شاهين نصّار
شارك مساء أمس السبت أكثر من 30 ألف متظاهر ومتظاهرة حيفاويين وحيفاويات، عربا ويهودا، عشية أمس السبت في المسيرة الكبرى التي نظمتها الخيم الحيفاوية أجمع، والتي إنطلقت من ميدان "مئيرهوف" في كريات اليعزر، وصولا الى جادة الكرمل (بن غوريون) حيث عقدت منصة إحتجاجية على غلاء المعيشة..
وقد رفع المتظاهرون شعارات كتب عليها بالعربية والعبرية: "الشعب يريد إسقاط الغلاء" و "لست لفايف ولكني أريد العيش بكرامة" و "دولة رفاه اجتماعي" و "يهود وعرب نرفض أن نكون أعداءا" و "عندما تكون الحكومة ضد الشعب، الشعب ضد الحكومة" و "الشعب قرر عدالة إجتماعية" و "الله يرحم الأولاد… والحكومة؟" و "الشعبان يريدان عدالة إجتماعية" و "فليدفع الميليونيريون على أزمتهم" و "ايقاف الخصخصة" و "راتب مساو للشبيبة العرب" و "كفى لاستغلال الطبقة العاملة" و "كفى لهدم البيوت" و "جميعنا غير مرغوبين" وغيرها من الشعارات الهادفة.
وقد هتف المتظاهرون باللغتين العربية والعبرية: "الشعب يريد إسقاط الغلاء" و "الشعب يريد إسقاط الاستيطان" و "يا جماهير انضموا الينا الروضات غالية علينا" و "يا جماهير انضموا الينا الكهرباء غالية علينا" و "حكومة بلا إحساس خرّبت بيوت الناس" و "يا بيبي يا جبان ضب كلاب الاستيطان" و "بدنا نحكي ع المكشوف خصخصة ما بدنا نشوف" و "يا بيبي يا مأفون يا محكوم للتايكون" و "بدنا عمل للعمال بدنا خبز للأطفال" و "بدنا مصاري للروضات مش للجيش والطيارات" و "يا بيبي يا جبان تارك شعبك جوعان" و "بدنا نحكي ع المكشوف مستوطن ما بدنا نشوف" و "تحية حيفاوية للثورات العربية"، وغيرها من الهتافات الهادفة!!
من جهته قال سكرتير الجبهة أيمن عودة، والذي شارك في المسيرة والمظاهرة الكبرى: "أستطيع أن أقول أن العلامة الفارقة في هذه المظاهرة الجبّارة هي أنها المظاهرة الأكثر تسييسا، وذلك لأنها تربط بين القضايا الاجتماعية وبين الاحتلال، والاستيطان والعسكرة، فهنا الشعارات تقول ضعوا الأموال بدلا من الاستيطان في القضايا الاجتماعية في قضايا المساكن وفي قضايا التعليم. كما أن هذه المظاهرة هي الأكثر مشتركة بين اليهود والعرب، فهذه مدينة حيفا التي يجتمع بها اليهود والعرب معا من أجل القضايا الاجتماعية وهذه علامة فارقة. برأيي هذه المظاهرة ستشكل مرحلة فارقة نحو تسييس المظاهرات ونحو وضع الإصبع على الجرح الحقيقي، أن الأموال التي لا تذهب للقضايا الاجتماعية تذهب نحو الاستيطان والاحتلال".
وأضاف في رد على سؤال: "الجماهير العربية لم تشارك في السابق لأن الشعار الأساسي الذي رفع هو أسعار البيوت، وهذا الشعار قد لا يعني الجماهير العربية، لأن العربي يبني بيته فوق سطح والده أو على أرضه ما عدا المدن المختلطة، حيفا، يافا، اللد والرمة وعكا، ولكن بعد أن تحوّلت المظاهرات للقضايا الاجتماعية كافة فهي تهم كل الجمهور عربا ويهودا، يجب ألا ننسى أن 66% من الأطفال الفقراء في اسرائيل هم من العرب، وأن أول 30 بلد منكوب بالبطاقة هي بلاد عربية، لذلك العرب معنيون بهذا النضال الاجتماعي ومن أجل احراز انجازات في هذا المجال يجب أن ينضم العرب للنضال"!
وأضاف: "ولكن عندما نتحدث عن القضايا العامة يجب ألا ننسى خصوصية الجمهور العربي، يجب أن لا ننسى الخرائط الهيكلية، يجب ألا ننسى الاعتراف بالقرى غير المعترف بها. اذا كان الجمهور اليهودي يتحدث عن سعر البيوت، نحن نتحدث عن قرى كاملة لا تصلها الكهرباء والمياه، ولذلك يجب أن نطرح مواقفنا بقوة في هذه المظاهرات والا نجلس في البيوت"!
أما عضو البلدية هشام عبده فقال: "أنا فخور بهذه المسيرة الثورية العظيمة، لم نشهد في الماضي مسيرة كبيرة كهذه في حيفا، نحيي اللشباب العرب الذين قاموا بهذه الخطوة من خيمة وادي النسناس، ونتضامن مع كل الاخوان اليهود الذين يدعمون نضالنا ضد الاستيطان وتحويل الأموال للأحياء وليس للمستوطنات. حي وادي النسناس لا يمنحون فيه القروض ونحن مع إعطاء القروض، ولدينا جلسة يوم الخميس مع رئيس البلدية بخصوص هذه القضية"!
بينما قال ميشيل يعقوب، أحد القائمين على خيمة وادي النسناس في حيفا: "من المهم أن نكون هنا ونشارك وأن نطرح موقفنا والقضايا التي تقض مضاجعنا، لأن المعيشة هي أهم شيء للناس، ولذلك تخرج الناس وتشارك في المظاهرة. فاليوم المستقبل غير مضمون لأي عائلة، ولذلك الشعب خرج الى الشارع، وهذا أكبر إثبات لأن خيمة وادي النسناس هي ناجحة ولذلك أقمناها أصلا"!
وعلى المنصة التي شهدت وجودا عربيا ملحوظا، تحدث كل من محمد حجيرات ممثلا لخيمة الهدار، الذي تحدث عن ضائقته الشخصية مطالبا الحكومة بحلول. في حين منحت كارين برانت – ممثلة خيمة كريات اليعزر، رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو فرصة إضافية ليجد الحلول المناسبة للمعتصمين وحل لكل القضايا الاجتماعية. في حين شدد يوسي باروخ ممثل خيمة الأوديتوريوم في الكرمل على أنه يجب ضمان التعليم للجميع من جيل صفر وحتى الدكتوراة، مطالبا بالعدالة الاجتماعية بحق وحقيقة!
أما الزميل رجا زعاترة – ممثل خيمة وادي النسناس فشدد في كلمته: “أه
لا وسهلا بكم في حيفا الحمراء"! وبعث تحية خاصة للخيم التي أقيمت في الناصرة، أم الفحم، سخنين، حرفيش، قلنسوة، مجد الكروم، العراقيب، جلجولية، عرابة، يركا، باقة الغربية، يافا واللد..
وقال: “صحيح أن الألم هو مختلف، في غالب الأحيان أصعب. في وادي النسناس لا نأكل الكوتيج، نفضّل اللبنة، ولكن أيضا الخبز ارتفع ثمنه، التعليم يكلّف غاليا، وللشباب لا يوجد أين يسكنون! في مجد الكروم، على سبيل المثال، يكتظ 15 ألف شخص على 1400 دونما، مساحة نفوذ القرية لم يتغيّر منذ العام 1991، ويمنع المواطنون من البناء على أراضٍ ورثوها من أهاليهم وأجدادهم"!
وأكد زعاترة: “من السهل للحكومة وأصحاب رؤوس الأموال تقسيمنا بشكل عامودي: يهود مقابل العرب، شرقيين مقابل غربيين، متدينين مقابل علمانيين.. ولكن ماذا نعمل.. هذه الامسية تقترح تقسيما بديلا، وتضع تقسيم آخر، تقسيم أفقي، بين المستغّلين والمستغَلين، بين نفس المجموعة التي لها مصلحة للحفاظ على الوضع القائم، سلطة رأس المال، وبين الأكثرية، الأكثرية التي تكسر اليوم حاجز الصمت، التي تملك مصلحة لتغيير الطريقة، تغيير الاستغلال والسرقة، والوضع الذي يكبر فيه التايكونات أكثر ونحن ننتقص! طريقة السوق الحرة التي تكبر والتي نصبح فيها أكثر عبيد!! ونحن لسنا لوحدنا: رأس المال في مصر، وفي اسبانيا، وأيضا في الولايات المتحدة تُسمع أصواتا أخرى"!
وشدد زعاترة في كلمته: “نحن نقول أنه حان الوقت لنتحدث عن السلام والعدل معا! لأنه اليوم أكثر مما مضى، واضح للجميع، أنه بهدف ايقاف الحديث عن العدل، قد تخرج هذه الحكومة الى حرب جديدة. لأن الحرب وكما في الحرب، تُضب الخيم وفقط أصوات المدافع تُسمع! إن كانت حرب ام لا، سنناضل معًا، عربًا ويهودَ، من أجل العدالة الاجتماعية، من أجل السلام، من أجل المساواة، ومن أجل مستقبل أفضل لأبناء الشعبين”.
هذا وصعد المنصة أيضا الكاتب سامي ميخائيل الذي أكد في كلمته على أهمية هذه الوقفة الاحتجاجية التي تجمع اليهود والعرب بحق وحقيقة، وحجم هذه المظاهرة الكبرى، مشيرا الى أهمية المطالب الاجتماعية العادلة التي يطالب فيها المتظاهرون! كما تحدثت نعاما لازيمي نيابة عن نقابة الطلاب في جامعة حيفا، في حين تحدثت العاملة الاجتماعية سهير دقسة – حلبي عن نضال العاملين الاجتماعيين العادل. في حين تحدث جاي بيدا من الكلية الاقتصادية الاجتماعية عن النضال الطبقي.
أما الجانب الفني فقد شمل عدد من الفنانين العرب واليهود، بينهم فرقة "مونيكا سكس"، حيمي رودنير، دانيئيل سلومون، والفنان العربي إياد طنّوس الذي قدّم أغنيتين باللغة العربية!
وقد بعث الشاعر سميح القاسم تحية للمتظاهرين، بعد أن تعذّر حضوره للمظاهرة لأسباب صحية، قال فيها: “دائما آمنت بأنه بالإمكان بلبلة عامة الشعب، ولكني أيضا آمنت أن الشعب سيستفيق ويفرّق بين الحسن والسوء، بين العدالة والظلم، وفي نهاية الأمر سيتخذ موقفا صحيحا، لأن هذا أسلوب التاريخ. الشعوب لا تخطئ، الشعوب تُزاح من طريق الحقيقة للحظات معيّنة، ولكن في نهاية الأمر العقل القويم والحس الصحيّ سيقودون الشعب للطريق الصحيح. كلي تشجيع وتضامن مع النضال الاجتماعي في اسرائيل، من الكوتيج الى الشقة والى الكوتيج… للمواطنين المرهقين من مصاصي الدماء وحيوانات الرأس مالية الخنازي، لا حل الا النضال العنيد والمتواصل لأجل العدالة الاجتماعية. ويجب أن نفهم ان العدالة الاجتماعية متعلقة بترجمتها مع العدالة السياسية والمدنية، لذلك مع كل التبريكات والتهاني القلبية لهذا النضال الطاهر والجميل، أطلب أن أشدد أن النضال للعدالة الاجتماعية يجب أن يكون نضالا للسلام العادل! والنضال الفائز والناجح يجب أن يكون أمميا، يهوديا عربيا، على أمل أن يحظى أولادنا بحياة أفضل منا. أحبكم جميعا – سميح القاسم"!