أنا لست فخورًا
مطانس فرح
فاجأني جدًّا – بل أذهلني – تصريح عصام مخّول (سكرتير عام الحزب الشيوعي (سابقًا)، عضو الكنيست الأسبق، ومدير معهد إميل توما للدراسات الفِلَسطينيّة والإسرائيليّة)، لأحد مواقع الأخبار المحلّيّة في الشبكة العنكبوتيّة – الـ«إنترنت»، خلال مشاركته في المظاهرة الاحتجاجيّة الكبرى التي حملت شعار «العدالة الاجتماعيّة»، يوم السبت الماضي في حيفا.
فقد صرّح – حسَب ما جاء في الموقع الإخباريّ – بما يلي: «وأخيرًا، أصبح هنالك شعب إسرائيليّ نفتخر بالانتماء إليه»!!
ورغم أنّ تصريح مخّول جاء في سياق النهضة الشبابيّة، والمظاهرات المطالِبة بالعدالة الاجتماعيّة، والخروج عن الصمت القاتل على كلّ ما يحدث في الدولة، للدفاع عن مواطني هذه الدولة لهدف العيش بكرامة؛ إلّا أنّ تصريحه لم يكن في محلّه!
وقد لاقى هذا التصريح ردود فعل سلبيّة، خصوصًا على صفحة «شباب التغيير»، على موقع التواصل الاجتماعيّ – «فيسبوك»، من قبل عشرات الغاضبين من تصريح مخّول؛ إضافةً إلى نشر مقالات غاضبة أخرى في مواقع «إنترنت» محلّيّة مختلفة. يُذكر أنّ مجموعة «شباب التغيير» هي مجموعة منشقّة عن الحزب الشيوعيّ الإسرائيليّ؛ لأسباب تنظيميّة داخليّة، ولأسباب أخرى لا حاجة إلى الدخول فيها في هذا السياق!
وفي الوقت الذي يفاخر فيه عصام مخّول بانتمائه للشعب الإسرائيليّ.. أودّ أن أذكّره بأنّ هذا الشعب الإسرائيليّ، هو الشعب ذاته الذي دانَ وحاكم أمير مخّول، وما زال يلاحق الناشطين السياسيّين والعاملين في مجال الدفاع عن حقوق الفِلَسطينيين في مجالات شتّى؛ وهو الشعب ذاته الذي هدم قرية العراقيب عشرات المرّات، وما زال يهدم بيوتنا ويصادر أراضينا؛ وهو الشعب ذاته الذي يحتلّ أراضينا ويصادر ممتلكات شعبنا ويشرّد شيوخنا وأطفالنا، وما زال يقتلع أشجار زيتوننا وينهب محاصيلنا؛ وهو الشعب ذاته الذي عامل عرب هذه البلاد أسوأ معاملة، وما زال يميّز بين العرب واليهود في هذه الدولة، حيث نبقى نحن – العرب – في نظر الشعب الإسرائيليّ – في أفضل الحالات – مواطنين درجة ثانية؛ وهو الشعب ذاته الذي حاصر، سنواتٍ، شعبنا الفِلَسطينيّ ومنع عنه الغذاء والماء والهواء، وما زال يفعل؛ وهو الشعب ذاته الذي قتل نساءَنا، وشبابنا، وشيوخنا، وأطفالنا، وما زال يفعل؛ وهو الشعب ذاته الذي أسر شبابنا وتفنّن في تعذيبهم، وما زال يفعل؛ وهو الشعب ذاته الذي محا معالم وآثارًا فِلَسطينيّة عدّة في هذه البلاد، وما زال يفعل؛ وهو الشعب ذاته الذي اقترف مجازر عدّة في حقّ شعبنا الفِلَسطينيّ؛ وهو الشعب ذاته.. و.. و.. والقائمة تطول وتطول!!
وأسأل الرفيق مخّول: هل بعد عرض هذه القائمة «القصيرة» – للتذكير، فقط – لأعمال و«إنجازات» و«بطولات» الشعب الإسرائيليّ، علينا أن نفتخر، أخيرًا، بالانتماء إليه؟!! لا أعتقد ذلك!
كان من الجدير بمخّول أن يبارك هذه الصحوة الشبابيّة وهذه الخطوة الإيجابيّة، ويشدّ على أيادي مئات ألوف المتظاهرين، لا أن يفاخر بانتمائه للشعب الإسرائيليّ!
أمّا أنا فأفتخر لأنيّ فِلَسطينيّ، ومن المستحيل أن أجد سببًا واحدًا يدفعني للافتخار بانتمائي للشعب الإسرائيليّ، طالما أنّ هناك شبرًا واحدًا من أرضنا قابعًا تحت الاحتلال، وطالما أنّ هناك أمًّا ثكلى، وطالما أنّ هناك عين طفل فِلَسطينيّ تدمع، وطالما أنّ هناك أسيرًا واحدًا داخل السجون الإسرائيليّة، وطالما أنّ أبناء شعبيَ الفِلَسطينيّ لم يحصلوا على أبسط حقوقهم الإنسانيّة: نيل حريّتهم والعيش بكرامة فوق أرض دولتهم الفِلَسطينيّة!
لذا، أنا لست فخورًا!