حق الناس علينا

مراسل حيفا نت | 09/11/2021

حق الناس علينا

الشيخ رشاد أبو الهيجاء
إمام مسجد الجرينة ومأذون حيفا الشرعي

قبل الخوض في هذا الباب لا بد من بيان الحقوق التي يجب أن تحفظ للناس حتى يعيشوا معا في أمان , وهذه الحقوق قد تكون عامة وقد تكون خاصة فمن العام ما أشار اليه رسول الله في الحديث الذي رواه أبو هريرة قال:  قال  رسول الله ( حق المسلم على المسلم ست ) قيل ما هن يا رسول الله قال( إذا لقيته فسلم عليه , وإذا دعاك فأجبه , واذا استنصحك فانصحه , واذا عطس فحمد الله فشمته , واذا مرض فعده , وإذا مات فاتبعه) وهناك حقوق أخرى مثل نصرة المظلوم  وغيرها الكثير أما حق الجار دون تمييز بلون أو عقيدة ودين وفقا لما وضحه رسول الله من الحقوق التي تضمن حياة آمنة فقال أتدرون ما حق الجار : إن استعانك أعنته , وإن استنصرك نصرته , وإن استقرضك أقرضته , وإن أصابه خير هنأته , وإن اصابته مصيبة عزيته , ولا تستطل عليه بالبناء فتحجب عنه الريح إلا بإذنه , وإذا اشتريت فاكهة فأهد له منها , فإن لم تفعل فأدخلها سرا , ولا يخرج بها ولدك ليغيظ ولده , ولا تؤذه بقتار قدرك ( رائحة طعامك ) إلا أن تغرف له منها ) لأن المعاملة الحسنة مع الجيران من الايمان قال رسول الله ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره ) وقال ( ليس بمؤمن من بات شبعان وجاره الى جنبه جائع وهو يعلم ) وكم نحن بحاجة الى مثل هذه التعاليم النبوية التي ترشدنا الى الطريق السوي الذي يضمن لنا السلامة والمحبة والوئام بين الخلق جميعا وقد تستغرب أحيانا الى أي مدى وصل حرص النبي على مصالح الناس, فقد وصل  الى حد أنه قال ( مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم , مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ) ولذا نبه من كل ما يمكن أن يضر بالناس فمما قاله ( من مر في شيء من مساجدنا , أو أسواقنا , ومعه نبل فليمسك , أو ليقبض على نصلها بكفه أن يصيب أحد من المسلمين منها بشيء ) ووجه الناس الى أساليب التعامل بكل الطرق فمما قاله ( لا تحاسدوا ولا تناجشوا ولا تدابروا ولا يبيع بعضكم على بيع بعض وكونوا عباد الله اخوانا )  ومن حق الناس على بعضهم أن يستروا عورات بعضهم حتى لا تشيع الفاحشة بين العباد وقد جاء التحذير الشديد في القرآن ممن يشيع الفاحشة فقال ( إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب اليم في الدنيا والآخرة ) قد جاء بيان المطلوب على لسان رسول الله فقال ( لا يستر عبد عبدا في الدنيا إلا ستره الله يوم القيامة ) وأبشع صور إشاعة الفاحشة أن يتفاخر بها فاعلها وهي عند الله عظيمة فمن ابتلي بفاحشة او معصية فليطلب ستر الله عليه ثم ليبادر الى توبة نصوحة لا رجعة معها الى الفواحش لأن الفواحش والتفاخر بها يجعلها هينة عند البعض فيسارع ضعاف النفوس اليها لذا قال رسول الله ( كل أمتي معافى إلا المجاهرين , وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملا , ثم يصبح وقد ستره الله عليه فيقول : يا فلان عملت البارحة كذا وكذا , وقد بات يستره ربه , ويصبح يكشف ستر الله عنه ) ومن الحقوق الواجبة أن يهتم المرء بمجتمعه وبقدر اهتمامه بالناس ورعاية مصالحهم يكون جزاء الله والحسنة بعشر أمثالها والجزاء من جنس العمل قال رسول الله ( من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا , نفس الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة , ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة , ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة , والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه , ومن سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا الى الجنة , وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله تعالى , يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة , وحفتهم الملائكة , وذكرهم الله فيمن عنده , ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه ) ومن العمل الذي ينفع صاحبة هو جبر الخواطر والحرص على نصرة الضعفاء وكل عمل تقوم فيه بهذا التوجه يكون صدقة تتصدق بها على نفسك بداية ,  وهذا من حق النفس على صاحبها قال رسول الله ( كل سلامى ( مفصل ) من الناس عليه صدقة , كل يوم تطلع فيه الشمس : تعدل بين اثنين صدقة , وتعين الرجل في دابته فتحمله عليها , أو ترفع له عليها متاعه صدقة , والكلمة الطيبة صدقة , وبكل خطوة تمشيها الى الصلاة صدقة , وتميط الأذى عن الطريق صدقة ) والحديث حول الحقوق للعامة يصعب احصائها ولكن يمكن ملاحظتها بما يضمن للناس عدم الضيق والاحراج ويدخل الى نفوسهم الفرحة والسرور  وهناك حقوق خاصة لأناس تميزوا بما لهم وقد وصى بهم الله لقرابتهم منك وفي مقدمتهم الوالدين قال تعالى ( وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين احسانا ) لذا قال رسول الله (  رغم أنف , ثم رغم أنف , ثم رغم أنف من أدرك أبويه عند الكبر , أحدهما أو كليهما , فلم يدخل الجنة ) أي لحق الذل والهوان بمن لم يبر والديه في كبرهما  , ثم قال ربنا ( وآتي ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ولا تبذر تبذيرا ) وصلة هؤلاء واجبة حتى لو لم تتفق معهم في الفكر والتوجه فقد علمنا ذلك الرسول حين أعلن بقوله ( إن بني فلان ليسوا بأوليائي , إنما وليي الله وصالح المؤمنين , ولكن لهم رحم ابلها ببلالها )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *