تقرير مطانس فرح
تصوير وائل عوض
قد تسير الأمور ببطء أحيانًا، وقد تتأخّر الإجراءات والمعاملات المكتبيّة (البيروقراطيّة)، أحيانًا أخرى، ولكن أن تتلقّى وعدًا من بلديّة حيفا، منذ أكثر من عقد (عشر سنوات) مضى، ويبقى الوعد وعدًا، فهذا ما لا يمكن أن يستوعبه العقل البشريّ!
توقّفت عقارب الساعة
نعم، فهذه القضيّة تعود إلى ما قبل أزيَد من عشر سنوات، عندما وعدت بلديّة حيفا سكان شارع «ليڤونتين» بإيجاد حلول لمشاكل يعانيها سكان الشارع. ولكن – على ما يبدو – توقّفت عقارب الساعة عن العمل في البلديّة، ولم يدرِ المسؤولون في البلديّة أنّه قد مرّ أكثر من اثنتَي عشْرة سنة على وعدهم هذا!!
مجدّدًا، تتعثّر الأمور فَجأة، يصعب إيجاد الحلول، تُطلق الوعود في الهواء، والكثير الكثير منها لا ينفّذ، ليبقى مجرّد مشروع أو وعد أو ورقة موجودة في أسفل الأدراج المكتبيّة، أو مجرّد واحد من الملفّات المُهملَة في أحد حواسيب البلديّة! يحدث ذلك كلّما دار الحديث عن مشكلة تخصّ الوسط العربيّ الحيفاويّ أو شارعًا أو حيًّا يقطنه عربيّ في هذه المدينة المختلِطة (مدينة التعايش)!!
«لم يستطع أحد مساعدتنا.. فهل يمكنك أنت عمل شيء بهذا الخصوص؟!»
«وأخيرًا هناك مَن لا ينسى سكّان شارع «ليڤونتين»، كما نسيتهم أو تناستهم البلديّة» – هذا ما قاله عزيز أبو عزيزة (أبو خليل)، أحد سكّان شارع «ليڤونتين» وأحد الناشطين الاجتماعيّين في الشارع، عندما هاتفته بخصوص شارع «ليڤونتين». وأضاف، سائلًا: «لم يستطِع أحد مساعدتنا بخصوص المشكلة التي نعانيها في الحيّ منذ أكثر من عشر سنوات، فهل يمكنك أنت عمل شيء بهذا الخصوص؟!». أجبته: «بكلّ تواضع، سأحاول طرح الموضوع عبر صحيفة «حيفا»، ومتابعة الموضوع مع البلديّة لعلّا وعسى».
فاستهلّ حديثه، قائلًا: «لقد قدّمنا، نحن – سكّان شارع «ليڤونتين» – طلبًا إلى بلديّة حيفا، منذ أكثر من اثنتَي عشْرة سنة مضت، لمدّ مطبّات في شارع «ليڤونتين» لتخفيف السرعة؛ حيث نشكو من هذه المشكلة الملحّة منذ سنوات طويلة. فقد دُهست ابنة أختي في هذا الشارع، وتضرّرت مركبتي بالكامل – «أنزِلت عن الشّارع» – («توتال لوس»)، من جرّاء قيادة طائشة لشباب متهوّرين يمرّون بسيّاراتهم في هذا الشارع وكأنهم في «رالي» سباق سيّارات، بعد أن يكونوا قد ملأوا خزّانات مركباتهم بالوقود، من محطة الوقود في مقدّمة الشارع؛ فهم لا يأبهون لكون الشارع ضيّقًا ولا يكترثون بالسيّارات الراكنة على جانبيه، هذا عدا عدم اكتراثهم بوجود الأطفال والأولاد الّذين يلعبون في هذا الشارع الضيّق، لأنّه ينقصهم هم الآخرون أماكن لعب وحدائق ملائمة في هذا الشارع!!».
«حياة الأطفال في هذا الشارع في خطر!»
وأضاف أبو عزيزة: «لا تستطيع أن توجّه – ولو كلمة واحدة – إلى أصحاب المركبات المتهوّرين، أو لفت انتباههم إلى السرعة الفائقة التي يقودون بها مركباتهم، بأشكالها وأحجامها وأنواعها المختلفة!! فبكلّ وقاحة ينزل الشابّ منهم من مركبته لمقاتلتك أو لشتمك». واستطرد قائلًا: «لا يُمكن أن يستمرّ الوضع على ما هو عليه؛ فنحن يوميًّا نعاني المشاكل ذاتها، وحياة الأطفال في هذا الشارع في خطر، وخصوصًا في فترة العطلة المدرسيّة؛ إذ يلعبون في الشارع ليل نهار. هذا إضافةً إلى أنّنا نصحو بشكل شبه يوميّ لنجد أنّ مركباتنا قد تضرّرت من جرّاء اصطدام إحدى المركبات المسرعة بها. فتجد إحدى المرايا الجانبيّة للمركبة قد كُسرت، أو أنّ جانب المركبة قد قُشط أو ضُرب، وما إلى ذلك!».
«وعد إبليس بالجنّة»!
وأكّد أبو عزيزة أنّه – وقبل أكثر من عشرة أعوام – قدّم طلبًا موقّعًا من غالبيّة سكّان الحيّ، إلى بلديّة حيفا، مطالبين إيّاها بمدّ مطبّات إبطاء في الشارع لتخفيف السرعة، وقد جاءهم الردّ في العاشر من تشرين الأوّل (أكتوبر) من عام 1999، بأنّ البلديّة ستقوم خلال السنة القادمة – الحديث يدور عن ردّ جاءهم قبل أكثر من اثني عشر عامًا – بدراسة الموضوع، وأنّه من المحبّذ مدّ مطبّات إبطاء في شارع «ليڤونتين»، وسيتّم ذلك خلال أعمال الترميم في السنة القريبة! (هل مضت سنة منذ اثنتي عشرة سنة؟ م.ف.) وقال أبو عزيزة: «لقد جاءَتنا الوعود حينها من البلديّة من إيتاي چلبواع، مدير قسم شكاوى الجمهور، في حينه، وغادر چلبواع البلديّة، ووعوده جميعًا كانت كوعد إبليس بالجنّة».
«شيء مثير للغضب»!
وواصل أبو عزيزة حديثه، قائلًا: «نحن نتابع الموضوع، ومؤخّرًا، وفي نهاية شهر أيّار المنصرم تحديدًا، قدّمنا مكتوبًا إلى بلديّة حيفا، للتذكير بالوعود، فجاءَنا الردّ في بداية شهر حَزِيران الأخير، رافضًا طلب مدّ المطبّات!!». وقد عقّبت روتي زوسمان، مديرة قسم شكاوى الجمهور، بأنّ البلديّة لم تعد تتّبع سياسة مدّ مطبّات الإبطاء، وبأنّه – وللأسف – ليست هناك أيّة وسيلة أخرى ملائمة للحيلولة دون تخفيف السرعة في هذا الشارع!!
لا يمكنني أن أمرّ مرّ الكرام على هذا الردّ الهزيل والبائس!! فبهذا الردّ تحاول البلديّة التملّص من واجبها، طالما يدور الحديث عن شارع يقطنه العرب!! فلِمَ لا يمكن إيجاد حلولٍ أخرى مناسبة، فعلًا؟! هل حياة الأطفال العرب رخيصة في مدينة «التعايش» حيفا؟! وكيف يمكن لبلديّة حيفا أن توافق وتوقّع بيدها اليمنى على عمل معيّن، وتأتي بعد أكثر من عقد وترفضه وتوقّع عليه بيدها اليسرى؟!! تصّرف غريب وسياسة أغرب!!
وأضاف أبو عزيزة غاضبًا: «لماذا تمّ مدّ مطبّات في شوارع أخرى في المدينة خلال كلّ هذه المدّة التي مرّت، ولم يتمّ مدّها في شارع «ليڤونتين».. فهل تذكّروا فَجأة أنّهم لا يمدّون مطبّات بعد اليوم؟!». واستطرد: «شيء مثير للغضب فعلًا، فدخول الشباب الشارع مسرعين بمركباتهم، من دون وجود مطبّات أو إشارات مرور تحذيريّة ملائمة أو إشارات ضوئيّة، يشكّل خطرًا فعليًّا على حياة أطفالنا الذين يلعبون في الشارع. ولكن لا حياة لمن تنادي. والشباب – كما ذكرت، آنفًا – لا يمكنك الحديث معهم».
