تمتعت مدينة حيفا بأهمية كبرى في العصور القديمة، بسبب موقعها على شاطىء البحر وفي منحدرات جبل الكرمل وعلى الطريق القديمة الهامة التي وصلت ما بين قيسارية وعكا،الى جانب وجود ميناء هام فيها. تلك المواصفات الجغرافية كانت العامل الرئيسي في الإستيطان بمنطقة حي وادي الجمال على مر العصور. على هذا تشير العديد من المواقع الأثرية الموجودة في الحي والتابعة لعصور مختلفة.
كميل ساري
من بين المواقع الأثرية البارزة في هذا الحي "تل السمك" المتواجد على الشاطىء مباشرة، والذي يعتبر من أهم المواقع الأثرية في إسرائيل. إضافة اليه تتواجد مواقع أثرية ما بين شوارع الحي من بينها: موقع أثري من الفترة البيزنطية في شارع يائير شطيرن وموقع أثري آخر هو "خربة التنعاني" المتواجدة على المنحدرات بين شارع هاتورن وبين الشارع المؤدي الى حي شيبرنتساك والمعروف بأسم شارع "יציאת אירופה".
حفريات اثرية أجريت عام 1996 في هذا الموقع أثناء القيام بأعمال بناء وحدات سكنية جديدة، دلت على وجود استيطان من الفترات البيزنطية والأموية (القرن الرابع – التاسع ميلادي).كما أسلفنا الذكر، فان الحي اليوم يعرف باسم "وادي الجمال" الا أنه في العصور القديمة عرفت للموقع أسماء عديدة كعدد الأستيطانات التي كانت بالموقع. ويجدر الذكر هنا أننا لا ندرك أسماء كل المواقع في العصور القديمة، لذلك فان أسماء المواقع الأثرية أعطيت وفقا لقرار لجنة الأسماء وليس دائما يمكننا الأشارة لسبب أعطاء هذا الأسم أو ذاك.
فعلى سبيل المثال نحن لا نعلم ما كان الأسم بالفترة البيزنطية للموقع الأثري في شارع يائير شطيرن لذلك سمي على أسم الشارع الحالي الملاصق للموقع.
يختلف الوضع كل الإختلاف عندما نلقي نظرة على الموقع الأثري "تل السمك" (والذي سوف نسرد نتائج الحفريات الأثرية فيه بمقال آخر). الأعتقاد السائد بأن الموقع سمي بهذا الأسم بسبب صيد السمك الكثير على مر العصور.
أما الأسم في اللغة العبرية "شكمونة" (שקמונה) فيعود مصدره الى اسم الموقع باللغة اليونانية "سكمينوس". حيث ذكر بهذا الإسم في عدة مصادر قديمة أبرزها: المؤرخ الروماني "يوسف ابن ماتتياهو" في القرن الأول ميلادي. كذلك فان المؤرخين "سترابون" و "بلينيوس" من الفترة الرومانية، يذكران الموقع تحت اسم "سكيمينوبوليس" (بمعنى مدينة سكمينوس).
كما أن المسافر من مدينة بوردو يذكر الموقع في كتاباته عام 333 ميلادي تحت الأسم "سكمينوس" كمحطة على مفترق الطرق تحت جبل الكرمل.
تشير الحفريات الأثرية بأن المكان شيد بيد المصريين خلال العصر البرونزي الأخير ليكون معسكر ليدعم معسكرهم في داخل البلاد وبالأخص المعسكر في بيسان. رويدا رويدا ومع مرور الزمن تحول الموقع الى استيطان مزدهر جدا خلال القرون 11-12 قبل الميلاد. وقد وصلت المدينة الأثرية الى قمة ازدهارها خلال الفترة البيزنطية حيث امتدت مساحتها على اكثر من
من أبرز المكتشفات الأثرية في الموقع: أسوار المدينة القديمة, كنيسة من الفترة البيزنطية, مصنع لأستخراج الأصباغ من أصداف البحر وأرضيات فسيفساء التي زخرفت مباني المدينة الأثرية, عنها سوف نسرد بتوسع بمقال آخر.
تل السمك
