في مصطلح الرّمز بقلم رشدي الماضي

مراسل حيفا نت | 21/10/2021

     

 في مصطلح الرّمز بقلم رشدي الماضي

   يقرأ النّقد المنهجيّ الحقيقة في ماهيّة الإبداع، حين يذهب إلى أنَّهُ ما دام الإنسان لا يموت إلّا لينبعثَ مِن جديد، حيث يجعل “الموت” يتحوّل إلى فلسفة حياة في العمل الأدبي…

   فالحياة، كما نؤمن، جديرة بأن نحياها، لكن لا يمكن اقتناصها، ألّا إذا مات ما ينبغي موتهُ فينا، فلا بُدَّ من هدم السَّاكن، الرّاكد، المُسْستَسْلم، الخانع، الذَّليل فينا، نعم! أَنْ يموت لينبعث المستقبل كرمز مُمْكن لحياة جديدة…

   فأذا اخترنا غسَّان كنفاني نموذجاً مِن خلال قراءَة مُعَمَّقَة تتميَّز بالانفتاح على التّأويل، واعتبارها وسيلةً لإنتاج الدّلالة والرَّمز، نُسارعُ إلى القول:- بأنَّ “المُخيَّم” في أدبِهِ، شكَّل “رمز العجز” الذي يغلّ العقل والجسد، فلا يُمكن فَكَّ صَلسَمِهِ إلّا بانبعاث رمز جديد الذي سيكون لاحقاً صناعة الوعي الثَّوريّ الذي لا يُبْقي “الصَّحراء” تلْتَهِمُ الفَارين إليها، لكونها رمز الوجود الذي لا يملكُ مصيرَهُ…

   وحتّى نتمكَّن مِن مقول القول

الدّلالي الرّمزي في سرد مبدعنا الكبير طيَّبَ اللّه تراهُ… لا بُدّ مِنَ الإشارة إلى أنَّ تتبُّعَنا لأَعمالهِ القصصيّة والرّوائيّة واستقراءَنا للروئية المعرفيّة والجماليّة فيها، يدفعنا لاستنباط تَصوّر يسمح لنا بالحديث عن مرحلتين في تطوّر رؤية ابداع غسَّان للعالم…

   ولا يخفى على دارس أدبهِ أنَّ سنة 1966  التي صدرت فيها روايتاه: “الشَّيء الآخر” وما تبقّى لكم، شكَّلت مرحلة انتقاليّة بين رؤيتين.

   وهما الرؤية التي تنتظم البُنْية التّكونييّة الدلاليّة لروايتِهِ “رجال في الشَّمس”1963, وقد جاءَت استمراراً للرؤية التي تنتظم مجموعتهُ القصصيّة:”موت السَّرير رقم 12 “1961, وهي أولى مجموعاتهِ القصصيّة التي تنحو منحى طرح التّساؤلات المجرّدة حول الوجود الانساني، من خلال تعميم المآزق الفرديّة، ومواجهة الإشكاليات الانسانيّة…

   فالإنسان يواجه مصيره كوضع، لا كشرط، كوجود انطولوجي لا كوجود تاريخي، وكفرد لا كطبقة… وعليه، فقد أصبح شَقَاهُ ” البطل” شَقَاءً انطولوجيا، وعزَّزت المأساة الفلسطينية هذا الإحساس المأزقي… وزادت مِنْ حِدَّة شعور الانسان الفلسطيني بأَنَّهُ وحدهُ مقذوف في “صحراء” هذا العالم الذي فَقَدَ ضميرَهُ، فترَكَهُ في “العَرَاء” لا يملك سوى مأساتهِ…

   لكنَّهُ، لم يتركها تسحقهُ، حين حَوّلها إلى ملحمة كفاحيّة، ورمز لقيامِهِ مِن “مَوْتِهِ” في “صحراء” الوجود…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *