كم يستصعب هذا الإعلاميّ اليهوديّ "المثقّف"، أو مذيعة الأخبار المتمرّسة، لفظ أيّة كلمة صغيرة – تتألّف، أحيانًا، من حرفين أو ثلاثة على الأكثر – تخصّ الوسط العربيّ، بشكل سليم؛ بينما يسهل عليهم الأمر – سبحان الله – لدى لفظ أصعب الأسماء الأجنبيّة وأكثرها تعقيدًا، والّتي قد تتألّف من ثلاثة عشر حرفًا أو أكثر، بكلّ دقّة وإتقان.
نعم.. فلا يكاد يمضي يوم واحد على سماعي للنشرات الإخباريّة العبريّة المتعدّدة، في قنوات التلفزة العديدة، من قبل عدّة مذيعين ومذيعات، "مثقّفين" و"مثقّفات"، "خبراء" و"خبيرات"، إلّا ولاحظت أنّه من ”الصعب" عليهم لفظ أيّ اسم عربيّ – لإنسان كان أو مكان – بشكل دقيق وسليم، كما يجب على أيّ مقدّم أو مذيع يحترم نفسه أوّلًا، ويحترم مشاهديه ثانيًا، أن يفعل؛ وعليه، فقبل إطلالتكم "البهيّة" على الشاشة الفضيّة، عليكم التمرّن والتدرّب على لفظ أسماء الأشخاص والأماكن ونطقها بشكل مفهوم ودقيق وسليم.
إلّا أنّه عندما يتعلّق الأمر في هذه البلاد بالعربيّ، يكون التعامل، كالعادة، مغايرًا.. فلا أهميّة للعرب في نشرات الأخبار العبريّة، ولا حاجة للتمرّن أو التدرّب على لفظ أسمائهم أو أماكن سكناهم بشكل سليم.. فهم مجرّد عرب، ومن يأبه إن كان ذلك الّذي قُتل هو "آخمِد" أو "أحمد"، أو ضحيّة حادث الطرق هو "كامل" أو "كمال"، وغيرها العديد العديد من الأخطاء اللفظيّة الفادحة والفاضحة!! فتحريف الأحرف، كسرها واستبدالها، عاديّ جدًّا.. فيصبح هؤلاء الإعلاميّون عُسريّي القراءة ("ديسلكتيم")، فجأةً، عندما يدور الحديث عن العرب.
فبالنسبة للإعلاميّين اليهود "المثقّفين"، كامل أو كمال هو مجرّد اسم لعربيّ، فالعربيّ بالنسبة إلى معظمهم يشكّل عددًا – لا أكثر ولا أقلّ – فهو ليس اسمًا ولا شخصيّة ولا حتّى كائنًا بشريًّا، فلا فرق لديهم، مثلًا، إن كان ضحيّة حادث الطرق هو كامل أو كمال، وكأنّ لهذا "العدد" لم تكن حياة أو أصدقاء أو عائلة، كضحايا حوادث الطرق اليهود، مثلًا.
والأنكى من ذلك أنّ أخبار العرب، والّتي تكون، غالبًا، مهمّشة في نشرات الأخبار العبريّة، تُذكر في نطاق سلبيّ غالبًا، من جرّاء عمليّات قتل وحوادث طرق وعمليّات "أمنيّة" وعمليّات "فدائيّة" ("تخريبيّة" – حسَب تعريف الدولة)، ومخدّرات ورِشًى (رشاوى)، وما إلى ذلك؛ وحتّى في هذه الحالات، يكون معظم الأسماء – إن لم يكُن جميعها – مغلوطًا فيه بشكل واضح وبائس.. أمّا بقيّة الأخبار الخاصّة – الإيجابيّة – الّتي تخصّ الوسط العربيّ، فلا نسمع بها ولا نراها إلّا عبر صحفنا ومواقعنا العربيّة. ففي النشرات العبريّة من المُعيب، بل من الممنوع، أن يُذكر العرب بشكل إيجابيّ، وكأنّه لا يوجد عربيّ واحد إيجابيّ في هذه الدولة إلّا "المقرّبين"، وحتّى أولئك "المقرّبون" يبقون عربًا في أفضل الحالات!
لا شكّ في أنّ هذه سياسة مدروسة وواضحة، لكيفيّة إظهار "العربيّ" من خلال وسائل الإعلام العبريّة المختلفة!! وما يزيد الطين بلِّة أولئك الإعلاميّون اليهود الاختصاصيّون في قسم أخبار العرب (هديسك هعرڤي) الّذين يُتقنون التحدّث بالعربيّة، فيتفنّنون في لفظ الأسماء بشكل مغلوط فيه، واضح ومقصود.. فتقديمهم أخبار العرب في نشراتهم يُثير التقزّز والقرف، والغضب كذلك، لأنّه من الواضح أنّهم يعرضون الأمور ويحلّلونها حسَب تحليلهم الـ("ديسلكتي")؛ فعدم لفظهم الأسماء والمواقع العربيّة بشكل سليم ودقيق – عمدًا – يدلّ على سياسة استهتار واستخفاف واستهزاء بكلّ مّن هو عربيّ في هذه البلاد.
ولإعلاميّينا العرب الّذين يفاخرون بصداقتهم مع بعض الإعلاميّين اليهود، وخصوصًا أولئك المسؤولين عن (الديسك) العربيّ، أقول: علّموا "أصدقاءكم" كيفيّة نطق الأسماء العربيّة بشكل صحيح وسليم، لا بصورة هزْليّة واستهزائيّة! فإنّهم بتصرّفهم هذا، يسخر أصدقاؤكم هؤلاء منكم بينما أنتم تفاخرون بصدقاتهم. حان الوقت للتغيير، فلربّما لو استطعتم تعليمهم لفظ بعض الكلمات بشكل صحيح، غفرنا لهم بعض زلّاتهم ولكم مذلّاتكم!!