مطانس فرح
قام المئات من سكّان حيفا، عكا، الجليل، الناصرة العليا، يافا، القدس، ومِنطقة مركَز البلاد، بالتوقيع على عريضة تحت عُنوان «نهاية للضجيج البيئيّ المزعج – إزعاج أذان المساجد»، تطالب بمنع تفعيل الأذان (أجهزة الإشعار العامّ) في مساجد البلاد؛ والّذين يعانون – حسَب ادّعائهم – بشكل يوميّ، بدءًا من ساعات الفجر، إزعاج الأذان الصادر عبر مكبّرات الصوت من داخل المساجد.
هذا وقد طالب الموقّعون على هذه العريضة، بسنّ قانون يمنع – بشكل واضح وقاطع – تفعيل الأذان في المساجد، وبمعاقبة كلّ من يخالف ذلك بالسجن!!
وقد أكّد الموقّعون على أنّهم يعانون الإزعاج منذ مدّة طويلة، وخصوصًا أولئك الّذين يسكنون على مقربة من المساجد؛ وقد تقدّموا بشكاوى عدّة إلى البلديّة، لكنّ البلديّة لم تحسم الأمر، لذا وجدوا من المناسب التوقيع على عريضة وتقديمها إلى الكنيست للتصديق عليها ولسنّ قانون يمنع الأذان عبر مكبّرات الصوت في المساجد!
ويُذكر أنّه كان قد ناقش المجلس البلديّ الحيفاويّ، في جلسته التي عُقدت يوم الثلاثاء، الثاني من شهر آب الجاري، اقتراحًا تقدّمت به نائبة رئيس البلديّة، يوليا شطرايم («حيفا بيتينو» – حيفا بيتنا)، مطالبةً بالتباحث في قضية «ضجيج» صوت الأذان وإزعاجه لسكان أحياء الحليصة و«ياد لَبَنيم» و«ناڤيه يوسِف»!
إذ كتبت شطرايم في اقتراحها: «يعاني سكان أحياء الحليصة و«ياد لَبَنيم» و«ناڤيه يوسِف» في حيفا ضجيج الأذان منذ مدّة طويلة، ما يُسبّب لهم الأرق، ويمنع عنهم النوم كما يجب! فهم يستيقظون في ساعات غير اعتياديّة على صوت الأذان»! مؤكّدة أنّ «ضجيج» الصلوات يبدأ في الثالثة صباحًا، ويوقظ السكان باكرًا. وقالت شطرايم في اقتراحها: «احتفالات أبناء الطائفة الإسلاميّة في المدينة، «تخرّب» وتعيق أسلوب حياة بقيّة سكّان الحيّ. هم «يغلقون» الشوارع، ويطلقون الألعاب الناريّة والمفرقعات، وهذا لا يُطاق»!!! وأضافت شطرايم في رسالتها: «لم يتغيّر الوضع.. وقد حان الوقت لتنظيم هذه المدينة»!!
وقد تنامى إلى مسمعي أنّ السكان كانوا قد توجّهوا مجدّدًا إلى بلديّة حيفا، مطالبين إيّاها بالتدخّل لوقف هذا الإزعاج، فوعدت الأخيرة (البلديّة) بالتوجّه إلى المسؤولين عن الجوامع (وخصوصًا جامع الحاجّ عبد اللّه في الحليصة)، لهدف محاولة الحدّ من قوّة «الضجيج»، بمعنى خفض صوت الأذان.
ومن المفترض أن يقوم المحتجّون، الموقّعون على العريضة، بتقديمها إلى أعضاء الكنيست، للتصديق عليها وتشريعها.
ردّ البلديّة
هذا وقد توجّهنا إلى بلديّة حيفا، للتأكّد من صحّة ما وصلَنا، فجاءنا الردّ الآتي، من الناطقة باسم رئيس بلديّة حيفا للوسط العربيّ، سامية عرموش:
«حضرة المحرّر، مطانس فرح – صحيفة «حيفا» المحليّة
الموضوع: تذمّر بعض السكّان من صوت الأذان.
وفقًا لتوجّهك بالسؤال حول مستجدّات قضيّة التوجّه بطلب لخفض صوت الأذان، أوافيك بأنّه تجري في هذه الأيّام اتصالات مع قادة الطائفة الإسلاميّة المحليّة، في محاولة لإيجاد حلّ لهذا الموضوع.
بلديّة حيفا غير مخوّلة التدخّل في هذا الموضوع، ولذا تمّت إحالة البتّ فيه إلى الجهات المعنيّة، لإيجاد حلّ لهذه القضيّة الحسّاسة.»
الشيخ قلق: «نحن ضدّ كلّ مَن يمنع حريّة العبادة والأديان»
وفي حديث لصحيفة «حيفا» مع الشيخ أسعد قلق (إمام وخطيب مسجد الاستقلال، ومأذون شرعيّ في مدينة حيفا) في خصوص العريضة الموقّعة، قال: «لقد سمعت عن هذه العريضة الموقّعة قبل مدّة وجيزة»! وأجاب في ردّ على سؤال حول الادّعاء أنّ الأذان في المساجد يشكّل إزعاجًا، قائلًا: «بدايةً، هذا ليس إزعاجًا على الإطلاق، فالأذان ركن أساسيّ من أركان الدين، ولا يُعتبر إزعاجًا، خصوصًا أنّ الأمر لا يستغرق إلاّ بضع دقائق (دقيقتين أو ثلاث دقائق) خمس مرّات في اليوم، فمن المفروض ألّا يشكّل ذلك مشكلة على الإطلاق». وأضاف: «إنّ هذه الطقوس موجودة في بقيّة الأديان، فلدى اليهود، مثلًا، نسمع أصوات الأبواق أيّام السبت، وخصوصًا في الحليصة؛ كما أنّنا نسمع أصوات أجراس الكنائس لدى المسيحيين. فيا أخي العزيز! هذه الطقوس هي ركن من أركان الدين لدى الطوائف المختلفة، فلا يُمكننا أن نسمّيها إزعاجًا».
واختتم الشيخ حديثه، قائلًا: «نحن ضدّ كلّ عريضة ستُقدّم بهذا الشأن، وضدّ كلّ مَن يمنع حريّة العبادة والأديان. وما يحدث هو استمرار لجزء من القوانين العنصريّة الأخيرة التي تُسنّ ضدّ المواطنين العرب في هذه الدولة، وليس ضدّ المسلمين فقط، مثل: الولاء للدولة، وإحياء ذكرى النكبة، والخدمة المدنيّة، وما إلى ذلك.. جميعها هدفها التضييق على العرب والفِلَسطينيّين في هذه الدولة».
الشيخ أبو الهيجاء: «..عقليّة عنصريّة بحتة»!
أمّا الشيخ رشاد أبو الهيجاء (إمام المسجد الصغير (الجرينة) ومأذون حيفا الشرعيّ) فقال لصحيفة «حيفا»: «بالتوقيع على مثل هذه العريضة، يحاولون منع كلمة «اللّه أكبر»، وهذا شيء مرفوض قطعًا. فالأذان ينادي ويدعو إلى الصلاة، لا إلى أشياء أخرى، وتوجّه من هذا النوع وأيّ طلب بمنع الأذان، ينمّ عن عقليّة عنصريّة بحتة، لأنّ الأذان لا يزعج، فعلًا، ولا يؤثّر على أحد، سلبًا». وأضاف: «إن دلّ ذلك على شيء، فإنّما يدلّ على عقليّة عنصريّة تحرّض على المجتمع العربيّ في البلاد، بدءًا بالتحريض على الأذان، لذا يجب أن نكون جميعًا موحّدين، فهي حملة تحريضيّة ضدّ العرب»!
الشيخ أبو قمير: «يدلّ على تراجع الديمقراطيّة
في دولة إسرائيل»
وفي حديث هاتفيّ مع الشيخ فؤاد أبو قمير، ممثل الحركة الإسلاميّة في حيفا، حول العريضة التي وقّع عليها المئات، والّتي تُطالب بمنع الأذان، قال: «بدايةً، لم أسمع عن هذه العريضة من قبل. ولكن إن كان هناك عريضة، فعلًا، تطالب بمنع الأذان في الجوامع، فهذا يدلّ على تراجع الديمقراطيّة في دولة إسرائيل. وهذه سياسة لتضييق الخناق على حريّة ممارسة الشرائع الدينيّة. وأنا أدعو إلى حريّة العبادة والصلاة، وأوُكّد على حقّ كلّ إنسان في ممارسة طقوسه وشرائعه الدينيّة بحريّة مطلقة!»
(تصوير: وائل عوض)