مطانس فرح
«اللّه ستر، كان من الممكن أن ينتهي الأمر بشكل أسوأ بكثير» – بهذه الجملة استهلّ يوسف صالح (أبو رامٍ (أبو رامي) – 61 عامًا) – القاطن في شارع الموصل في حيفا – حديثه. وأضاف: «لقد عانيت لأكثر من عشرة أيّام من آلام حادّة في البطن، دَوْخة، تقيّؤ، وإسهال شديد؛ ولو لم يتحسّن وضعي في الأيّام الأخيرة، لكان من المفترض أن أدخل المستشفى لأحصل على علاج أشمل وأنجع، إلّا أنّ العلاج الذي حصلت عليه من طبيب العائلة، والذي شمل الدواء والحقن أنقذ الموقف»!
وتعود القصة إلى أزيدَ من أسبوعين، حين قام صالح باقتناء 6 رزم من مُنتَجات «طيرات تسڤي»، كما يفعل دومًا – من أحد المحالّ التجاريّة الغذائيّة «ميني ماركت» (اسم الـ«ميني ماركت» واسم صاحبه محفوظان في ملفّ التحرير) – 3 رزم كباب، و3 رزم «همبورچر»، وبعض المُنتَجات الغذائيّة الإضافيّة.
واستطرد يوسف صالح حديثه، قائلًا: «عُدت كعادتي إلى المنزل، بعد اقتنائي المُنتَجات الغذائيّة اللّازمة. وقمت، لاحقًا، بتحضير وجبة من الكباب والـ«همبورچر» من دون أن أفحص، أصلًا، تاريخ انتهاء الصلاحيّة الذي من المفترض أن يكون مطبوعًا على الرزمة، لأنّي معتاد على اقتناء مثل هذه الرزم من الـ«ميني ماركت» ذاته».
وأضاف: «وبعد تناولي الوجبة، شعرت بمغص شديد، اشتدّ بعد دقائق ليتحوّل إلى آلام حادّة في البطن، وبعد مُضِيّ ساعات قليلة شعرت بدَوْخة، وازدادت آلام البطن وأصابتني نوبات من التقيّؤ والإسهال.. حينها ساورتني الشكوك في أنّ وجبة لحوم «طيرات تسڤي» قد تكون غير صالحة (فاسدة) وأنّ تاريخ انتهاء صلاحيّتها قد ولّى».
صَمَت للحظات، يستذكر ما مرّ عليه، ثمّ قال: «قمت، فورًا، لأفحص تاريخ انتهاء الصلاحيّة المختوم على رزم «طيرات تسڤي»، فلم أجد – لمفاجأتي – أيّ تاريخ على هذه الرزم». صَمَت مجدّدًا، ثمّ قال مؤكّدًا: «نعم. لم يكن هناك أيّ تاريخ يُذكر على هذه الرزم. فحصت الأمر مرّتين وأكثر، فلم أجد التاريخ الذي من المفترض أن يكون على أيّ مُنتَج غذائيّ مصنّع، ليحدّد صلاحيّة الاستعمال».
وأشار صالح إلى أنّه من جرّاء تناوله مُنتَجات «طيرات تسڤي» – حسَب ادّعائه – أصابه تلبّك أمعاء وتسمّم في المعدة، ولزم الفراش متألّمًا قُرابة عشرة أيّام، ويؤكّد لنا ذلك من خلال الوثائق الطبيّة.. واستمر يحدّثني عمّا مرّ عليه، قائلًا: «قمت بالاتّصال بقسم خدمة الزبائن («كِشْري لَكُوحوت») التابع إلى شركة «طيرات تسڤي» شارحًا لهم ما حدث معي بالتفصيل، بدءًا من الـ«ميني ماركت» الذي اقتنيت منه الرزم وانتهاءً بما ألمّ بي».
وأكمل أبو رامٍ حديثه، مؤكّدًا أنّ شركة «طيرات تسڤي» أرسلت مندوبًا عنها إلى منزله وقامت بأخذ رزمتين من المُنتَج لفحصهما، للتأكّد، أوّلًا، من صلاحيتهما، ولفحص قضيّة عدم وجود تاريخ محدّد مختوم عليهما. وبالمقابل، اقترحت الشركة تعويض أبي رامٍ بستّ رزم بدل الرزم الستّ التي اقتناها.
وأكدوا في الشركة – حسَب ادّعاء صالح – أنّه من المستحيل أن لا تقوم الشركة بطباعة تاريخ الصلاحيّة على أيٍّ من مُنتَجاتها، وألقت باللّوم على صاحب الـ«ميني ماركت»، الذي يتسلّم مُنتَجات «طيرات تسڤي» عن طريق وكيل – وليس بشكل مباشَر – وبأسعار أقلّ من الأسعار الّتي تعرضها الشركة، وتسلّمه، خصوصًا، مُنتَجات تاريخ انتهاء صلاحيّتها على وشك الانتهاء. وأشاروا إلى أنّه قد يكون صاحب الـ«ميني ماركت» قد قام بمحو تاريخ انتهاء الصلاحيّة عن الرزم لتضليل الزبائن!!
وأكّد صالح أنّه قام بالاتّصال بصاحب الـ«ميني ماركت»، شارحًا له ادّعاء الشركة، إلّا أنّ الأخير أكّد من جهته أنّه لم يمحُ أيّ تاريخ كان، وقد تسلّم هذه الرزم من الوكيل كما هي!
هذا وأكّد أبو رامٍ أنّ الموضوع لم ينتهِ عند هذا الحدّ، حيث سيوكّل محاميًا لمتابعة القضية، لفحص الموضوع من الناحية القانونيّة، لمقاضاة شركة «طيرات تسڤي»، والحصول على تعويض ملائم.
واختتم يوسف صالح حديثه قائلًا: «أوّد الإشارة إلى أنّه – على ما يبدو – كان هناك مخزون فائض لدى شركة «طيرات تسڤي»، وأرادت التخلّص منه، فباعته إلى وكلاء، وهؤلاء بدورهم باعوه إلى أصحاب المحالّ الغذائيّة العرب، بأسعار مغرية. هناك العديد من الشركات الكبرى التي تقوم بالتخلّص من مخزون كبير يكون لديها من مُنتَجاتها الغذائيّة قبل انتهاء تاريخ صلاحيّتها بمدّة وجيزة، فتبيعه للعرب، وخصوصًا للقرى والمدن العربيّة!».
تعقيب شركة «طيرات تسڤي»
هذا وقد توجّهت مرارًا، وعلى مدار أكثر من أسبوع، إلى شركة «طيرات تسڤي»، للحصول على تعقيبهم على ما حدث، فجاءَنا، أخيرًا، الردّ التالي من أوريت أراد، مسؤولة الإعلام:
«يتّضح من الفحص الذي أجريناه، أنّ تاريخ انتهاء الصلاحيّة تمّ محوه ظلمًا. وبالإضافة إلى ذلك، نحن لا نملك أيّ توثيق على توزيع مُنتَجاتنا في الحانوت التي يذكرها.
«يجب أن ينتبه المستهلكون إلى تاريخ انتهاء الصلاحيّة المختوم على العلبة، والتصرّف بموجب التوصيات. ومع ذلك، وكخطوة غير ملزمة قانونيًّا، اقترحنا تعويض الزبون بمُنتَجات أخرى بديلة، لكنه يرفض قبولها!».
ونحن من جهتنا في صحيفة «حيفا»، ندعو المستهلكين إلى التأكّد من صلاحيّة أيّ مُنتَج غذائيّ قبل استخدامه، وذلك بفحص تاريخ انتهاء صلاحيّته؛ كما التأكّد من أنّ المُنتَج كان محفوظًا في ظروف مثاليّة ومناسبة، من ناحية التبريد عند الحاجة، أو عدم تعرّضه للشمس طوال النهار، وما شابه!
ولأصحاب الحوانيت والمحالّ الغذائيّة، أصحاب الـ«ميني» والـ«سوپر ماركت»، والعرب منهم خصوصًا، نقول: نرجو عدم الانجرار وراء «الإغراءات» العديدة والمتعدّدة التي تقترحها عليكم كبرى الشركات، والأسعار الزهيدة المقترحة لمُنتَجات صلاحيّتها على وشك الانتهاء، أو لم تكن مخزونة بشكل سليم، ما أدّى إلى تلفها مثلًا، لهدف جني أرباح كبيرة على حساب صحّة وسلامة وحياة أبناء شعبنا!!
تصوير: وائل عوض