«عندما يريدون صوتك يركضون وراءَك.. وعندما يصلون عليك أنت الركض وراءهم»!
وأكّد أبو عزيزة أنّ جميع التوجّهات إلى أعضاء البلديّة العرب (من «الجبهة» و«التجمّع»)، على مدار السنين، لم تُجدِ كذلك نفعًا، و«قد حصلنا منهم على وعود، فقط، لا تختلف كثيرًا عن وعود البلديّة الوهميّة» – هكذا يقول. ويضحك أبو عزيزة، قائلًا: «عندما يريدون صوتك في انتخابات البلديّة يركضون وراءك ويعِدون ويتوعّدون، وعندما يصلون البلديّة عليك أنت الركض وراءهم ووراء وعودهم»!
واختتم أبو عزيزة حديثه، قائلًا: «الشارع يشكو كذلك من مشاكل عدّة، فلا يوجد هناك ممرّ للمشاة بشكل واضح، كما أنّه يفتقر إلى الصيانة الملائمة، ولكن المطلب الملحّ هو إيجاد حلول لمشكلة سرعة المركبات المارّة في هذا الشارع».
«شارع ضيّق.. مليء بالسيّارات والأطفال»
أمّا عطا اللّه نصّار (أبو رائد)، أحد سكّان شارع «ليڤونتين»، فأكّد بدوره على كلام أبي عزيزة، قائلًا: «طالبنا البلديّة مرّات عّدة بمدّ مطبّات إبطاء في الشارع، ولكن لا حياة لمن تنادي. منذ أكثر من اثني عشَر عامًا، أرسلنا طلبًا إلى بلديّة حيفا، ووافقت البلدية – في حينه – على مدّ المطبّات، ومؤخّرًا، تلقينا ردًّا برفض الطلب»!
وأضاف: «إنّنا – بكلّ صراحة – نعاني مشكلة كبيرة في هذا الشارع. فهذا الشارع ضيّق جدًّا ومليء بالسيارات والأطفال، وعدد كبير من السائقين الذين يتزوّدون بالوقود في محطة الوقود في شارع «شبتاي ليڤي» – «ليڤونتين»، يمرّون بالشارع بسرعة هائلة، ومن جرّاء قيادتهم هذه يرتطمون بالسيّارات الراكنة على طرفي الشارع. ذلك، عدا الخطر الذي يشكّلونه على حياة الأطفال الّذين يلعبون في الشارع».
وأنهى نصّار حديثه، قائلًا: «هذه خطوة مباركة – إعلاء الموضوع من جديد، وخصوصًا عبر صحيفتكم، أشدّ على أيدي الجميع ونأمل أن تحرّك هذه المبادرة ولو شيئًا»!
«الطلب الملحّ هو مدّ المطبّات أو إيجاد أيّ حلّ مناسب لتخفيف سرعة المركبات»
وفي حديث مع رياض عبد الرحمن (أبو محمّد)، بهذا الخصوص، قال: «أشكر اللّه على أنّ هناك من يهتمّ بالآخرين في أيّامنا هذه». «هذا هو واجبنا في الصحيفة، عرض شكاوى السكّان ومحاولة إيجاد الحلول أو المساعدة قدر المستطاع» – أجبته. فقال، بإلحاح: «نعاني مشاكل عدّة، نحن – سكّان شارع «ليڤونتين»، ولكنّ المشكلة الملحّة والطارئة، والّتي من المفترض إيجاد حلّ سريع لها، هي دخول المركبات بسرعة فائقة، وبشكل جنونيّ إلى الشارع، ما يشكّل خطرًا على حياة الأطفال. وعندما تطلب من هؤلاء الشباب السائقين تهدئة السرعة، لوجود الأطفال في الشارع، يهاجمونك ويتطاولون عليك!».
وأضاف أبو محمّد: «كما ذكرت لك، فالمطلب الملحّ هو مدّ المطبّات أو أيّ حلّ مناسب لتخفيف سرعة المركبات؛ ولكنّ، أيضًا، تنقص في الشارع ممرّات المشاة، وأماكن ملائمة أو مرافق ألعاب مناسبة للأطفال. ومؤخّرًا، تكثر الكلاب الشاردة في الشارع، وخصوصًا في نهاية الأسبوع. فقبل أسبوع تقريبًا، هجم أحد الكلاب الشاردة على ابني وعضّه من صدره، ممّا اضطَره إلى تلقّي العلاج في المستشفى، وقطب مكان العضّة! وقد توجّهنا إلى بلديّة حيفا بهذا الخصوص، وإلى مكتب وزارة الصحّة، وما زلنا ننتظر حلولًا أيضًا، إلّا أنّ هذه المشكلة – باعتقادي – تقلّ أهميّة عن مشكلة السرعة الملحّة».
واختتم حديثه، قائلًا: «على أمل أن يكون لهذا الخبر صدًى، فعلًا. فقد مللنا الوعود الكاذبة من البلديّة، لربّما تهتمّ البلديّة بمشاريعها الكبرى، وتؤجّل المشاريع الصغرى، لكن يجب ألّا تنسانا بتاتًا.. ولربّما بعدما يتصدّر هذا الخبر الصحيفة، ستتذكّرنا البلديّة».
«إلى متى يجب أن ننتظر إلى أن نفقد طفلًا أو طفلة في هذا الشارع؟!»
وقد جاءَني أحد سكّان الشارع (رفض أن أذكر اسمه – الاسم محفوظ في ملفّ التحرير) قائلًا: «نعم، البلديّة تعِد ولا تفي بوعودها. تقرّر شيئًا وتفعل شيئًا آخر. القضيّة سياسيّة بحتة. فلو كان هذا الشارع في حيّ يهوديّ لكان التعامل مغايرًا، ولما كانت هذه المشكلة قائمة، أساسًا. إلى متى يجب أن ننتظر؟ إلى أن نفقد طفلًا أو طفلة في هذا الشارع؟! أقسم لك بأنّني قبل يومين ماضيين أمسكت بطفلٍ حاول أن يعبر الشارع، لدى مرور سيّارة بسرعة رهيبة، ولولا إمساكي به في الوقت المناسب ومنعه من عبور الشارع، لكانت قد دهسته هذه السيارة. كفى استهتارًا بسكان الشارع، ومن واجب البلديّة إيجاد الحلول، فورًا وسريعًا».
ونذكر أنّ الناشط الاجتماعيّ، عبّاس زين الدين (أبو عصام) قام بمتابعة الموضوع منذ مدّة مضت، ولم يتلقَّ من البلديّة إلّا المماطلات الوعود، كعادتها في أحيان عديدة!!
تعقيب البلديّة
هذا وقد توجّهت إلى الناطقة باسم رئيس بلديّة حيفا للوسط العربيّ، سامية عرموش، مطالبًا بتفسير لكلّ ما جاء في هذا التقرير، فجاءنا الردّ التّالي:
«حضرة الزميل مطانس فرح،
محرّر صحيفة «حيفا» المحلّيّة
الموضوع: تثبيت «مطبّات صناعيّة» لتخفيف السرعة في شارع «ليڤونتين».
وفقًا لتوجّهك إلينا بالسؤال حول تثبيت مطبّات لتخفيف السرعة في شارع «ليڤونتين»، أوافيك بما يلي:
تتّسم سياسة البلديّة ووزارة المواصلات منذ عشر سنوات بعدم تثبيت مطبّات صناعيّة لتخفيف السرعة، وذلك لما فيها من مضارّ وإزعاجات قد تنتهي بحوادث طرق في بعض الأحيان.
وفي المقابل تتّخذ البلديّة إجراءات أخرى لتقييد السرعة؛ كبناء الميادين (الدَّوّارات)، تضييق الطرقات، مدّ «فواصل» في الطرقات، وتدابير مماثلة أخرى للحدّ من السرعة.
جدير بالذكر أنّه قد تمّ في السابق قياس متوسّط السرعة في شارع «ليڤونتين»، حيث وصل إلى 35 ميلاً في الساعة (نحو 56 كيلومترًا في الساعة)، وبالتالي لا يحقّ تثبيت مطبّات صناعيّة.
جدير بالذكر، أيضًا، أنّه تمّ نصب لافتة في مدخل الشارع عام 2007 تشير إلى ضرورة تخفيف السرعة – «تمهّل! أولاد في الطريق».
على أيّة حال، لا يجري، اليوم، تثبيت مطبّات في الطرقات، كجزء من سياسة البلديّة كما أسلفت، ما عدا ما كان منها بمحاذاة المدارس الابتدائيّة».