني لاغمر ذاتها بحرية بعيدة عن محرمات محيطي،هي اللحظة التي كسرت مجاديف قبوي لاعيش في كنف اشعاع الحرية،هي اللحظة التي قررت ان اكون انا.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *