سلطت الأضواء مجددا على حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بعد أنباء التوقيع على اتفاق لمبادلة الأسرى الفلسطينيين مع الجندي الإسرائيلي المخطوف غلعاد شليط والتي ستخطف بعض الأضواء التي سلطت على الرئيس محمود عباس بعد أن تقدم بطلب للأمم المتحدة لإعلان دولة فلسطينية.
لكن الاتفاق الذي وصفته حماس بأنه "انجاز وطني" شابه رفض إسرائيل الإفراج عن بعض الاسرى البارزين من فصائل منافسة أخرى وأبرزهم على سبيل المثال مروان البرغوثي من حركة فتح.
وتعهدت حماس مرارا بالسعي للإفراج عن البرغوثي في أي اتفاق للإفراج عن شليط الذي خطفه نشطاء فلسطينيون عام 2006. والآن من المقرر أن تفرج اسرائيل عن أكثر من ألف أسير فلسطيني مقابل شليط في الاتفاق الذي أعلن امس الثلاثاء.
وقال هاني المصري وهو معلق سياسي مقيم في رام الله بالضفة الغربية إن البرغوثي شخصية مهمة بالنسبة للحركة الوطنية وإن ما قامت به حماس يظل انتصارا لكنه ليس انتصارا كبيرا.
وقال خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس معلنا عن الاتفاق من مقر إقامته في دمشق إن الأسرى منهم اكثر من 300 ممن حكم عليهم بالسجن المؤبد في السجون الاسرائيلية. وهم أعضاء من كل الفصائل الفلسطينية.
لكنه لم يذكر أسماء أي منهم مما أثار تكهنات بأن البرغوثي وأحمد سعدات زعيم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين لم يشملهما الاتفاق. ووصف مشعل الاتفاق بأنه إنجاز وطني للفلسطينيين.
وقال مشعل إن هذه الصفقة "إنجاز وطني فلسطيني عام وتعكس وحدة الشعب.
وعلى الرغم من عدم إدراج البرغوثي وسعدات ضمن المفرج عنهم فإن هذا الاتفاق سيكون له صدى لدى الفلسطينيين الذين يعتبرون 6000 فلسطيني او اكثر في سجون اسرائيل ابطالا ومقاتلين من اجل الاستقلال.
ومن وجهة النظر المحلية فإن توقيت الصفقة مناسب جدا لحماس. إذ ان إضراب سجناء فلسطينيين عن الطعام يطالبون بإنهاء الحبس الانفرادي يتصدر عناوين الصحف في وسائل الإعلام الفلسطينية.
وتحول صفقة تبادل الأسرى الانتباه لحماس التي لم تنل نفس القدر من الاهتمام في الأسابيع القليلة الماضية بعد الحملة التي شنها عباس لإعلان دولة فلسطينية من خلال الأمم المتحدة في مواجهة معارضة أمريكية واسرائيلية شديدة.
وبدا انتقاد حماس لهذه الخطوة الدبلوماسية نشازا بعد التأييد الشعبي الذي بلغ أوجه بعد خطاب قوي ألقاه عباس في الجمعية العامة التابعة للأمم المتحدة في 23 سبتمبر أيلول.
وقال زكريا القاق وهو معلق سياسي فلسطيني إن حماس تثبت مرة أخرى ان لديها أوراقا ويمكن أن تخرجها في لمح البرق. وأضاف أنها تريد ان تحقق هدفا وأن تخدم مصداقيتها.
وبالنسبة للوقت الراهن لا تمثل استطلاعات الرأي اهمية تذكر سواء لفتح أو حماس فليس من المرجح ان تخوض أي منهما اختبارا انتخابيا قريبا بسبب الانقسام بين غزة والضفة الغربية. وما زال هذا الانقسام مستمرا على الرغم من الاتفاق الذي أعلن في مايو ايار والذي كان الهدف منه المصالحة.
لكن المصداقية مهمة لكلا الحركتين. ورفع عباس (76 عاما) -وهو من انصار محادثات السلام رغم توقفها منذ اكثر من عام- من أسهمه في الأشهر القليلة الماضية وأبدى تحديا اكبر لاسرائيل والولايات المتحدة.
وتمسك بموقفه القائم على عدم العودة إلى المحادثات مع اسرائيل بدون وقف كامل للبناء الاستيطاني في الضفة الغربية.
كما ان محاولته الحصول على عضوية الأمم المتحدة -رغم أنها محكوم عليها بالفشل بسبب ترجيح استخدام الولايات المتحدة لحق النقض (الفيتو)- نالت دعما كتغيير يلقى ترحيبا بعد نحو 20 عاما من المفاوضات.
وفي الوقت ذاته يقول منتقدو حماس إن الحركة تواجه أزمة مصداقية إذ تسعى للتوفيق بين التزامها تجاه الكفاح المسلح ضد اسرائيل ومسؤوليات حكم قطاع غزة الذي أصبحت تسيطر عليه منذ عام 2007 .
وأشاروا إلى تناقض بين أقوال حماس وأفعالها بينما تسعى لكبح جماح النشطاء الذين أثارت الهجمات الصاروخية التي يطلقونها على اسرائيل عمليات انتقامية.
وفي خطاب مشعل الذي عرضته شاشات التلفزيون تعهد بالسعي للإفراج عن المزيد من الأسرى قائلا إن حماس ستفي بوعدها غدا كما وفت بوعدها اليوم.
وقال طلال عوكل وهو معلق مقيم في غزة "أعاد هذا البريق إلى حماس."
وقال القاق إن الحركة التي قامت بها حماس تبعث رسالة وهي ان المفاوضات لا تجدي وأن المقاومة التي تتبناها هي ما يحقق نتائج.