ذكرى مولد الرسول محمد ( 1443 هجري )

بقلم الشيخ رشاد أبو الهيجاء

تحل علينا بالخير والذكريات الطيبة ذكرى مولد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم يوم الثلاثاء الواقع بتاريخ 12 ربيع الأول لعام 1443 هجري الموافق 19/10/2021 ميلادي لذا نقول للجميع كل عام وانتم بخير ونفتتح بما قاله العباس بن عبد المطلب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم :

وأنت لما ولدت أشرقت الأرض  وضاءت بنورك الأفق

فنحن من ذلك النور في الضياء     وسبل الرشاد نخترق

فرسول الله ولد يوم الاثنين من ربيع الأول من عام الفيل ويؤكد ذلك السنة النبوية والسيرة العطرة فعن الصحابي قتادة قال : سئل رسول الله عن صوم يوم الاثنين فقال ( فيه ولدت , وفيه أنزل علي ) وقال الصحابي قيس بن مخرمة ( ولدت أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفيل ) وقال ابن عبد البر ( ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد قدوم الفيل بشهر , وقيل بأربعين يوما , وقيل بخمسين ) وهذا التاريخ له دلالات واضحة أن مولد رسول الله معناه مولد امه جديدة بفكر جديد ومنهج جديد يبشر بالخير  وكيف لا يكون ذلك وربنا يمدح رسوله محمد ويقول له ( وما أرسلناك الا رحمة للعالمين ) وقال ( وانك لعلى خلق عظيم ) وجعل ذكره مرتفع الى يوم القيامة فقال ( ورفعنا لك ذكرك ) فمولد رسول الله كان في نفس العام الذي قرر فيه ابرهة الأشرم هدم الكعبة المشرفة ليصد الناس من الحج اليها وليحجوا الى معبده الذي بناه وقد تصدت له القبائل العربية متفرقة فهزمهم حتى وصل الى الكعبة فأرسل الله على ابرهة وجيشه طيورا ترميهم بالحجارة الصغيرة والتي بإذن الله كانت تخترق اجسامهم وتقتلهم ذكر ذلك القرآن الكريم ( الم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل * الم يجعل كيدهم في تضليل * وأرسل عليهم طيرا أبابيل * ترميهم بحجارة من سجيل * فجعلهم كعصف مأكول ) فحماها الله لتكون المهد الذي يولد عليه الرسول والأرض التي يتربى عليها وإنطلاقة رسالته تكون في أشرف بقاع الأرض وهذه الحادثة تؤكد حالة التشرذم التي كانت عليها القبائل العربية قبل الإسلام والتي وحدها رسول الله برسالته وكلما ابتعدت عن وحي رسالته تقطعت اوصارها والواقع اليوم يشهد على ذلك , فمن مقدمات مولد الهادي رؤيا رأتها أم النبي أمنة بنت وهب وقصتها على قومها وشاع خبرها فقد رأت نورا أضاء لها قصور الشام  وأكد ذلك الذي لا ينطق عن الهوى لأبي أمامة حين سأله قال : قلت يا نبي الله ما كان أول بدء أمرك ؟ قال : نعم أنا دعوة أبي إبراهيم , وبشرى عيسى , ورأت أمي حين حملت بي أنه خرج منها نور أضاء لها قصور الشام ) فكما هو معلوم أن إبراهيم عليه السلام رفع القواعد من البيت العتيق ( الكعبة المشرفة )  وبعد فراغه من البناء قال ( ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم * ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة وأرنا مناسكنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم * ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلوا عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم ) أما بشرى عيسى عليه السلم فقد جاء في كتاب الله ( وإذ قال عيسى ابن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله اليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد ) وأحمد اسم من أسماء رسول الله فعيسى عليه السلام بشرت به التوراة ليكون آخر أنبياء بني إسرائيل وعيسى عليه السلام بشر بمحمد عليه الصلاة السلام وتقول السيرة أن أهل الكتاب كانوا على علم بمولد رسول الله زمانا ومكانا فعن حسان بن ثابت شاعر الرسول قال والله إني لغلام يفعة ابن سبع سنين أو ثمان أعقل ما سمعت إذ يهوديا يصرخ بأعلى صوته على أطمة ( حصن ) بيثرب : يا معشر يهود حتى اجتمعوا إليه قالوا : ويلك ما لك ؟ قال : طلع الليلة نجم أحمد والذي ولد فيه ) وقال زيد بن عمرو بن نفيل قال لي حبر من أحبار الشام ( قد خرج في بلدك نبي , أو هو خارج , قد خرج نجمه , فارجع فصدقه واتبعه ) كما قدمت فمولد رسول الله كان له الأثر العظيم حيث تبعته البعثة التي أحيت نفوسا ماتت وأضاءت بصائر أظلمت وفتحت عقولا طمستها ظلمة الجاهلية فحررت العقول من عبادة الأشخاص والأصنام التي ينحتونها بأيديهم ليعبدوا الله الواحد الاحد لذا بدأ رسول الله دعوته بقوله للناس ( قولوا لا إله إلا الله تفلحوا ) ثم أنار بصائرهم ومنعهم من الظلم والانتصار الى العصبية فقال ( دعوها انها منتنة ) ورآهم على أبشع صورة من امتهان المرأة صغيرة وكبيرة فقل لهم ( ما أكرمهن الا كريم وما أهانهن إلا لئيم ) وقال ( استوصوا بالنساء خيرا ) وأما وهن صغار فكان (اذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب ألا ساء ما يحكمون ) فمنع هذا الفكر الجاهلي لقول الله ( وإذا الموءودة سئلت بأي ذنب قتلت ) وغيرها من عادات ابطلها الإسلام بمولد رسول الله وبعثته قال تعالى ( قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين * يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام يخرجهم من الظلمات الى النور بإذنه ويهديهم الى صراط مستقيم ) لذا كتب الله الفلاح لمن آمن به واهتدى بهديه قال تعالى |( فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون )