شاهين نصّار
افتتح أول أمس الاثنين في قاعة جمعية الشباب العرب – بلدنا، في حيفا معرض صور مميز يوّثق تاريخ هذه المدينة قبل قيام دولة اسرائيل!
ويأتي هذا المعرض ضمن احتفالية 250 عاما على تأسيس مدينة حيفا الجديدة من قبل ظاهر العمر الزيداني، والتي يشرف على تنظيمها ائتلاف الجمعيات والحركات السياسية الحيفاوية جمعاء.
توّلت عرافة الاحتفال الناشطة روضة غنايم التي رحبّت بالحاضرين، وشرحت قليلا عن الائتلاف الحيفاوي للاحتفاء بذكرى 250 سنة على تأسيس حيفا.
من جهته قال عضو بلدية حيفا المهندس هشام عبده: “في كل مدينة أوروبية أو أمريكية كانت ستسارع البلدية لتبني مثل هذه الاحتفالات الا في بلدنا حيفا، حتى في نيويورك، أفضل حي فيه مانهاتن هو على اسم قبيلة عريقة للهنود الحمر كانت تسكن المنطقة، وكذلك ولاية كونتيكت وماساتشوستس، ورغم تجنيد كتلة الخضر بأعضائها الثلاثة في التوقيع على هذا الطلب الرسمي، وبالطبع الاخوة في التجمع الوطني الديمقراطي، ساد البلدية صمت القبول. ولكن الائتلاف الحيفاوي الحالي من الأحزاب السياسية والمؤسسات والجمعيات ويوآف بار استطاعت أن تقوم بهذه المهمة على أفضل وجه”.
أما عضو البلدية وليد خميس فشدد: “من المهم أن نعرف أنه عند تنظيم هذه الفعاليات، ونتحدث عن بلدية حيفا، في نهاية الأمر نحن نتحدث عن الخصم، عن الآخر، عن من يعتبر أن هذه المدينة ولدت في الـ48، أو كأقصى حد عندما بدأت الهجرة الأولى أو الثانية الى حيفا. هذه حيفا بالنسبة لهم. حتى اذا دخلتم مبنى البلدية ترون صور لرؤساء البلديات، في العام 1922 كان عربيا، تجدون صورته، ولكن لا اعتراف بما سبق. فحتى من حيث طرح هذه الأمور كما قال زميلي، هناك صمت، وهذا الصمت واضح أنه بالنسبة لهم أنتم غير موجودون، العرب غير موجودين”!
وتطرق في كلمته الى تأسيس هذه المؤسسة التي أسماها حيفا 250، مؤكدا أنه سيكون لها مستقبل لنجاحها في جمع جميع الأطياف السياسية والجمعيات تحت سقف واحد.
بعدها تحدث آدم بار، والذي أشرف على جمع الصور عن هذه العملية مؤكدا أنه نجح بجمع أكثر من 600 صورة من العديد من المصادر، من الناس، ومن المواقع المختلفة والمؤرخين شتى، شاكرا جميع من تعاون معه لانجاح هذه المهمة! وبشكل خاص الناشط يوآف بار الذي بادر لهذا المعرض المميز.
وألقى المؤرخ الحيفاوي د. جوني منصور مداخلة عن تاريخ هذه المدينة فقال: “مسيرة مدينة حيفا وتطوّرها عبر الـ250 سنة الماضية هو أمر في غاية الأهمية كنموذج من نماذج تطوّر المدينة الفلسطينية في العصر الحديث. ولكن ما كان يمكن لهذه المدينة أن تتطور الا بفعل عدة عوامل، منها تخص أصحاب البلاد وأهل المدينة الأصليين الذين كان لهم دور مركزي ومهم جدا في تنمية المدينة وتطوّرها. المدينة شهدت مراحل كثيرة من النمو والازدهار، كثيرون يعتقدون أن الازدهار والتطوّر بدأ فقط مع مجيء الانجليز، وكأن الاحتلال البريطاني عام 1918 لفلسطين ولحيفا خاصة دفع بهذه المدينة لتسير على خط التطوّر ولكن هذا غير واقعي وغير صحيح. المدينة بدأت تشهد تطوّر لا بأس به منذ نهاية الفترة العثمانية، منذ تقريبا 1840ن بفترة حكم ابراهيم باشا بعد احتلال بلادنا وبلاد الشام وحدث تحوّل في مدينة عكا، بحيث بدأت هذه المدينة تفقد من مكانتها وبدأت حيفا تأخذ مكانتها”!
وتحدث عن تاريخ التصوير الفوتوغرافي لفلسطين، مشيرا الى أنه بدأ في العام 1840 تقريبا، بالأساس من مصوّرين أوروبيين وأمريكيين جمعوا هذه الصور في محاولة لدراسة وضعية المجتمع. مؤكدا أنه في مطلع النصف الثاني من القرن الـ19 تطوّرت الأمور أكثر، بعد أن قام أرمني بإقامة استوديو للتصوير وبدأ بتعليم مهنة التصوير في دير مار يعقوب في القدس.
وأكد منصور: “الصورة تعني الكثير، وليس خطأ قالوا أن الصورة تحكي أكثر من 1000 كلمة وتعبر عن المشاعر. مجموعات الصور تعكس حالة المدينة قبل عام 1948، كما تلاحظون مدينة نشطة فيها حراك انساني، وفيها تفاعل بشري بين وجوه مختلفة، وأنا أقول دائما أن حيفا تحمل وجه ذاتها العربي الفلسطيني الأصلي، وأيضا استطاعت هذه المدينة ألا تقول لا لأي وجه آخر قادم اليها، ولكن ليس بكل ثمن. وجوه كثيرة جاءت الى البلاد، جاليات أجنبية، مثل الجالية الأرمنية، الروسية، اليونانية، الايطالية، اليوغوسلافية، الشركسية، هؤلاء استطاعوا أن يعيشوا داخل المدينة وحراكها الى أن جاءت موجات الهجرات الاستيطانية الصهيونية من أوروبا. وهنا كان الامتحان… هل كانت رغبة هؤلاء أن يعيشوا في المدينة وحياتها أم أن يقيموا حيفا أخرى؟ على أرض الواقع أقيمت مدينة حيفا أخرى.. لم يدخلوا باحتكاك مع السكان وعاشوا معهم، الشيء الوحيد المشترك بينهم كان المعاملات الاقتصادية! هذه المدينة لم تكن مختلطة ولغاية اليوم ليست كذلك وليست مشتركة! وحتى منذ العهد البريطاني كانت حدود فصل وما زالت الى اليوم”! مؤكدا أن هذه الصور تعكس حياة المجتمع الفلسطيني على امتداد الفترة العثمانية والانتداب البريطاني!
وتخلل البرنامج مقاطع فنية مع عازف العود الفنان أحمد دراوشة والمطربة الشابة رنا حداد.