الكلية الأرثوذكسية العربية
بحيفا
تحتضن من جديد أفواج خريجيها القُدامى
من الفوج الأول المتخرج سنة 1956، حتى الفوج الخامس المتخرج سنة 1960.
تقرير: موسى اسعد عودة
الكبابير-حيفا
مثلما يَسْرِي ضيَاءُ الفَجرِ في وَجهِ السَّحَر
سَرَتِ البُشرى لِلُقيانا فُرادى وَزُمَرِ
فأتيْنا نحملُ الخمسين عامًا بِحصادِ المنتصر
وأبت قاماتنا أن تنحني
فانتزعنا المجد من عين القدر…
(موسى)
لقد تَمَّ هذا اللقاء المتميّز بجهود رابطة خِرِّجي الكلية، وبالنشاط الدؤوب للأستاذة هيام العبد، عضو الرابطة ومركزة اللقاء، حيث تولّت عرافة الأمسية الفريدة بلباقةٍ ظاهرة..
عُقد اللقاء في قاعة الكلية الأرثوذكسية مساء الخميس 30/6/2011 – حيث توافد هؤلاء الخريجون، كلٌّ من منبته، فالتقت نُفوس صارعت الأيّام والمواسم خمسين صيفًا.
منهم من غابت صورته فعلاً خمسين سنة، ومنهم من عاش لذاته سنين عديدة.. إلى أن دار الفلك نصف قرن، فأجاء هؤلاء القوم الذين يحسبون أنهم تخرجوا (قبل أمس).. أجاءهم الزمن إلى عتبات السبعين، فقعدوا وتقاعدوا..
شارك في هذا اللقاء من حضر من جموع الخريجين، يستضيفهم ممثلون عن رابطة الخريجين، أساتذة ومديرون سابقون للكليّة: الأستاذ حنا أبو حنا والأستاذ جورج سلامة والأستاذ مارون قعبور والأستاذ اميل العبد ومدير الكليّة القائم الأستاذ إدوار شيبان وسواهم..
استهلت الأمسية عريفة الحفلة الأستاذة هيام العبد – فرحّبت بالحضور متمنية لهم قضاء أمسية سعيدة، وأن ينعموا دائما بالصحة والعافية ودوام العطاء. كما أعربت عن سرور رابطة خريجي الكليّة على نجاح هذه المبادرة الطيبة مؤمّلين أن يستوفوا لاحقًا جمع كل الأفواج المتخرّجة لمثل هذا اللقاء الفريد.
ثم دَعت عريفة الحفلة الأستاذ إدوار شيبان، مدير الكليّة الذي رحّب بدوره بالحضور، مؤكدًا على الدور النافع الذي تمثله هذه اللقاءات بين المتخرجين القدامى والكليّة في مسارها التعليمي نحو تحقيق الأهداف العلمية السامية للطلاب. مؤكدًا على مستوى النجاح الباهر لطلاب الكليّة في امتحانات البجروت في المواضيع المختلفة، لا سيما المواضيع العلمية…
موسى عودة – الفوج الخامس.
يطالب برفع مستوى اللغة العربية والعناية الخاصة بها..
يقول الخليفة الكبير عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
"علّموا أولادكم العربيّة، فانّها تُثبّتُ العقل وتزيد في المروءة"
من هنا نفهم أن أمر هذه اللغة ليس ككل أمر سواه، وان العامل المتفكر في هذه الجملة أعلاه يُدرك جيدًا مدى البعد العقلي والنفسي المربوط بجو تعليم هذه اللغة.. ولا يسعني إلا أن اكتفي بالإشارة فحسب.. واختتم بهذه الأبيات التي وردت ضمن قصيدة لي ألقيتها في مناسبة خاصة:
وطني على باب السلام يمامة تهبُ الشَّدا وهديلها المعهودا
وتحار البوّاب وهي فطينة وتمُدُّ نحو الباب منها الجيدا
فيروها البوّاب وهو مكابرّ والسلم يبقى بابُه موصودا
لُغتي على ظهر الكتاب ثقيلةٌ ضاق الكتاب بها وبات شريدا
لا النحو نحو النحو ينحو، لا وما درس البلاغة قائمًا موجودا
والحرف بات غريبةً أشكاله واللفظ في خلط الكلام أبيدا
يا قومُ! لا سِلمٌ ولا لغةٌ ولا عَزمَ يقيم تراثنا المؤودا
فاستلهموا وجه السماء لعلّكم تلقون فيها مجدنا المفقودا
نِعم الالى يتحسسون سبيلهم ويحققون رؤى الحياة صمودا..
(الشدا: بقية القوّة)
(موسى)
الأستاذ يوسف فخر الدين
ينشد جزلا شعبيًا
الأستاذ يوسف فخر الدين هو خريج متميّز من الفوج الأول سنة 1956 – عمل في نهاره موظفًا في البنك، وارتاح في مسائه على عتبات الزّجل.. وقف وسرد للحضور شيئًا من تاريخ حياته في جنبات هذه الكلية (المدرسة آنذاك).. وشنّف آذاننا بقصيدتين فأفضى على الجميع جوًا شاعريًا لطيفًا.
تلاه الأستاذ محمد الصبح – من شفاعمرو – ثم الأستاذ فلاح عودة من الكبابير فالأستاذ عاطف كيوف من عسفيا… كلٌّ سَرَدَ شيئًا عن ذكرياته المدرسية وعن المواقع التي شغلها فيما بعد.
وبعد استراحة موسيقية لطيفة، وقف الأستاذ حنا أبو حنا، عصب هذه الكليّة ومديرها لسنوات عديدة..سرد الأستاذ حنا أمام الحاضرين مسار هذه الكليّة من يوم وُلِدَتْ حتى ههنا..
لقد كان مخاضًا صعبًا محفوفًا بالمخاطر.. ثم ولادة مهددة.. وتضحية خاصة من المعلمين الأوفياء الذين تحملوا الزهيد من الراتب في سبيل دعم هذه القلعة العلمية.. مجلبة للمجد والفخار.
وجابت طواقم الحريصين على سلامة هذا المعهد كلّ البلاد، طولاً وعرضًا فرسَّخوا أهمية ترابط المجتمع العربي في البلاد بهذه الكليّة الفريدة التي تعنى بقصارى الجهد والعطاء للحفاظ على وجهها العربي الممثل في كلمة المروءة، الأنفة الذكر – وهي خلاصة الصفات الحميدة في الإنسان العربي.
وأنا اليوم في هذه المناسبة الفريدة من عمري أرفع عاليًا اسم هذا الأستاذ الحبيب – أبو الأمين حنا أبو حنا – الذي نذر نفسه وجهده وعطاءه لبناء النفوس العالية في صدور الجيل الواعد،عندما وقف قبل واحد وخمسين عامًا يودّع الفوج الذي أنا منه – قائلاً:
يا بلادي أنّا نذرنا الجهودا أن نربّي للفجر جيلاً جديدا
يغمر النور دربه بضياءٍ ذهبي السنا فيمضي رشيدا
يا أعزائي الشباب سلامًا من مزج غدًا يرفُّ رغيدا
قوى الريش في الجناحين فارقوا في عناق السماء سِربًا نضيدا
ودّعوا عُشكم بقلب جسور وأقحموا الريح كالنور صمودا
من يهُن للرياح ترده يهوي ويجلّي من كان صلبًا شديدا