بقلم: د.أحمد محاجنة
من كبار جراحي قسم الجراحة المتقدمة بالمنظار
وجراحة البدانة
وجراحة البدانة
شعبة الجراحة في مركز صحة الإنسان- رمبام حيفا
تعتبر السمنة المفرطة المتمثلة بعشرات الكيلوجرامات، عامل خطورة لعدة أمراض مزمنة، من بينها السكري، ضغط الدم المفرط، المستويات المرتفعة من الكولسترول بالدم، مشاكل في العظام نابعة من ثقل زائد للوزن على المفاصل التي تحمله وعلى العامود الفقري أيضا، إضافة إلى مخاطر كبيرة للإصابة بأمراض السرطان ، القلب والجلطة الدماغية.
يتضح من تقارير المعهد القومي للصحة بالولايات المتحدة (NIH)، أن السمنة المفرطة المرضية وصلت إلى حالة الوباء حيث أن ما يقارب %5.7 من سكان الولايات المتحدة يعانون من فرط السمنة المرضية. لا تتخلف إسرائيل كثيرا عن هذا الركب، مع نسبة تصل إلى %5.2 من السكان: حوالي 250000 نسمة يعانون من السمنة المفرطة المرضية.
متلازمة توقف النفس أثناء النوم (sleep apnea) هي واحدة من الأمراض الخطرة التي ترافق السمنة المفرطة المرضية ولكن قلة من الشبان والناضجين يتحدثون عن هذا المرض وأبعاده.
في هذه المتلازمة تحدث أثناء النوم عشرات وحتى مئات حالات توقف التنفس خارج السيطرة. ترافق حالات التوقف هذه عادة ظاهرة الشخير العالي الذي يدل على ان مجاري الهواء غير مفتوحة تماما، يرجع ذلك الى تكدس الدهن الزائد حول العنق أو في منطقة القفص الصدري مما يسبب تضييقا لمجاري التنفس، يسبب أحيانا الدهن المفرط ضغطا على الرئات. يصل صوت الشخير المزعج إلى حد قد يصعّب على الزوجات/الأزواج النوم إلى جانب المعانين من المشكلة.
أسباب توقف النفس أثناء النوم
ينبع توقف النفس أثناء النوم ، من أنه أثناء الاستغراق بالنوم يسد مجرى الهواء لأوقات قد تتراوح بين 10 ثوان ودقيقتين! مما يتسبب أثناء ذلك باختناق لحظي واستيقاظ فجائي. إن الاستيقاظ الفجائي يحدث لإعادة السيطرة على مجاري التنفس والحصول على أوكسجين. يعود المصاب بعدها للنوم، إلى توقف النفس التالي وهكذا دواليك. هؤلاء الأشخاص لا يتذكرون عادة عند الصباح أنهم استيقظوا مرات عديدة خلال الليل.
إن حالات الاستيقاظ المتعددة خلال الليل، تؤذي جودة النوم دون أن يعي الشخص ذلك.
يعاني هؤلاء الأشخاص عادة من مستوى أوكسجين منخفض بالدم، ومن شعور دائم بالنعاس والعودة للنوم في ساعات الصباح. أحيانا، يصل مستوى الإنهاك المرتفع إلى حد يصعب عليهم الأداء اليومي مما يشكل خطرا عليهم وعلى المحيط، بما في ذلك القيادة على الطرقات.
يرفع توقف النفس أثناء النوم من ضغط الدم ويزيد من مخاطر تطور أمراض القلب والأوعية الدموية وحتى الموت الفجائي.
تثبت الأبحاث الأخيرة أن قلة ساعات النوم تزيد من الشعور بالجوع وخاصة للأغذية الغنية بالسعرات والسكريات وهكذا تنتج دوامة من الارتفاع المستمر بالوزن التي تفاقم من مشكلة توقف النفس أثناء النوم مما يساهم في الشعور بالجوع المفرط وهكذا دواليك.
إن انتشار هذا المرض في أوساط البدينين، أعلى ب-12 مرة مقارنة بالقطاعات التي لا تعاني من السمنة المفرطة. تشير الاستطلاعات إلى أن ثلثين من المعانين من المتلازمة هم من ذوي السمنة المفرطة. واحد من كل ثلاثة أشخاص يزنون أكثر من 100 كغم، يعاني من توقف النفس أثناء النوم.
المشكلة تكمن في أن معظم المرضى لا يعون المشكلة ولذلك لا يتم تشخيصهم وبالتالي علاجهم. تنصح القطاعات الواقعة في منطقة الخطر أن تطلب من طبيب العائلة رسالة توجيه للفحص في مختبر النوم. إن التشخيص المسبق يمكن من منح علاج لتنظيم النوم وإرشادات حول تخفيف الوزن.
حل المشكلة:
الحل الذي يساعد على تقليل الأعراض بشكل كبير والشفاء من المتلازمة هو النزول الكبير في الوزن. فقط بهذه الطريقة يمكن تحسين جودة النوم وبالتالي جودة الحياة.
توجه إلي العديد من المعالجين الذين عانوا من توقف النفس أثناء النوم، الأمر الذي خلق لديهم مشاكل عدة، سواء على الصعيد الشخصي، المهني أو الاجتماعي أيضا، هنالك من عانت زوجاتهم/أزواجهم من صوت شخيرهم أثناء النوم مما حتم عليهم الانتقال والنوم في غرفة أخرى ، مما أدى لمشاكل زوجية، وهنالك من فقدوا عملهم بسبب إرهاقهم المتواصل، حيث قلموا بالإغفاء أثناء العمل وهكذا أضروا بمصدر رزقهم. لم يكن هؤلاء المرضى واعين لحجم مشكلتهم وعندما استوعبوا ذلك بدئوا بالبحث عن حلول مختلفة كالحميات المختلفة ولكنهم لم ينجحوا بالحفاظ على الوزن ولذلك وفي نهاية المطاف وصلوا إلي وبعد الجراحة استطاعوا إنزال عشرات الكيلوجرامات ونتيجة لذلك عاودهم النوم، وتغيرت حياتهم نحو الأفضل.
تعتبر الجراحات البرياترية (المعروفة بتصغير المعدة) حاليا، العلاج الأفضل لتخفيض الوزن والحفاظ على وزن سليم. تشير نتائج الأبحاث إلى أنه بعد الجراحة لعلاج السمنة المفرطة، حوالي %86 من أولئك الذين عانوا من الوزن المفرط ومن توقف النفس أثناء النوم، تم شفائهم تماما من المشكلة.
تظهر الأبحاث الميادية الأخرى أن الهبوط بالوزن يؤدي بشكل مباشر لتحسن المشكلة. في بحث طبي دام حوالي 3 ٍسنوات بمشاركة مجموعة من مرضى السمنة المفرطة وتوقف النفس أثناء النوم، قام المشتركون بحمية 600-800 كالوري باليوم وانزلوا بالمعدل حوالي 10 كيلوجرامات من وزنهم الشخصي. عندما قاموا باختبار تنفس أثناء النوم، تقييم إداء القلب ومستويات الأوكسجين بالدم، اتضح أن ثمة تحسن واضح في مؤشرات ضغط الدم المفرط، إضافة إلى مستويات الأوكسجين بالدم.
انتبهوا! إن احتمال أن يعاني الأشخاص ذوي الوزن المفرط من انقطاعات بالنفس أثناء النوم ، مرتفع جدا. من أجل تقليل حجم المشكلة من المهم جدا تخفيض الوزن بشكل كبير وبالمقابل التوجه لتشخيص وعلاج المشكلة التي تؤدي لهبوط بجودة النوم، جودة الحياة ورفع مخاطر الإصابة بمجموعة أمراض وبينها أمراض القلب والجلطة الدماغية.