ذئاب تهدد مناعة مجتمعنا- زياد شليوط-شفاعمرو

مراسل حيفا نت | 01/02/2009

 

ذئب العنصرية

أخبار مقلقة تصلنا يوميا عن انفلات الذئب العنصري في اسرائيل باتجاه الضحية العربية دائما. اعتداء وحشي بربري من منطلقات عنصرية على شاب من مجد الكروم في مدينة طبريا، من قبل مجموعة من الأوباش الصغار. في نتسيرت عيليت الكشف عن عصابة عنصرية تعمل ضد العرب، تتكون من أحداث شربوا من منابع العنصرية الاسرائيلية. في عكا شعارات عنصرية على جدران روضة أطفال عربية تدعو لموت العرب. والعنصري "الكبير" ليبرمان ينطلق ينهش ويعوي ضد كل ما هو عربي. وكلما ارتفع زعيقه وازداد تهويشه على العرب، كلما ارتفعت شعبيته في الشارع اليهودي، المنحرف نحو اليمين دائما وبعيد الهجوم على غزة على وجه الدقة.

هذه الموجة الأخيرة من الهجمة العنصرية على العرب، ليست الأولى من نوعها وليست جديدة علينا، لكن الجديد في الأمر هو اكتسابها الشرعية من قبل زعماء وساسة من الصف الأول في الدولة العبرية. ومجابهة هذه الهجمة الجديدة لن يكون في اصدار البيانات ودفع الضريبة الكلامية. على هيئاتنا المنتخبة "باسمنا" وخاصة لجنة المتابعة العليا واللجنة القطرية للسلطات المحلية العربية، وما يتفرع عنهما من لجان مختصة، وعلى الهيئات والجمعيات القطرية التي "تنطق" باسمنا، وتحصل على المعونات "باسمنا" أن تعقد يوما دراسيا، لوضع منهجية عملية، وخطة سياسية- حضارية لمواجهة الخطر العنصري الداهم بسرعة ودون تأجيل، ليس بهدف إضافة منابر جديدة وخطابات وشعارات، بل لوضع استراتيجية عملية تحرج السلطة المركزية.

ذئب القبلية

من خطر كبير إلى خطر أكبر. خطر انقساماتنا القبلية التي بدأت تحصد ضحايا بريئة، دون ذنب أو جرم ارتكبته. لم نكد نتنفس الصعداء ونحمد الله أن انتخابات السلطات المحلية انتهت على خير في مجتمعنا، حتى جاءتنا الحرب المدمرة على غزة، واليوم نتأكد أنها ساهمت في تأجيل حروباتنا القبلية. فما أن وضعت الحرب أوزارها، حتى انفلتت مشاعرنا القبائلية المؤجلة، لتتحول إلى غزوات مسلحة وحرائق في بيوتنا الحجرية من تخطيط عقلياتنا المتحجرة. وما شهدته قرية شعب الوادعة من سفك دماء مقابل كرسي جلدي، يثير غضبنا وأسانا.

ترى هل يستحق الكرسي المفقود، نقطة دم واحدة لزهرة في أوج ريعانها؟ هل باتت الروح رخيصة إلى حد التفريط بها، من أجل مجد زائل مزيف؟ ان الضحايا الشباب هم ضحايا العنجهية الفارغة والأنانية الفاجرة، التي ينشر ثقافتها المقيتة ذئاب القبلية في مجتمعنا، الذين يجب قلع أسنانهم الحادة قبل أن تأتي على كل ما هو جميل في حياتنا.

ذئب الشرذمة

الدعوة لمقاطعة انتخابات الكنيست القادمة، دعوة صادقة نوايا أصحابها، لكن صدق النوايا لا يؤدي إلى الجنة دائما. فعندما يحارب أقطاب العنصرية وجودنا في أي مكان، ولا يطيقون تحرك ممثلينا في الكنيست، ويعملون على الغاء أي تواجد لنا، ويخططون لترحيلنا من بيوتنا، هل نتحالف معهم من حيث لا ندري أو ندري، ونساهم بالتالي بالغاء وجودنا، أم نعمل على التصدي لهم، في عقر كهفهم ومواجهتهم بشجاعة وصلابة، حتى لا نجعلهم يبتسمون ابتسامة التشفي والظفر؟ 

وما يقلق في شرذمتنا القاتلة هو ليس تنافس ثلاث كتل في الانتخابات فقط، فهناك كتلة رابعة تقتنص الآف الأصوات العربية في كل انتخابات، وهي قائمة حزب "دعم" العمالي، ولا أدري كيف لا يتفق أي جسم سياسي معه ويحضنه في الانتخابات، كما جرى ويجري مع غيره من الأجسام، حفاظا وحرصا على بضعة الآف من الأصوات تذهب سدى في كل انتخابات برلمانية؟ أضف إلى ذلك ما تقتنصه الأحزاب الصهيونية من كم كبير من الأصوات العربية.

وكأن كل تلك التشرذمات لا تكفي حتى تأتينا مجموعة المقاطعة، لتشكل حزبا جديدا يخوض انتخابات اللا انتخابات، مع حملة دعائية كاملة تصرف فيها الأموال الطائلة، من أجل ماذا؟ من أجل أن لا ندلي بأصواتنا، وألا نتمثل في البرلمان "الصهيوني". وكأن بطاقة الهوية الزرقاء التي يحملها كل فرد منا، من إنتاج الجامعة العربية، وكأن الدولة التي نعيش وندرس ونعمل فيها هي من دول المؤتمر الاسلامي، وكأن العملة التي نتعامل بها واللغة التي نتداولها في معاملاتنا وحتى في أحاديثنا هي لغة الأم التي نعتز بها! بدل أن نعمل على تثبيت وجودنا في بلادنا، وانتزاع حقوق المواطنة الكاملة من الدولة التي نحمل جنسيتها، نساهم بجهودنا وقوانا الذاتية على تهميش أنفسنا! 

(شفاعمرو)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *