الكتابة الغربية الإثنوغرافية عن فلسطين في خدمة المشروع الكولونيالي الصهيوني؟
استعرض الباحثان خالد فوراني ودان رابينوفيتش خلال ندوة في مدى الكرمل الحقبات التاريخية المختلفة للكتابات الغربية عن فلسطين منذ القرن التاسع عشر والانتقال من حالة الصمت والتغييب إلى طور الاهتمام بالقومية والذاكرة واللاجئين
عقد مدى الكرمل، المركز العربي للدراسات الاجتماعية التطبيقية، ندوة حول بحث سيصدر قريبًا عن الكتابة الإثنوغرافية الغربية عن فلسطين، تحدث فيها كل من د. خالد فوراني ود. دان رابينوفيتش، مجريا البحث من قسم علم الاجتماع وعلم الإنسان في جامعة تل أبيب، وقامت د. أمال بشارة من قسم علم الإنسان في جامعة تافتس بالتعقيب على البحث. وقد قدم فوراني ورابينوفيتش مداخلة مشتركة عن البحث بعنوان "الوصول إلى فلسطين إثنوغرافيا"، استعرضا من خلالها الكتابة الإثنوغرافية التي نُشرت بالانجليزية عن فلسطين منذ القرن التاسع عشر وحتى الفترة المعاصرة.
وذكر المحاضران أنه تم تشخيص أربعة حقبات زمنية للكتابة الإثنوغرافية عن فلسطين (المكان والمجتمع) وهي: التوراتية، الإستشراقية، التغييبية والما بعد-بنيوية؛ وجاء أن الكتابة الإثنوغرافية خلال الحقبة الأولى كانت مدفوعة برغبة تحقيق المكاسب في بلاد الشام على حساب الإمبراطورية العثمانية، وأنه تم استغلال الدراسات الإثنوغرافية لمحاولة إضفاء الشرعية على الاستعمار الأوروبي في الأراضي المقدسة في فلسطين. ففي هذه الحقبة تم التركيز على التوراة كمرجع أساسي للبحث عن فلسطين، حيث تم التركيز على مظاهر الحياة البدائية بهدف إحالتها إلى العهد التوراتي، بمعنى استحضار الزمن التوراتي وإسقاطه على الحاضر الفلسطيني. وأشار المحاضران أن هذا النوع من الكتابة قد ساهم في تكريس التوجهات الكولونيالية وخدم الرواية الصهيونية.
في الحقبة الثانية، خلال العقود الأربعة الأولى من القرن العشرين، غلب التوجه العلماني العلمي الاستشراقي، وتم استبدال الاهتمامات اللاهوتية السابقة بكتابات عن "الشرق والشرقيين، العرب والفلسطينيين"، والاهتمام أكثر بتطورات المجتمع. والمفارقة في هذا الطور، قال المحاضران، أنه رغم بدء بروز التصدعات في النظريات الأوروبيةتم تراجع حضور فلسطين في الكتابات الإثنوغرافية.وقد تواصل انحسار فلسطين في تلك الكتابات الغربية، وخاصة في الحقبة الثالثة، أي العقود التي تلت احتلال فلسطين، وتزامن الأمر مع إقامة دولة إسرائيل. شهدت هذه الحقبة تغييب فلسطين والفلسطينيين، وتم التركيز على شرعنة الصهيونية واعتبارها مشروعا حداثويا من خلال تجاهل الحداثة الفلسطينية. أما في الحقبة الرابعة،فقد برز جيل جديد من الانثروبولوجيين الذي اهتم بالقومية والهوية الفلسطينية وبحث الجهود الإسرائيلية في قمع القومية الفلسطينية. في هذه الحقبة بدأ يزداد الاهتمام البحثي في فلسطين ليشمل دراسة القومية الفلسطينية، الذاكرة واللاجئين وغيرها، وقد تميزت هذه الفترة بإزدياد الأبحاث الانثروبولوجية عن فلسطين بطريقة غير مسبوقة.